د. علي صالح الخلاقي
نامت عدن ليلة البارحة على وقع جريمة شنيعة وبشعة، طالت (نجاة عدن) الأكاديمية الدكتورة نجاة على مقبل، عميدة كلية العلوم بجامعة عدن وولدها المهندس سامح وحفيدتها الطفلة الصغيرة، فصحت عدن على وقع هذا النبأ الكارثي، الذي كان وقعه مزلزلاً واهتزت له كل الضمائر الحية..
لعل ما مكّن القبض على القاتل بسرعة قياسية هو أن طقما عسكريا كان ماراً بالصدفة على مقربة من موقع الجريمة في حي إنماء، فلاحق المجرم الذي حاول الهرب بعد أن ألقى بسلاحه القاتل ولجأ إلى شقته، فتمت مداهمته والقبض عليه، ولو لم يكن أفراد الطقم العسكري مارين بالصدفة، لقُيدت الجريمة ضد مجهول..كما هو الحال في جرائم كثيرة مماثلة..وهذا يبيّن أهمية وجود الدوريات الأمنية الثابتة والمتحركة في أحياء المدينة التي ينبغي أن تُقسم إلى مربعات أمنية..وغرفة عمليات مشتركة، وتفعيل مراكز الشرطة والقضاء..الخ.
إن هذه الجريمة البشعة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل انتشار ظاهرة (السلاح العشوائي) الذي أصبح محمولاً على أكتاف كثيرين ممن هب ودب، يتحركون به في الشوارع أو على ظهور الدراجات النارية، عياناً جهاراً وكأنه جزءاً من زينتهم أو مدعاة للمباهاة والمفاخرة، والأخطر من ذلك اقتران حمله لدى بعض الشباب بإدمان (المخدرات) وهي أكثر خطورة وتقود بدون وعي إلى استخدام السلاح الناري بدم بارد، وارتكاب الجريمة لأتفه الأسباب وبدون إحساس، كما حدث مع نجاة عدن..ليلة الأمس في شقتها..أو كما حدث قبل أيام في مطعم شعبي بالمنصورة..الخ.
لا ننكر الجهود الأمنية التي بُذلت خلال الأعوام الماضية وحجّمت كثيراً من مخاطر الجماعات الإرهابية..لكنها لم تستمر حتى اجتثاث أسباب هذا التدهور كاملة...ولذلك نحتاج إلى عملية أمنية لا تتوقف إلا بالقضاء على المستنقعات الآسنة، الظاهر منها والمخفي في دهاليز المدينة..من خلال منع حيازة وحمل السلاح، كما هو متبع ومعمول في كل عواصم الدنيا،واتخاذ إجراءات عقابية رادعة وفقا للقانون، ولنا في تجربة المكلا خير مثال في هذا المضار.
نقول ذلك لأننا للأسف الشديد أصبحنا في عدن لا ننام إلا على أصوات رصاص منفلت أو حوادث قتل واغتيالات بفعل السلاح المنلفت واختلاط الحابل بالنابل.. فرغم التخمة التي تعانيها عدن من كثرة التشكيلات العسكرية والأمنية التي يجري اعدادها وتدريبها بسميمات مختلفة في معسكرات كثيرة، وكثرة الأطقم التي تتحرك بسرعة جنونية هنا وهناك، كثير منها لمرافقة قيادات، إلا أن المدينة ما زالت تعاني من ضعف أمني وقل الأمن والأمان..فلا نصحو إلا على أخبار تفجير هنا أو اغتيال هناك أو اشتباك بين عصابة ومواطن داهمت قطعة أرضه وهو يؤسس فيها بناء منزله..فما هذا الذي يجري حولنا..وإلى متى يستمر هذا الوضع؟؟وهل من تحرك جاد يحقق لعدن أمنها؟!!
إن على الشرعية أن تعمل شيئا ما يوحي بشرعيتها في شوارع عاصمتها السياسية.كما أن على التحالف الذي يتخد من عدن مقراً لقواته أن يسهم أيضاً في بسط الأمن عبر القوات التي يقوم بإعدادها مثل قوات الأمن والحزام الأمني بما يمكنها من فرض الأمن وانهاء حالة الروغان وعشوائية السلاح المنفلت؟!!..وقبل كل ذلك لا بد من غرفة عمليات مشتركة توحد جهود المؤسسات الأمنية...وليعلم الجميع أن الأمن مطلب للجمع.. شرعية.. وانتقالي ..وتحالف ومواطن.. وزائر وعابر سبيل!!
عدن
16مايو2018م