الحرب الناعمة على الجنوب : الأساليب والمخاطر وسبل المواجهة

الحرب الناعمة على الجنوب : الأساليب والمخاطر وسبل المواجهة

الحرب الناعمة على الجنوب : الأساليب والمخاطر وسبل المواجهة
2025-05-16 13:45:36
صوت المقاومة الجنوبية/فضل معبد


في خضم التحديات الجسيمة التي يواجهها الجنوب اليوم ، لا تُشنّ الحروب فقط بالصواريخ والدبابات والمسيرات ، بل أيضًا بالكلمات والصور والشائعات . إنها « الحرب الناعمة» ، التي تسعى إلى النيل من تماسك الهوية الجنوبية ، وزعزعة الثقة بالقيادة ، وتشويه المشروع الوطني التحرري من الداخل . 
وفي هذا المقال ، نحاول تفكيك أدوات هذه الحرب وأشكالها وأساليبها ، ونضع تصورا عمليا لمواجهتها ، مع تأكيد دور القيادة كمثال حي ومُلهم في معركة الوعي .

أولًا: ماهية الحرب الناعمة ضد الجنوب :
الحرب الناعمة هي ذلك النوع من الحروب التي لا يُستخدم فيها السلاح التقليدي ، بل تُستخدم فيها أدوات الثقافة والإعلام ، والمعلومة المضللة ، والاختراقات النفسية والاجتماعية ، بهدف تفتيت المجتمعات من الداخل ، وإعادة تشكيل وعيها بما يخدم أهداف الخصم . وهي في الحالة الجنوبية ، تستهدف :

ضرب الروح المعنوية لشعب الجنوب.

تشويه صورة القيادة والقوات المسلحة والأمن والمقاومة الجنوبية.

إثارة الشكوك حول عدالة القضية الجنوبية ومشروعها السياسي .

زرع الانقسامات المناطقية والسياسية والمجتمعية.

إضعاف الثقة الذاتية بالمستقبل والقدرة على الانتصار .

ثانيًا : أدوات وأساليب الحرب الناعمة ضد الجنوب :

الإعلام الموجه والمشبوه:

ضخ حملات تشويه ضد قيادات جنوبية عبر منصات ناطقة باسم خصوم الجنوب .

التلاعب بالمصطلحات (مثل: تحويل ااقوات النسلحة الجنوبية والأمن والمقاومة إلى ميليشيا ، أو وصف الانتقالي بـ"الانفصالي" ).

تزييف الوقائع وتشويه رموز الكفاح.

صناعة الأزمات المعنوية والاقتصادية:

دعم فوضى الخدمات وخلق انطباع بأن القيادة الجنوبية فاشلة أو عاجزة .

التلاعب بالعملة والمرتبات لخلق شعور دائم باللاجدوى .

الاختراقات الفكرية والنفسية:

نشر مقالات وبرامج تشكك في جدوى المشروع الجنوبي .

دعم أصوات جنوبية مأجورة أو مضللة تعمل من داخل الصف .

تفخيخ النخبة والرموز:

تشويه الرموز التاريخية.

اختراق قنوات ثقافية وتعليمية لنشر خطاب رمادي يُميع الهوية .

زرع الفتن المناطقية والسياسية:

الترويج لفكرة تهميش مناطق معينة داخل الجنوب .

تشجيع نزعات مناطقية ضيقة على حساب المشروع الوطني .

التغليف بشعارات براقة:

استخدام خطاب حقوق الإنسان والديمقراطية لتبرير حملات الضغط والتشويه .

تصوير دعوات الفوضى كـ «ثورات تصحيحية».

ثالثًا: أمثلة واقعية من الجنوب اليوم :

الحملات المنظمة لتشويه المجلس الانتقالي الجنوبي وتصويره كسلطة قمعية.

الدعم الإعلامي الخارجي لبعض النشطاء الذين يهاجمون المشروع الجنوبي تحت غطاء "النقد البنّاء" .

استغلال الأزمة الاقتصادية في عدن لإحداث نقمة شاملة .

اختراق وسائل التواصل لزرع أخبار كاذبة تُضعف ثقة المواطنين ببعضهم.

إثارة الفتن في شبوة والضالع وأبين عبر رموز تم تجنيدهم لتمزيق وحدة الجنوب.

رابعًا: دور القيادة كمثال وقدوة في التصدي للحرب الناعمة :
في معركة الوعي ، لا تكفي السياسات والخطط ، بل تُصبح سلوكيات القادة وممارساتهم الشخصية هي الرسالة الأقوى تأثيرا في وجدان الناس . لذلك، فإن أولى خطوات مواجهة الحرب الناعمة تبدأ من داخل القيادات ذاتها ، من خلال:

الالتزام بالقيم الوطنية في السلوك اليومي:

التواضع ، العدل ، الشفافية ، وتقديم المصلحة العامة .

القدوة في النزاهة والتقشف:

البساطة في المظهر والسلوك ، والابتعاد عن الترف .

محاربة الفساد داخل محيط القيادة .

الوعي الثقافي والفكري:

تطوير أدوات الخطاب ، والارتقاء بمستوى الحديث السياسي والإعلامي .

الانفتاح والإنصات:

استقبال النقد بصدر رحب ، وفتح قنوات تواصل مع الجماهير .

تجسيد روح التضحية:

الوجود في الميدان ، ودعم المشاريع المجتمعية والتعليمية .

خامسًا: سبل المواجهة الشاملة للحرب الناعمة:

بناء إعلام وطني احترافي ومؤثر:

تطوير مؤسسات إعلامية جنوبية ذات خطاب عقلاني ومهني.

تنمية الوعي المجتمعي:

تكثيف برامج التدريب والتأهيل في مجال الوعي والإعلام والهوية.

تنقية الصفوف:

مواجهة الطابور الخامس ، وعدم التهاون مع من يتعمد الإضرار بالمشروع الوطني.

إعادة الاعتبار للثقافة الوطنية:

دعم الإنتاج الثقافي والفني الذي يعزز الهوية الجنوبية.

بناء شبكات حماية إلكترونية:

تطوير منظومة تقنية لرصد ومواجهة حملات التضليل.

أخيرا أقول :
الحرب الناعمة ليست أقل خطورة من الحرب العسكرية ، بل قد تكون أخطر لأنها تستهدف البنية الذهنية والوجدانية للشعوب . ومن دون وعي قيادي وشعبي شامل ، يُمكن لأعداء الجنوب أن ينتصروا دون إطلاق رصاصة واحدة . وعليه ، فإن مسؤولية التصدي لهذه الحرب تقع على الجميع ، وفي مقدمتهم القيادة ، التي يجب أن تكون حاملة للمشروع ، ناطقة بقيمه ، مجسّدة له في سلوكها اليومي ، قبل أن تطالب الشعب بالالتفاف حوله .
.....

# فضل معبد #