لا شيء يعدل قيمة الوطن، صحيح ان المال في الغربة وطن، كما يقولون، لكن المال قابل للزوال فيما الوطن باق ما بقيت المعمورة الا لمن يبيع او يفرط كذاك الامير الذي فرط فأنبته والدته شعرا:
ابك مثل النساء ملكا مضاعا.
لم تحافظ عليه مثل الرجال.
وبعض النساء يحملن نخوة اكثر من بعض الرجال من الذين يفرطون في وطن الابناء والاحفاد مقابل منافع زائلة، كمنصب (خيال مآته) او مكاسب قابلة للنفاذ، وسيفيق احدهم يوما ويكتشف هول الفرق بين ضخامة البضاعة وبخس الثمن.. واسألوا من سبق عن ما هو أمر من العلقم.
رحم الله من سبقونا وعلمونا من التجارب والدروس الكثير كواقعة احتماء احدهم بغير اهله ووطنه لينتقم لمقتل اخيه (صالح) الذي قتل ثأرا، فجاء من احتمى بهم وسيطروا على الارض فخلدها لنا التاريخ في بيتي شعر:
يا ذي ذكرت اليوم صالح.
شع قد نديده في العترّة*.
ما عيره* الا شغل مثلك.
ذي جاب له مهرة تضره.
ليس من الحصافة ولا الحكمة ان نحاكم الماضي بمعطيات الحاضر، فالظروف المحيطة التي انتجت احكام الماضي البعيد ليست هي الظروف المحيطة اليوم، ومن لم يتعظ من اخطاء الماضي فهو بحاجة الى مراجعة قواه العقلية (اقولها ناصحا لنفسي اولا وابناء وطني ثانيا ومن يهمهم الاستقرار من اشقاءنا ثالثا) ودروس الامس القريب ماثلة لكل ذي بصيرة من الرئيس البيض الذي أخذ الجنوب بما حمل الى باب اليمن.. الى الرئيس هادي الذي ساندهم في غزو 1994 وجنبهم حرب في 2012.. وكوفؤا بأن اخرجوهم طريدين(البيض وهادي) من نفس الطريق، وتكفي هذه عبرة لمن يظن بروز (نيوب الضواري) ابتسامة او يظن (دموع التماسيح) شفقة وعطف.
عبروا عن رؤاكم كما تشأون دون مصادرة او انكار الراي الاخر، فهذا حق سماوي ووضعي، لكن احتموا بوطنكم واهلكم اولا.. عبروا عن قناعاتكم دون وصاية، لكن اسمعوا لصوت شعبكم في الجنوب الذي دفع دما ودموعا منذ امد بعيد ثمنا للخروج من الوهم القاتل المسمى (وحدة) هذا الوهم الذي اوصل الالم والحسرة الى كل بيت جنوبي بدون استثناء.. لا توجهوا السلاح لصدور بعضكم، فقتل بعضنا اوصلنا الى سوق الملح واُخرجنا منه مطاريد حفاة عراة.. ساندوا الاشقاء في اليمن ليستقروا، لكن ليس على حساب وطنكم وتطلعات شعبكم، وتذكروا اننا مهما استخفينا باقوال (الجدات) فأن ابن العم اولى من الغريب طالما قامت العلاقة (على قاعدة دولة القانون التي تحكم التكافؤ في الحق والواجب).
اقول هذا واستغفر الله لي ولكم.
هوامش:
العترٌة.. المقبرة
عيرة .. عيب