الجنوب… جرح مفتوح في زمن الصمت

الجنوب… جرح مفتوح في زمن الصمت

الجنوب… جرح مفتوح في زمن الصمت
2025-12-23 23:53:30
صوت المقاومة الجنوبية/خاص

كتب/صهيب الحميري

في الجنوب، لم نعِش سنوات عادية، بل عقود من الانكسار المتراكم.عشنا زمن يقاس بعدد الجراح لا بعدد الأعوام، زمن تربى فيه أطفالنا على الخوف بدل الحلم، وعلى الانتظار بدل الأمل. وعلى الموت بدلا الحياة

كان ذلك زمن صمم فيه القهر ليكون منهج والظلم ليكون هوية، والتجويع ليكون أداة كسرطويلة النفس.
سُحقت أحلامنا ببطء متعمد لا بضربه واحدة.
حروب تتناسل، وإقصاء يشرعن، وتهميش يدار بعقل بارد، وتسريح قسري يقتل الكرامة قبل أن يقتل الرغيف، وسجون لا تحبس الأجساد فقط، بل تحبس الأعمار والآمال.

هكذا دفنت الطموحات، لا تحت التراب، بل تحت ثقل الإذلال اليومي انهكت الأمهات حتى صار الدعاء آخر ما يملكن،وتحول الأطفال إلى أيتام وهم أحياء،وانكسر كبار السن وهم يشاهدون تاريخهم يسلب أمام أعينهم، عاجزين عن حماية بيتاً أو أرضاً أو ذاكرة.

أما المجتمع الجنوبي، فقد جرى إنهاكه وتفريغه من وعيه وقيمه، عن قصد لا عن صدفة، ليبقى تابع مكسوى فاقد القدرة على الاعتراض.

وفي خضمّ هذا النزيف، واصلت قوى الهيمنة اليمنية غطرستها، تتعامل مع الجنوب وشعبه كغنيمة حرب، لا كإنسان ولا ككيان.لا أخلاق تردعها، ولا قانون يوقفها، ولا مبدأ يقيّدها.دخلوا بالقوة، صادروا بالتهديد، نهبوا بالسلاح، ودمّروا كل ما يمكن أن يدل على حياة

والأشد قسوة من الجريمة… هو الصمت الذي أحاط بها.صمت العالم الذي يدعي التحضر،صمت المنظمات التي تحفظ الشعارات وتنسى البشر،

صمت الإقليم الذي رأى ولم يتحرّك، وسمع ولم ينصت.كان الصمت تواطؤًا، وكان التجاهل خذلان، وكان النوم على وجع الجنوب مشاركة غير معلنة في الألم.

نحن لا نكتب لنستجدي شفقة،ولا نسرد لنبيع حزناً
نحن نكتب لمن لم يذق طعم القهر، ولم يدفن حلماً، ولم يرب طفل على الخوف والجوع،ليس من حق من لم يدفع الثمن أن يزايد على الجرح،ولا من حق من كان بعيدًا عن النار أن يحدد شكل الحريق.

ولأن الجنوب الذي جرح بعمق، لم بكسر، ولم يمت.
هذه شهادة شعب أُريد له أن ينسى… فاختار أن يتذكر.
وأُريد له أن ينحني… فتعلم كيف يقف، ولو مثقلاً بالجراح.