مجلس القيادة الرئاسي بين مخاطر التحديات وفرص الحلول

مجلس القيادة الرئاسي بين مخاطر التحديات وفرص الحلول

مجلس القيادة الرئاسي بين مخاطر التحديات وفرص الحلول
2025-09-17 19:53:47
صوت المقاومة الجنوبية/خاص

 

كتب/د. يحيى شايف ناشر الجوبعي

  منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، كان الأمل معقودًا على أن يكون هذا الكيان تجسيدًا حقيقيًا للشراكة الوطنية وجسر عبور نحو مرحلة أكثر استقرارًا سياسيًا ومؤسسيًا في اليمن عامة والجنوب خاصة غير أن المجلس اليوم يقف عند مفترق طرق خطيرة وسط تحديات جسيمة وتجاهل متكرر لأدوات الحل المتاحة .
  ومن أبرز التحديات 
غياب بل تغييب لائحة تنظيم العمل مما يؤدي إلى فوضى في آلية اتخاذ القرار بل إن تغييبها كان متعمدا من قبل رئيس المجلس رشاد العليمي حتى يتمكن من الانفراد بالقرار بهدف  الانفراد بالسلطة وتهميش بقية أعضاء الرئاسة .
 ولضمان الاستمرار في الانفراد بالقرار عمد الرئيس العليمي إلى تعطيل هيئة التشاور والمصالحة وحرمانها من دورها المحوري حتى لا تتمكن من تأدية دورها التصالحي الذي يتقاطع مع مبدأء التوافق الذي قامت عليه عملية الشراكة والمناصفة في مجلس القيادة الرئاسي.
  إن تصرفات الرئيس العليمي الغير شرعية لم يكن الهدف منها تعطيل مجلس القيادة الرئاسي وحسب بل تعطيل كل مؤسسات الدولة بل ذهب إلى ما هو أبعد حين تعمد بأن تحدث عملية التعطيل انكماشا في ثقة الشارع بقدرة المجلس وعدم قدرته على أحداث تغيير حقيقي في البلاد .
 وهنا تكمن مخاطر التحدي حين تفقد الناس ثقتها في المجلس كأعلى إطار سياسي صمم لحل مشاكلها وإنقاذها من حافة الفقر والجوع.
 كما أن حالة الركود والجمود التي يعاني منها المجلس بفعل التصرفات الفردية للرئيس العليمي قد قادت إلى تأزم العلاقة بين المكونات السياسية المشاركة في المجلس مما أدى إلى تعطيل المشهد السياسي في البلاد برمتها وفي الوقت الذي يدرك الرئيس العليمي بأن هذه التصرفات الإنفرادية لا تخدم إلا الحوثي وحلفاؤه يزداد تمسكا فيها وهنا تكمن الإشكالية  
هذه التحديات إن لم يتم التعامل معها بجدية ستقود حتمًا إلى نتائج أكثر تعقيدًا على مستوى الأداء والشرعية بل أن الاستمرار في تجاهل هذه المعضلات أو التعامل معها بأسلوب المراوغة والتأجيل لا يعني سوى مزيدا من الانقسام، وتآكل الشرعية السياسية للمجلس وتعميق فجوة الثقة بين مؤسسات الدولة والشارع.
وقد يفتح هذا الانسداد الباب أمام بدائل خارجية تتجاوز إرادة الداخل أو يؤدي إلى حالة تفكك تدريجي للمجلس وفقدان السيطرة على إدارة المرحلة الانتقالية وهو الأمر الذي لا يمكن السكوت عنه ولا سبيل لحله إلا  بإطلاق حوار جاد ومسؤول بين مكونات مجلس القيادة يفضي إلى انجاز آلية تشاركية واضحة وملزمة في صناعة القرار تنهي حالة الجمود القائم وتعيد التوازن الداخلي للمجلس بما يضمن احترام المكونات المختلفة وصوتها ولأهمية هذه الخطوة فأنها  لا تحتمل التأجيل كونها الأساس لأي عملية إصلاح حقيقية داخل المجلس
  وفي سبيل توفير مزيد من الفرص والمرجعيات لضمان حل كل إشكاليات المجلس يتطلب الأمر إعادة تفعيل هيئة التشاور والمصالحة كونها
الإطار الذي أثبت نجاحه  في أكثر من محطة بفعل قدرتها على نزع فتيل الأزمات وبناء الجسور بين المكونات غير أن تغييبها المتعمد أضعفها كأداة مهمة كان يمكن استثمارها لتقريب وجهات النظر وحلحلة الخلافات.
 إن إعادة تفعيل الهيئة ليس خيارًا سياسيًا فحسب بل هو ضرورة وطنية في هذه المرحلة الحساسة.
 ولضمان إعادة تفعيل الهيئة يتطلب الأمر 
إعادة الاعتبار لرئاسة الهيئة ودعمها والتأكيد على أن قيادتها قد لعبت دورًا محوريًا في حل العديد من القضايا الخلافية ولا تزال تبذل جهودًا مشهودة لتعزيز التماسك الوطني وإيجاد مقاربة واقعية لوقف الجمود الحالي 
  مما يتطلب دعم رئاستها بهدف تمكينها من أداء دورها كخطوة عملية نحو استعادة التوازن داخل المشهد السياسي بهدف منح المجلس فرصة جديدة لاستعادة زخمه وفاعليته.
  ولهذا فمجلس القيادة الرئاسي اليوم أمام خيارين : إما أن يواصل تجاهل التحديات ويكرس حالة الجمود والتفكك وصولا إلى مرحلة الانسداد السياسي أو أن يلتقط الفرصة لإصلاح المسار عبر إجراءات ملموسة تبدأ بالحوار وتنتهي بإعادة الاعتبار للمؤسسات التي تمثل روح الشراكة.
  ولهذا فالمجلس يحتاج إلى قرار جرئ ومسؤول ليحدد ما إذا كان المجلس سيبقى أداة إنقاذ وطنية أو يتحول إلى تجربة سلبية تكون قد أُجهضت قبل أن تكتمل .