بعد مرور قرابة ثلاث سنوات على تحريرها من ميليشيات الموت والخراب - المتمثلة في جماعة الحوثي المدعومة من طهران، وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح - مازالت مدينة عدن تحاول لملمة جراحها للعودة إلى الحياة من جديد، كعادتها في كل المنعطفات المؤلمة التي مرت بها خلال العقود الماضية، فقد عرفها سكانها والعالم مدينة لا تعرف الانكسار ولا تخضع للملمّات.
تشهد عدن اليوم عاصفة من الإخفاقات الحكومية من عجز في تطبيع الحياة في المدينة، وتأمين احتياجات ساكنيها من كهرباء وماء وخدمات أساسية ، وإعادة الخدمات الى أحيائها، و إيواء النازحين الذي تدمرت منازلهم أثناء الحرب ، فبعد قرابة الثلاث سنوات من الحرب العدائية المدمرة التي انتهجتها ميليشيات جماعة الحوثي لم يستطع مئات الأسر العودة إلى منازلهم .
فإضافة للوضع المعيشي المتردي يعاني المواطن في العاصمة عدن من كمية أزمات باتت تشكل عائقاً تجاه المواطن البسيط ، انطلاقاً من تراكم النفايات المنزلية وطفح المجاري في شوارع العاصمة وارتفاع سعر مادتي الديزل والبترول ، والتي تعتبر العمود الفقري للمواطن في عدن ، وعجز على توفيرها للسوق بانتظام .
لا حاجة لتعداد المؤشرات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والحياتية التي تراجعت وتتراجع منذ سنوات في ظل حكومة "شرعية" عاجزة حتى على توفير الممكن ، بينما الفساد ينهش جسد الدولة المريض وبعثرة للمال العام في خضم مماحكات سياسية جعلت وزراء في الحكومة يتناسون مهامهم ويتحولون لمغردين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
استطلاع "صوت المقاومة الجنوبية" / خاص
في ظل هذه الأوضاع المتردية للخدمات ، والانهيار المفاجئ العملة اليمنية ، وارتفاع المواد الغذائية والمشتقات النفطية.. "صحيفة صوت المقاومة الجنوبية" قامت بعمل استطلاع للرأي العام في العاصمة عدن لعدد من الناشطين من أجل معرفة الوضع المادي للمواطنين في ظل الارتفاع الجنوني للمواد الغذائية والمشتقات النفطية وتردي الخدمات الأساسية التي أصبحت تشكل عائقاً على حياة المواطنين في عدن.
*المواطن ضحية التسعيرة الجديدة للمشتقات النفطية*
الطالب في كلية الآداب / غمدان الشعيبي ، يقول : "ارتفاع أسعار المشتقات النفطية أمر دخيل يصيب حركة السير في المحافظات المحررة بـ(الشلل النصفي) بعد ارتفاعه بصورة جنونية، واعتماد التسعيرة من قبل شركة النفط خاصة في المحطات الحكومية أو الخاصة قد يصبح المواطن في عدن ضحية فداء في ظل ارتفاع المواد الغذائية وغيرها ؛ فحين فوجئنا بالتسعيرة الجديدة للمواد النفطية قد يضطر سائقو الأجرة الذي يعتبرون مركباتهم مصدر دخل لتغطية احتياجاتهم إلى رفع الأجرة على المواطنين بعد أن شكى الكثير من حدة دفع الأجرة للباصات المتنقلة في أحياء العاصمة عدن في ظل التسعيرة القديمة، وهذا الأمر قد يكون عاملا مؤثرا للمقيمين في عدن من طلاب ومرضى وغيرهم عندما ينصدمون بتردي الوضع إلى أسوأ ما كان بالماضي . قد يضطر الكثيرون للهروب من أشغالهم وترك مجالاتهم المختلفة خصوصا الطلاب الذين لم يجدوا ما يكفيهم من نفقة ذاتية غالباً لا يجدها فلا تتوافر اليوم معهم بقدر ما يكفيهم فيضطرون للعودة إلى مناطقهم خوفاً من ذلك"..
