صراع الهيمنة على السلطة وغياب الوطن بين قوى الشمال المختلفة وواحدية الهدف في تدمير الجنوب، والاستيلاء عليه

صراع الهيمنة على السلطة وغياب الوطن بين قوى الشمال المختلفة وواحدية الهدف في تدمير الجنوب، والاستيلاء عليه

رغم التوجهات التي جسدتها وما زالت تتجسد دورات الصراع بين القوى الشمالية قاطبة حوثية ومناهضة له، وما تشكّله من اختلاف بنيويّ متناقض لا يفهم لغته إلا من حيث توصيف مفهوم الوطن الذي يجعل لوازم استعادته أمرًا موجبًا للنضال، وملزمًا للمقاومة، ودفاعًا موجبًا للتضحية، ومعززًا للفداء، ومداميك ثابتة للتنمية والعيش الكريم والعدل والمساواة بوصف الوطن هو الشعب، بعكس مفهوم السلطة التي تجعل لوازم الوصول إليها وصولية حتى على أهداف انقلابية والهيمنة بمقاليد الحكم، بهدف السيطرة على مقدرات الشعب لأغراض شخصية لا يرى الشعب معها نفسه ولا تعني له إلا التبعية والولاء. وعند التأمل العميق في تناقض هذه الثنائية تجد أن الصراع الحاصل في الشمال له تاريخ طويل يمتد لعقود بعيدة يتم من حين إلى آخر ومن مرحلة تاريخية إلى أخرى يتم استدعاءه من ذاكرة تاريخية تليدة ولو حاولنا اختصار الاستدعاء من باب الاستشهاد، مثلًا من صراع الإمامة والقوى المناهضة لها منذ ما قبل ثورة سبتمبر التي انتهت بمصالحة بين قوى الصراع على السلطة حتى انتزعت ثوب الجمهوري لعلها تخرج من براثن الصراع الجهوي الامامي والثقافي بلباس القبيلة والدين وتكون المصالحة هي ثمار التحول المفهومي للسلطة إلى الجمهورية لعلها ان تجير رواسب الصراع القار على السلطة الذي كان قائم على الخلفيات والرواسب الدينية والحزبية والقبلية والوراثية والسير به في متوجهات الشعب والاهتمام بشؤونه تحت أهداف سميت بأهداف الثورة كشعارات لامعة ومع ذلك لم يدم الأمر طويلا حتى عادت صراعات السلطة وضاعت المفهومية اللفظية للوطن الذي كان قد بدأ يرتسم شكليًا تحت مسمى جمهوري يحاول المتصارعون أن يدخلوا الشعب في فجوات التناحر ويكونون شركاء معهم في الخسارة دون الربح، لأن السلطة ظلت هي التفكير ومنتج الصراع المتجدد مما جعل الفئات التي كانت بدأت تنساق وتسجيب لكلمة الجمهوري المقابل لثنائية (الوطن/الشعب) أخذ يتذذب في مداركهم بفعل التحشيد القبلي من جهة والديني من جهة ثانية، والتوازن بين قوى القبلية والثورة من جهة ثالثة والقوى القبلية الحزبية ذات التوجهات البرغماتية والإسلامية حتى ذات الطوابع الأيديولوجية الصرفة من جهة أخيرة وما تلاها حتى عادت الإمامة السلالية من حضن الخلفيات التي ترسبت بفعل الصراع الذي ما زال هو الدورة المتجددة على المتغيرات والأحداث التاريخية غير أنه لم يتغير في المفاهيم الفكرية والثقافية والخضوع إلى الرواسب الاجتماعية التي ظلت بنفسهاعاملًا حاسمًا بين القبيلي والسادة من جهة وبين القبيلي المستعلي والاخر المحتقر مما سبب اثرًا اضافيًا إلى الخلفيات والمرجعيات التي كانت عائقًا في ولادة مفهومية حقيقية للوطن الذي يمثله الشعب مقابل تذويب السلطة ليتختفي الصراع القائم على الأحقية بالتواجد القبيلي والتمايز الطبقي حتى تجاوز اعتبارات الدين التي دعا إلى استحضارها ووجوب تذويب آثارها، من هنا لم تولد نواة حقيقة واضحة لثنائية (الوطن/الشعب) حتى مع دخول دولة اليمن الديمقراطية الشعبية التي انصدمت بمراحل الوحدة الانتقالية وفقدت توازنها