يعجز المرء أن يعبر عن هذا المشروع الخيري الإنساني العملاق الذي حل كثيراً من الأزمات الأسرية ، ومد يد العون للمحتاجين والمعوزين والفقراء في زمن شحت فيه الدخول وتأخرت فيه الرواتب وكثرت فيه الأسر الفقيرة واليتامى والأرامل بسبب الحروب والفوضى العارمة التي شلت إقتصاد البلاد والمجتمع والأسر .
أفران عدن الخيرية سدت مسد الدولة حين غابت الدولة عن مد يد العون لأصحاب ذوي الدخل المحدود والمعدمين ، وكانت بمثابة الفزعة والنجدة لإنقاذ آلاف الأسر من الجوع والضياع ومواساة تلك الأسر بما جاد فيه أهل الخير من ذوي الأيادي البيضاء الذي بصماتهم مشهود لهم بكل ميدان ، هم مجموعة من التجار والشباب معروفون عودونا دائماً على العطاء بلا حدود لإرضاء رب الوجود ، يعملون بالليل والنهار بدون كلل أو ملل بعيداً عن الأضواء والرتوش والدعايا والإعلام ممتثلون قول الله تعالى : '' إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا ''
بدأت الفكرة من شباب طموح لامس معاناة الناس بسبب فحش الغلا وإرتفاع الأسعار وشحت إمكانات الأسر المتعففة، فاجتمعوا في بيت أحد الإخوة الصالحين لا يتجاوز عددهم السبعة النفر ، جمعهم العقل المفكر ورجل الخير والملمات الشاب '' فهد '' وعرض عليهم الفكرة التي كانت شبه مستحيلة في ذلك الوقت وعرض عليهم المشروع والدراسة التفصيلية وخطة العمل والتكلفة الإجمالية وعدد الأسر المستهدفة مبدأيا ، وكان يجيب على كل تساؤل بعد أن نسق مع رجال الخير لعلاقاته الواسعة بهم المبنية على الثقة المطلقة لأنه أثبت جدارته في مشاريع خيرية ووطنية وإنسانية سابقة.
فتحمل على عاتقه هذه المهمة الصعبة والثقيلة وبدأ إتصالاته الواسعة بكل الأطراف الداعمة والعاملة وذات الشأن وتجشم عنا السفر الى عدن ليشرف هو بنفسه ويقف على متطلبات المشروع وكان حقا ''رجل بآلاف من الرجال '' يوم نجاح المشروع وافتتاحه كان يوم عيد بالنسبة لأهل الخير والإخوان العاملين جميعاً وللأسر المستهدفة دخلت فيها الفرحة إلى كل بيت بدخول اللقمة إلى بطون المحتاجين!
لم يكتف القائمون على المشروع والداعمون بالوقوف عند هذا الحد بل عملوا وفق أسس مرحلية وخطط مستقبلية ليس لها حدود! فبدأوا باستهداف مناطق أخرى لم تشملها المرحلة الأولية وطوروا عملهم وأضافوا كثيراً من العمال والمعدات والمركبات التي تنقل '' الوجبات اليومية المجانية '' إلى نقاط تجمع يوزعها عاملون إلى كل أسرة .
بعد ذلك النجاح بتوفيق الله تعالى ثم بالجهود الحثيثة لأهل الخير والشباب العاملين والإدارة المتميزة انتشر صيت المشروع الإنساني الخيري فتداعى كثير من رجال الخير والتجار والصرافين لعمل حملات دعم لأفران عدن ومن ثم بدأت مرحلة أخرى من العمل خارج عدن وفتح فرعين للأفران : '' في مدينة لحج الحوطة وفي مدينة جعار '' نسأل الله أن يكلل تلك الجهود بالنجاح والقبول والديمومة والاستمرارية.
كذلك تم توزيع السلة الرمضانية على المحتاجين وتوصيلها إلى كل بيت! فأي قوم أولئك الخيريون وأي جهد يبذلونه دون كلل أو ملل أو تافف ، إن الواحد منا يقف متعجبا وشاكرا وداعيا لهولاء الأبطال الرجال الصادقين الذي صدقوا ما عاهدوا الله عليه
وفي أول يوم من الشهر المبارك تم تدشين '' حملة إفطار صائم '' والقائمون عليها هم أولئك الخيرون الذين عودونا على السباق إلى ميادين الخير والعطاء والتعاون والتراحم والتكاتف والتكافل ، رأيناهم داعمين للجبهات والمدن والمستشفيات وبناء المدارس وترميمها وتثبيت الأمن في مديريات يافع وصل خيرهم إلى مناطق شتى في كثير من البلاد .
ومن خلال هذه المناسبة أود أن أوجه رسائل إلى جهات عدة في الداخل والخارج وأقول لهم إن هولاء الخيرون قد تسابقوا إلى بطون الجوعى والمعوزين والمعدمين في زمن تسابق غيرهم على المصالح الدنيوية وعلى الاستحواذ على مقدرات الدولة البسط على الأراضي والممتلكات العامة والكراسي والمناصب! عملوا بقول الله تعالى : وفي ذلك فلييتنافس المتنافسون.
هؤلاء هم صناع الحياة في زمن يصنع في الفاسدون والطغاة والقتلة الموت وينشرون الرعب والقتل والفوضى! هؤلاء هم من ينشر النور ويبعث الأمل وغيرهم ينشر الظلام وياجج الفتن ويصدر الأزمات ، هولاء هم البناة لما هدمته أيادي التخريب والفوضى.
ندعوا في هذه المناسبة إلى دعم ذلك المشروع بالمال والأفكار والكفاءات وتعميمه على كل مناطق الوطن ، وإنشاء مشاريع مماثلة تحد من البطالة بين الشباب وتقلل من الفقر المستشري في المجتمعات وتؤي كثيراً من المشردين ، وتأخذ بيد كثيراً من المنحرفين! فإن الخير باق وأهله باقون وبلادنا محفوظة بحفظ الله ، وقليل من العمل يخلق فرصة كبيرة وضخمة من الإنتاج ، فما علينا إلا كسر المراوحة وتدوير الأفكار والسعي والمجهادة في العمل حينها سننجح كما نجح أولئك الخيريون في هذا المشروع الإنساني والخيري الكبير .