وادي حضرموت أحد الأودية الكبيرة في جنوبنا الحبيب ، مطلع الأسبوع الماضي خرج الآلاف من أبنائه في مظاهرة حاشدة لتسليم أمن مدينتهم إلى قوات النخبة الحضرمية أسوة بالمناطق الساحلية وطرد القوى الشمالية خاصة بعد الاغتيالات وحوادث القتل المتكررة.
القوى الشمالية التي لا تزال متمترسة بوادي حضرموت في المنطقة العسكرية الأولى وأرجاء الوادي بتوجيهات من علي محسن الأحمر قال متظاهرون بأن صبرهم نفد بعد علمهم بأنهم يؤوون عناصر إرهابية متشددة ، وطالبوا بطردهم من الوادي.
ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بسرعة تسليم أمن الوادي إلى قوات النخبة الحضرمية التي أثبتت نجاحها في مناطق الساحل حيث تم تثبيت الأمن والاستقرار منذ سيطرتهم على الساحل وطرد تنظيم القاعدة.
*قوات بأيدلوجيات حزبية*
رفْض المتظاهرين للقوات الشمالية والمتواجدة بالمنطقة العسكرية الأولى بوادي حضرموت ، جاء وسط اتهامات لتلك القوات بـ”التبعية لحزب الإصلاح جناح الإخوان في اليمن‘‘ ، حيث اتهم المتظاهرون تلك القوات بالتواطؤ مع الإصلاحيين لزعزعة الأمن والاستقرار في المجتمع.
كما اتهمت تلك القوات بـ”إيواء عدد من عناصر التنظيمات المتشددة؛ عقب هروبهم من المكلا ومدن الساحل، إبان حملة عسكرية واسعة شنتها قوات النخبة الحضرمية، وبإسناد من التحالف العربي، منتصف العام 2016م‘‘.
*تحركات عسكرية مشبوهة*
وما يثير الشك والريب في تلك القوات لقاءات جنرال الحرب علي محسن الأحمر ، وهو أحد المتهمين بقيادة الإرهاب في اليمن ، بقيادات عسكرية رفيعة في وادي حضرموت وسيئون ضمن تحركاته المشبوهة ضد النخبة الحضرمية وتقسيم الجنوب.
ويواصل الأحمر تحركاته العسكرية الغامضة في مدينة سيئون بوادي حضرموت، وذلك بالتزامن مع سعي حكومة الشرعية افتعال الأزمات المتكررة في ملف الخدمات ، ويأتي ذلك وسط صمت رئاسي مطبق من قِبل رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي.
كما التقى الجنرال الأحمر في شهر مايو المنصرم مع قيادة قوات الشرطة العسكرية بوادي حضرموت ، و اللجنة الأمنية ، وأطلق الأحمر تصريحات مستفزة للجنوب.
وقال: "إن حضرموت نموذج منفرد من العقل والحكمة وتتقدم خطوات نحو التأسيس لدولة اتحادية مكونة من ستة أقاليم واتفق عليها كل أبناء اليمن، وإنه يجب مساندة تواجد الشرعية والتصدي لكل ما يهدد وجودها، وهو الأمر الذي يعارضه أبناء الجنوب المطالبين باستعادة دولتهم الجنوبية التي كانت قائمة قبل عام 90م".
ويعمل الأحمر على تفكيك اللحمة الوطنية الجنوبية إضافة إلى زرع الإرهاب ودعمه في محافظات الجنوب لزعزعة الأمن والاستقرار واستهداف القيادات الجنوبية المناوئة لحزب الإصلاح والتدخل الشمالي في الأراضي الجنوبية.
ومن خلال عملاء الإصلاح والمنتسبين إليه في محافظة حضرموت ، يحاول الأحمر السيطرة الكاملة على وادي حضرموت بكل مديرياته بعد حملة تصفية لجنود النخبة الحضرمية وعلماء في المنطقة كان لهم الفضل في تثقيف الناس وتوعيتهم بالسلام.
*تصاعد الاغتيالات وانفلات أمني*
وتتصاعد عمليات الاغتيالات في وادي حضرموت مؤخرا إلى حد غير مسبوق، مع دخول المواطنين العاديين في دائرة المستهدفين إلى جانب منتسبي قوات الجيش والأمن، من دون إيجاد حل للانفلات الأمني من قبل الحكومة والسلطات المحلية في المحافظة.
وحضرموت كبرى محافظات الجمهورية، تنقسم إدارياً إلى قسمين، الساحل ويتكون من 10 مديريات من ضمنها مدينة المكلا مركز المحافظة، ووادي حضرموت ومركزه مدينة سيئون يتكون من 18 مديرية، ويعامل من قبل السلطات المركزية كمحافظة مستقلة، إذ أن كل مكتب تنفيذي للوزارات بمدينة المكلا عاصمة المحافظة يقابله مكتب مماثل في مدينة سيئون حاضرة وادي حضرموت.
وبينما يشهد ساحل حضرموت تحسناً أمنياً ملحوظاً مع انتشار قوات الجيش والأمن التي تشكلت خلال العامين الماضيين، يعاني وادي حضرموت من انفلات أمني أثار الرعب في أوساط المواطنين، في ظل حالة من التسيب يعيشها جهاز الأمن.
ومنذ انطلاق ثورة 11 فبراير الشعبية في 2011، التي أطاحت بالرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، شهدت مدن وادي حضرموت انفلاتاً أمنياً غير مسبوق مع تصاعد الاغتيالات التي استهدفت القادة العسكريين والتي غالباً ما يتبناها تنظيم القاعدة، لكن الأشهر الماضية شهدت تطوراً جديداً مع تحول الاغتيالات صوب مواطنين عاديين.