وبدأت تطرح تساؤلات كيف يمكن اصلاح المنظومة المعقدة التي على وفقها صارت الوحدة بنظر كل جنوبي نكبة تاريخية تجسدها أحرف الرفض (لا ولم ولن) يغفره التاريخ ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا. في تتابع الأحداث واختصارها ظلت السلطة التي كانت مغنمًا لقوى القبلية والعسكر والتحالفات البرغماتية في مؤسسة المؤتمر الشعبي العام من جهة ومؤسسة الاصلاح السياسي والقبلي والعسكري من جهة أخرى فصلًا جديدًا وحدت صراعهم الداخلي إلى محدادات التقاسم على نهب الجنوب إرضًا وإنسانًا وهوية وانتماء وثروة، لكن سرعان ما رجع الفاتحون بعد التقاسم إلى تقييم نتائج التوازن في قسمة السلطة ومن هنا نشأت حركة التاطير الديني والسياسي على حساب انهاء اي مفهوم كان يجب أن يتشكل للوطن. وجاءت أحداث 11 فبراير 2011م وما سبقها من محاضرات كانت تحاول أن تخفيها لغة المصلحة وتحاول أن تجعل السلطة تنسحب حينا إلى العسكر وحينا اخر إلى القبيلة وحينا اخيرا إلى الدين والخلافة ومن منطلقات التشظي على السلطة جاءت الحضور الذي كان قد خبئته التاريخية بالمصالحة بين قوى الثورة المزعومة بالتحرر والملكية المهمومة بالتاريخية في الاستحقاق والتقاسم ليس لسبب بل لأن المؤتمر الشعبي والإصلاح الإخواني السياسي كلاهما أخذا منحىً في نظام الحكم وهو النظام الثيروقراطي القبلي العسكري وجعلوا من تصفية الحسابات على السلطة وتقاسمها من صعدة ميدانًا من جهة ونشر القاعدة والدواعش والتطرف جنوبًا بهدف توصيل نتائج الحسابات إلى ثيمات من الرسائل غير المعلنة إحداها إلى السعودية بوجود عودة الهاشمية لتكون مليشياتها الحوثية مرتكزة على تلك الخلفيات الماضوية التي تستدعي المحددات الدينية كمرتكزات أساسية تستمد من تفاسيرها لتثبت أحقيتها الوراثية التي تؤهلها للحكم والهيمنة بالسلطة من جهة، والأخرى إلى العالم أن الإرهاب حاضنة جنوبية يجب تطهيرها ولعل امريكا تكون قد فهمت رسالتهم في التوجه شرقا پشريطة البقاء على حكم السلطة ولكم الحق في تقاسمنا ثروات يجب حمايتها من الدواعش والارهابيين جنوبا، . لكن ما حاولوا اشعاله في شمال الشمال تحول تحالف ندي غير مشروط بين الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام لتقاسم السلطة بشريطة أن يطرد قوى الإخوان ممن تحالف معهم من القوى المناهضة لهم في الشمال نفسه وحتى الشخصيات الجنوبية المتفعة معهم والمنضوية تحت أحزابهم وتنظيماتهم. ومن هنا جاءت المليشيات الحوثية للتتخذ من مرتكزات خليفاتها الإيديولوجية والثيروقراطية، بهدف التسابق الوصول إلى السلطة لا استعادة الوطن والسبب يعود إلى الإرث التاريخي الذي تحاول أن تستدعيه حسب المفاهيم المغلوطة وهي اختزال مفهوم الوطن في مفهوم السلطة التي يجب أن يتأسس على وفقها (الحكم) لغاية فئوية أو حزبية أو دينية تهدف إلى تحقيق مصالح (الحاكم والنخب الموالية لها)، وغابت مشاريع التأسيس لغاية وطنية يمكن أن تجعل الوطن سدًا منيعًا لا يسمح معه انتاج الصراعات لكن ما دام والسلطة هي البوابة الأزلية للصراع الذي يستحضر (الأنا) الشخصية، على حساب (نحن) الشعب ومساحته الجماهيرية فلا ضير أن قلنا: إن المشكلة بالشمال وأطرافها المتصارعة على السلطة هي من جعلت أداة الحاكم للاستقواء والاستغلال وتشرعن نواة استحضار الأحقيةعليهم والانفراد بالسلطة لموجبات الدفاع