*تردي الخدمات في عدن يزداد سوءاً يوما بعد آخر*
دنيا حسين فرحان ، صحفية بـ"عدن الغد" ، قالت :" بالنسبة للأوضاع وترديها في عدن نلاحظ أنه من بعد الحرب الأخيرة على عدن من قبل مليشيات الحوثي الكل استبشر خيراً بعد التحرير ، وتوقعنا أن تكون عدن أفضل من السابق ؛ لكن للأسف تفاجأنا من تردٍ كبير من قطاع الخدمات (الكهرباء المياه الاتصالات والمشتقات النفطية) وارتفاع سعر الدولار المفاجئ سبب كارثة كبيرة خصوصا في هذه الأيام".
وأضافت دنيا حسين فرحان : " الكل يعرف أن أزمة الرواتب مازالت مستمرة ، والراتب هو المصدر الوحيد الذي يعتمد عليه المواطن ويبحث عن لقمة عيشه ، فإذا تأخر الراتب أكثر من شهر أو شهرين فهذه مشكلة ، لما يعيل من أسرة وإيجار وتكاليف ومصاريف الشهرية وعلاجات ؛ لذلك يصبح المواطن لا يستطيع أن يعيل أسرته أو توفير أبسط الاحتياجات ومتطلباته وحقوقه".
وأشارت : "بخصوص انقطاعات المياه ، بعض المنازل في عدن لا توصل إليهم المياه لمدة أيام وبعضها أشهر ، وفي بعض المناطق في عدن يعانون من عدم وصول المياه إلى منازلهم".
وأردفت : "أما المشتقات النفطية فنلاحظ طوابير المواطنين على المحطات البترول والديزل مستمرة والمعاناة تتزايد ولم نلاحظ فترة اختفاء هذه الطوابير عن المشتقات النفطية ، وحاليا وصول سعر الدبة البترول (7 ألف) هذا شيء جنوني! ، والمشكلة الكبيرة أن الحكومة إلى حد الآن لا تستطيع أن تعمل أبسط الحلول ومعالجتها ولا تستطيع أن توفر أبسط الحقوق للمواطنين في العاصمة عدن".
*عدن تفتقر لأبسط الخدمات الأساسية*
مواطنة في عدن / مرام السرور، تقول : " إن العاصمة عدن تفتقر لأبسط الخدمات الأساسية والضرورية التي يجب تواجدها وبشكل مستمر ومتواصل وبدون انقطاع مثل الكهرباء والماء والمشتقات النفطية ، وكثير من المستلزمات الأساسية للحياة جعلت من المواطن ضحية بسبب غيابها".
وأضافت مرام : " إن التسعيرة الجديدة المشتقات النفطية فتح سوقاً سوداء للحكومة على المواطنين ، فبعض المواطنين لا يمتلك حق المواصلات فكيف يستطيع أن يأخذ هذه المشتقات النفطية والتي تعتبر أسعارها جنونية يراد منها إهلاك وإخضاع المواطن لعديد من الأزمات من أجل الحصول على كثير من الأموال للمسؤولين على هذه الشركات والمؤسسات الحكومية؟!".
*الحكومة الشرعية هي رأس الحربة في صناعة الأزمات وترديها في عدن*
الناشط الإعلامي في عدن علي عسكر يقول :" أرى أن الحكومة الشرعية هي رأس الحربة في صناعة الأزمات وتردي الخدمات في عدن والمحافظات المحررة ، فهي المسؤولة عن تطبيع الأوضاع وتوفير الخدمات للمواطنين ولكنها ظلت هاربة من تحمل هذه المسؤولية خلال الثلاثة الأعوام منذ التحرير" .
وأضاف علي عسكر : "للأسف نجد أن الأزمات وحالة المعيشة الصعبة التي يعاني من المواطن في عدن وغيرها تتضاعف يوما بعد آخر جراء تنامي الفساد الحكومي وعدم الشعور بالمسؤولية".
*حكومة خريجي صالح للفساد*
وأشار علي عسكر : "ما يزيد الطين بلة هو التراشقات بالاتهامات بين مسؤولي الحكومة ، فالبنك يحمّل رئاسة الوزراء تدهور العملة ، والنفط تحمّل البنك المركزي ارتفاع أسعار المشتقات النفطية ، والتجارة تحمل النفط ارتفاع أسعار المواد الغذائية وهكذا .. ما يدل على أن منظومة الفساد متكاملة وكل واحدة تكمّل الأخرى! .. ولن تستطيع الحكومة أن تعمل شيئاً في وضعها الحالي المفخخ والمثقل بالفساد والمفسدين ، ومعظم هؤلاء من خريجي أكاديمية صالح للفساد" .