*مجرمون بدون عقاب!*
ساعدت الطبيعة الجغرافية لوادي حضرموت ، ذي المساحة الشاسعة والوديان المتفرعة القريبة من المدن ، على تنفيذ جرائم الاغتيالات والفرار بسهولة، إضافة إلى حالة التسيب التي يعانيها جهاز الأمن العام بالمديريات، فمركز الأمن بمديرية شبام لا يزال مدمراً بفعل تفجير استهدفه منذ سنوات، أما مديرية القطن فجهاز الأمن فيها معطل ولم يعد يمارس سوى معاملات مصلحة الأحوال المدنية.
*زعماء القبائل يلتقون*
وعلى وقع الاختلالات الأمنية، التقى زعماء قبائل من وادي حضرموت قبل أيام محافظ المحافظة اللواء ركن / فرج سالمين البحسني في مدينة المكلا ، وكرّس اللقاء للوقوف على الجانب الأمني ووضع حد لعمليات القتل والسطو التي يعانيها الوادي، ووعد البحسني بإيجاد حل للمشكلة.
وفي السياق، قال مسؤول رفيع المستوى في وادي حضرموت، فضّل عدم ذكر اسمه، إن ‘‘الاختلال الأمني في الوادي يعود إلى تعطيل مراكز الأمن في كثير من المديريات وبقاء أفرادها في منازلهم منذ سنوات، وعدم وجود مساعٍ جدية من الجهات الأمنية لإعادة تفعيلها’’.
*ناشطون ينفذون حملات إعلامية*
انطلقت على مواقع التواصل حملة إعلامية تطالب بتسليم وادي حضرموت لقوات النخبة الحضرمية بعد زيادة الإرهاب وإزهاق أرواح المدنيين والعسكريين في وادي حضرموت.
وأطلق ناشطون هشتاقات مطالبين فيها بطرد قيادة المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت وتسليمها لقوات النخبة الحضرمية بعد الانفلات الأمني الذي حدث في وادي حضرموت.
*المجلس الانتقالي الجنوبي يتدخل*
وأمهلت قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي في مديريات وادي حضرموت قوات المنطقة العسكرية الأولى أسبوعين لا غير من أجل لملمة أمورهم ومغادرة المنطقة لتحل قوات النخبة الحضرمية محلها وتتسلم مهام تأمين المنطقة.
ونظمت القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بوادي حضرموت بالتنسيق مع القيادة المحلية بالمحافظة ، وقفة احتجاجية نفذها المئات من أبناء وادي حضرموت وصحرائها للمطالبة بإحلال قوات النخبة الحضرمية في وادي حضرموت ووقف أعمال القتل والاغتيالات والمطالبة بإصحاح خدمات المواطنين.
وحَمَلَ المتظاهرون في الوقفة التي انطلقت من منصة الشهداء بسيئون وصولاً إلى الديوان الحكومي لوكيل محافظة حضرموت، لافتات وشعارات كتب عليها عبارات : (لا للنهب .. لا للسرقة.. لا للفساد.. ، نطالب بإحلال قوات النخبة الحضرمية لضمان الأمن ووقف مسلسل القتل .. ، نحمل السلطة المحلية والأجهزة الأمنية والعسكرية مسؤولية الانفلات الأمني والقتل اليومي في وادي حضرموت .. ، رعاية الإرهاب هو أن يتم الاستيلاء على مزارع وأراضي المواطنين بقوة السلاح تحت أنظار السلطة .. ، إلى متى يستمر الانفلات الأمني والقتل اليومي في وادي حضرموت؟!.. ).
إلى ذلك، أصدر رؤساء القيادات المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمديريات وادي حضرموت بياناً أثناء الوقفة طالبوا فيه بتسليم الأمن في وادي حضرموت لقوات النخبة الحضرمية، بصفتها قوات أمنية أثبت منتسبوها جدارتهم في حفظ الأمن في مناطق الساحل، ونشرها في ربوع وادي حضرموت بما في ذلك حماية منفذ الوديعة، داعية قيادة دول التحالف على رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والرئيس عبدربه منصور هادي ومحافظ المحافظة قائد المنطقة العسكرية الثانية القيام بواجباتهم ودورهم المأمول في تحقيق وتنفيذ المطالب وإعادة النظر بعين فاحصة لمكامن الخلل والفشل التي أدت إلى تدهور لحالة الأمنية والمعيشية والإصغاء إلى أصوات المواطنين في وادي حضرموت الذين ضاقوا ذرعاً من هذا الوضع.
وأشار البيان بأنه سيتم مراقبة الوضع وإمهال المعنيين من أصحاب القرار مدة (أسبوعين) من تاريخه وإلا فإنه ستقام خطوات تصعيدية في حال عدم الاستجابة لمطالب المشاركين في الوقفة يليها اعتصام شعبي سلمي مفتوح يتضمن مسيرات شعبية سلمية، آملين الاستماع لصوت العقل والحكمة وتحقيق هذه المطالب، لأن التصعيد لن يكون خيارا في حالة عدم الاستجابة، بل سيكون أمراً لابد منه، فرضه الواقع ، ومطلب وعمل شعبي بإدارة شعبية ، وعندها ستكون جميع خيارات الشارع في التصعيد مفتوحة.