عن الحكم لا عن الوطن، بهدف السيطرة والاستحواذ على مقدرات ومكتسبات الشعب التي على وفقها غاب مفهوم الوطن وانسلخت عنه معاني الوطنية التي صارت في منظر الحاكم السلطوي ما هي إلا كصكوك توزع للأتباع وتسوقها على أنها هي (الوطن). ومن هنا يمكن القول: إن الصراع التاريخي بين قوى الشمال المتصارعة بدأت من اللحظة التي جسدتها الخلفية التاريخية والسياسية والقبلية والدينية وجعلت منطلقات الحكم والتفرد بالسلطة التي غيبت الوطن ولا ولن يعرفوا مفهومه، لأن منبت الصراعات جاءت من نواتج الهيمنة على السلطة التي أنعدم معها أحقية الشعب أن يكون هو أحد بناة الوطن وصانع أمجاده وليس مجرد مصنع انسحاقي لصالح الحاكم وتأتي الولاءات كتبعية تجعل المشهد السياسي يستفحل بالتعقيد، وتدار على أرضيته وتحت سمائه واتساع رقعته ممهددات تشعل دورات الحروب لتبدو وكأنها أمور حتمية فرضت عليه، وتجعل من دعاة السلطة يخترعون أمورًا إبداعية تحاول تجيّر مسارات التحول دائمًا في مسار يستقرئ في وجه من يحكم السلطة، لتجعل منه هدفًا والاستحواذ على مقدرات الشعب غايةً ولو حتى بلغة ذرائعية تصبح معها لغة الخطاب السياسي الذي تسوقه قوى الشمال المتصارعة قديمًا وحديثًا كان وظل ويظل وسيظل منطلقًا صراعيًا على تقاسم السلطة لا على مشاريع بناء الوطن وترسيخ دعائمه المتينة. ولو حاولنا تفكيك ما حاولنا إيضاحه ترى أن المليشيات الحوثية أو المختلفة معها من القوى المناهضة ضدها من قوى الشمال لتجلى للقارئ الحصيف أمرًا معقدًا في بدايته لكن بعد أن يقرأ خلفياته يتفكفك كثير من هذا التعقيد وعلى وفقه يسهل التعامل معه وهذا التعقيد مشكلته ان قوى الشمال المتصارعة على السلطة وغياب في مشروعهم الوطن جعل حتى التحالف العربي بثقله المالي واللوجستي والعسكري والمخابراتي يتعامل مع صراعهم الانقلابي أو المناهض المعارض له في حيرة لا يصلح معه إلا تفكيك الأمور المركبة والتعامل معه على وفق نظريات اختبارية من التجريب إلى التجريف إلى التفكيك ثم التأليف ليأتي التقبل مهمة سهلة توجز التكاليف وتوجه ممحددات المواجهة وتترجم آليات واضحة للعمل على البدائل المرنة والناعمة حينًا لتحويل خلفياتهم التاريخية والسياسية والدينية والاجتماعية إلى حواضن تكون قادرة على التخطيط والتعاون والتنسيق ليخرج وعيهم القار والجامد من فكرة تقاسم السلطة إلى تقديم مبادرات ناجعة وصادقة يقدر التحالف العربي أن يحولها إلى مشاريع يتأسس على نواتها مداميك وطن يلبي كرامة وعيش شعب لا لترسيخ مفهومية سلطة تجعل النخب الحزبية والإخوانية مصدر قلق يحول ما يطلب منه من التزامات واتفاقيات مع التحالف العربي ويحولها إلى مشاريع استقطاب ولاءات يريد يثبت وهمية الوطن الذي ينشده أنه كبير خارج الجغرافيا والتاريخ سواء الحوثيين أو القوى السياسية الشمالية التي تحارب التحالف العربي وتصف ما يقوم به لانقاض الوطن يوصفوه بأنه عدوان على الوطن ويجب على الشعب محاربته هذا من طرف الحوثي وقوى الشمال الاكثر معه بها المنوال، والطرف الأخرى يحاول يصور فكرة الوطن تبدأ من القضاء على الكيان الجنوبي الشريك الاقوى للتحالف في الحرب والشمال بالوحدة تحت مبررات استعادة الوطن تبدأ من من استعادة الوحدة إلى اليهمنة الشمالية وما للجنوب بعد هذه استعادة الشرعية بقوة الوحدة يطرحه الجنوبيون تحت مظلة حوار لا يمثلهم من يملك المشروع بل من يملك الحق في التعبير والانتماء الحزبي وعلى وفق هذه الخيارات لا أظن أن التحالف يسمع لمجموعة مخابرات تقتضيها مصالح السلطة على حساب قضية شعب لأن الشعوب تنتصر بالفكرة التي تنطلق من خلالها في التعبير عن عدالة قضيتها والإرادة يحقق مفهوم الوطن لانه يعبر عن الشعب لا عن مصالح تتقاسمها فئات بوصفها سلطة تتجاذب حولها الأحزاب وتتقارب في ترسيخ عمقها الفكري الأيديولوجيا لتزرع في مسارات الأحزاب التي توالي كيف تنال فتات سلطة على حساب تضحيات الشعوب. ومن هذه الحالة نحاول تفكيك محددات الصراع في الشمال الذي صار غير متجانس وأصبح طريق التعامل معه لا يمكن إلا من خلال تفكيك نقاط الالتقاء المتخفية، لتتجاوز الظاهر، وتهدف إلى الغوص في استنطاق الباطن، الذي من خلاله يفهم الشعارات المرتسمة في فك غياب مفهومية الوطن لصالح مجسدات السلطة في الحكم، والإمساك بالممارسات التي تصبح معها الغاية هي اتساع الحرب وإطالتها لصالح قوى خارجية دولية ودول تغذي أطرافها بهدف إرهاق جهود التحالف العربي الذي يسعى جاهدًا إلى تحقيق نواة صلبة يمكن الوصول على مداميكها إلى تفسير مسببات التراجع في مواجهة القوى الانقلابية وعدم جدية الحزم وترسيخ لغة الحسم الا بشروط مسبقة لصالح طرفها الذي كانت سببًا هي فيما هيأ لتلك الحوثية الارهابية أن تقوم بعمليات الانقلاب وأصبحت بتخادم كل قوى الشمال معها من نظرة استعادة الوطن المحتل من العدوان السعودي الاماراتي والأمريكي والبريطاني والصهيوني كما تقول به مليشيا الحوثي حينًا واستعادة الوطن المهدد بالانفصال بدعم من قوى العدوان الاماراتي الإصلاح والسعودي قوى المؤتمر والان العدوان الأمريكي وتدمير البنية التحتية. وإذا لم يكن هناك مراكز متخصصة تحاول أن تفك مواطن التلاقي والاختلاف بين قوى الشمال الحوثية أو التي تتظاهر بالمناهضة له بهدف تمثيل وتبادر الأدوار لكن على حساب معاناة طرف كان دولة ذات سيادة يعيش أسوأ الاحوال الاقتصادية والاجتماعية وتراجع الخدمات وانهيار العملة ليس لسبب الا لانه وقف مع المشروع العربي الكبير الذي تقوده المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة اللتان هما في مفهومية شعب الجنوب عربًا جاءوا ليقكعوا يد إيران في المنطقة التي كانت قوى الشمال قد فتحت لها أبوابها وأهلت عبر بعثات من سينين طلابها وإذا تم الررجوع إلى كشوفات الابتعاث إلى الدول المعادية للمشروع العربي لوجدوا ما يخجل أن تبقى هذه الشرعية اليةم جاثمة على معاناة شعب جنوبي غلطت قادته الثوريين بإدخالهم في وحدة مع شعب لا يعرف إلا السلطة التي هي بالنسبة له هي المفهوم المقابل للوطن، نظرًا لأفكارهم القومية التي خلقتها الظروف الطلائعية التي كانت مجرد انشائية خدعوا بها الشعوب وأصبحت وبالًا على تدمير أوطانهم لأنها نحت منحى السلطة وتحولت إلى صراعات وانهت مفهوما كان ينتظره الشعب منهم وهو الوطن، وبهذا فالقومية والايديولوجية الدينية الإخوانية والأنظمة حتى الجمهورية التي تحتضن نظام التخفي بالثروقراطية القبلية العسكرية والمدعية الملكية الإلهية بالحكم والتحكم بالسلطة صارت في خبر كان ولا تمت للواقع بصلة. ومن خلال فك تلك الثنائية صارت قوى الشمال بمجملها حوثية ومناهضة في مشاريع متوازنة غير فارق الوعي الاستخباراتي الذي الحوثي يمد به ايرانا لتحقيق به مصالحها لصالح مشروعها النووي ضد الإقليم والثاني المناهض يمد التحالف بالمعلومات التي تعكس خطورة الآخر المهدد وهي بالحقيقة التي تقاتل في ميدان الحوثي هي حواضنها القبلية والعسكرية والأمنية والموارد الاقتصادية ومن هنا صارت المليشيات الحوثية والقوى الشمالية التي توالي التحالف بمعلومات مغلوطة مهددة جميعا للأمنين الإقليمي والدولي لتبادل الأدوار، ومن أهم المداخل التي يجب على التحالف العربي أن لا يدعم نخبًا وأحزابًا ولا يساند قوى تغيب المصداقية بهدف تقويض الوطن لصالح سلطة تظل تأكل منها وباسمها ولا يهمها آثار إطالة الحرب، فالذي يجب الرهان عليه في الشمال من قبل التحالف العربي هو الشعب لسبب أن الأطراف الشمالية المتصارعة غايتها السلطة لا الوطن ومن هنا خسرت الشعب لصالح النخب التي هي سبب كل ما آلت إليه الأوضاع بالشمال لتفضل الحوثي من الخروج عليه وبالجنوب تفضل أن يكره اليوم الذي وقف به عربيا أصيلا كسر مشروع إيران من محافظاته واهم المواقع الاستراتيجية والموانئ والجزر والممرات الدولية والمحافظات الجنوبية التي تزخر بالثروة وكانت مرتعًا ارهابيًّا خطيرًا وتوجهًا إخوانيًّا عالميًّا. ومن هنا تأتي القراءة على أمل أن تسير على وفق منهجية تحليلية متعددة الأبعاد، وتوصل إلى مقاربات تضع القارئ السياسي الجنوبي واليمني والعربي والدولي أما مقاربات موضوعية يمكن أن يصل إلى معرفة الأسباب والخفايا التي تتخندق وراءها تلك القوى الشمالية المتصارعة على السلطة لا على الوطن وعندما يمكن الوصول إلى فهم وإدراك تلك المنازع، يمكن للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة أن تبنى نتائجها سياسيات واستراتيجيات تحاول أن تغير من فوضوية بقاء غياب مفهومية الوطن في الشمال اليمني الذي جعل الشعب هناك ينجرف بأقياله ومشائخه وعلمائه ومفكريه وقادته العسكرية والأمنية بسبب ما عانوا أفعال الهيمنة التي كانت تمارسها قوى ودعاة وقادة السلطة التي تبني استمرار بقائها وإدامة وجودها على الترزق من إطالة أمد الحرب وهي خطة لا ترسمها هي لوحدها بل هناك دول أخرى من تمولها وتخطط لها بكل قياداتها ونخبها وأحزابها، بهدف إدخال التحالف العربي في دوامة التعامل مع فساد سلطة تبني خياراتها ظاهريًّا على التعددية الحزبية على حساب غياب وطن لا ينتمي له مواطنًا واحدًا من هذا الشعب الذي يقول الحوثي أنه يحرر به الأراضي المقدسة وهي أبعد عليه من عين الشمس، ولا مبرر لما يقول إلا أن الشعب مؤمن بما يقول لأن تسويقه فكرة التملك بالسلطة على حساب الوطن لأن الوطن - في نظره ويحتل يقنع المحافظات التي توليه بالطاعة - محتل مركب من العدوان الإسرائيلي والأمريكي حينًا والسعودي الاماراتي حينًا آخر. ومن هنا كيف يمكن تفكيك هذا الصراع التاريخي بالشمال قاطبة ليسهل الحسم العسكري ويمكن التحالف العربي أن الشعب من تحت سلطة الحوثي ويحاول أن يختبر إخلاصه ووفائه في نصرة المشروع العربي الكبير في مقابل ما يشعر به التحالف العربي الاصيل أن هناك شعب بالجنوب وهو وطن أيضا يعاني انهيار الخدمات والعملة وارتفاع السلعة وعلى أمل منصف في استحقاقاته المنتظرة والمؤجلة حتى ينتهي الحوثي أو يرضخ لحلول توافقية مع قوى الشمال تجسد فكرة الوطن لا فكرة الصراع على السلطة يمكن من خلال تلك المقاربات: 1. تفكيك ثنائية الهيمنة على السلطة سواء أكان حوثيًا أو مناهضا له من الشمال اليمني من خلال: أ. محددات(الإقناع الجماهيري): - الخطاب الذي تقدمه المليشيات الحوثية في إبراز المشروع الوطني لتخفي هيمنة الصراع السلطة مع مع القوى المناهضة لمشروعه من قوى الشمال أنه في معركة مصيرية لتحرير البلاد من العدوان (السعودي/الإماراتي) أو الاحتلال الجنوبي الانفصالي ومحاربة الفاسدين واستعادة كرامة الشعب ويقصد هنا بالشعب الوطن خداعا والأصح الشعب الذي يجب أن يواليه والا هو خائن مع العدوان والمحتل. وعندما تتمعن في الخطاب الذي تقدمه المؤسسة الرسمية لقوى الشمال المناهضة للحوثي في تسويق المشروع الوطني يُرتكز على استعادة مؤسسات الدولة ومحاربة الانفصال الجنوب يعني من الجنوب الذي هو يكون معهم شريك ندي بمفاوضات الحل الاخير هذا من جهة، ومن جهة أخرى مكافحة الانقلاب(الحوثي)، واستعادة المؤسسات إلى صنعاء وتحرير العاصمة وهو لم يبني وزارة في العاصمة المؤقتة فالقوى المناهضة للحوثي تستخدم تلك المصطلحات مثل الانقلاب على الدستور وتعزيز منطلقات الإرهاب ضد الشعب مجرد إسقاط واجب والا فالشعب الذي يقولون أنه يستخدم ضده الإرهاب الحوثي يجب أن يكون هو حاضنة لهم والا لماذا يقاتل مع الحوثي فالمرهوب لا يقاتل مع من يرهبه ويكون ناصرا لارهابه عليه. ب. المحددات الباطنة والتنافس على هيمنة السلطة والتشبث بها، فقوى الحوثي والقوى المناهضة له في الشمال يعمل كل منهما على : - التوظيف الانتهازي للشعارات: فجميع الأطراف الشمالية سواء أكانت حوثية انقلابية أم مناهضة له تستخدم مظلومية الشعب كغطاء لشرعنة الهيمنة على السلطة واستمرار الصراع، بينما تُخفي التنافس على الزعامات العسكرية/القبلية بهدف أن تتصدر وجاهات النفوذ من يريدون لهم كأتباع ويظهر ذلك من حيث تناقض تحالفات الإصلاح مع الحوثيين سابقًا وتخادمه حاليًا وتحالف قوى المؤتمر قديمًا وحاليًا وتناقض مستقبلًا. - الهيمنة على المصالح الاقتصادية فكلاهما يتنافس بانتزاع السلطة والهيمنة عليها ويصدرها كمشروع مهدد للاقليم والمجتمع الدولي والهدف هو إيهام الشعب المغلوب بهدف السيطرة على المنافذ الحدودية، والموارد النفطية في الجنوب، وحتى في مأرب والجوف والتحكم بالمساعدات الدولية). ج.آلية فضح الإلتباس: من خلال تحليل الممارسات مقابل الخطاب الذي يتصدره كل من الحوثي الانقلابي من جهة والقوى المناهضة له من جهة أخرى من حيث: - هل توجد سياسات تنموية فعلية بالمناطق الشمالية التي تحت سيطرت عليها المليشيات الحوثية؟، مقابل ما يرفع من شعار محاربة الفساد، لكنه يكرس اقتصاد الحرب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى هل القوى المناهضة المليشيات الحوثية تُحترم إرادة الشعب في الجنوب الذي هيأ لها أرضية صلبة لشرعية الاعتراف في كمحافظات محررة، بل تجد العكس أن هذه القوى المناهضة للحوثي تكرس الفساد وشراء الذمم والاستقطابات الحزبية بهدف تفتيت هوية شعب الجنوب، في الوقت الذي كان يجب عليها أن تفتت الحواضن الداعمة للحوثي قبليا واقتصاديا ودبلوماسيا لاهدافه السلالية الظاهرية والهدف وهي تعلمه القوى المناهضة له انها اهداف هيمنة سلطة لا غير؟ ومن هنا تصبح قمع الحريات والتهميش الذي تمارسه المليشيات الحوثية بحق الشعب الذي يتأثر بشطحاته التي يراها تعويضية من حرمان السلطة التي ظلت في أيدي تلك القوى المناهضة يقابله الوعي نفسه بالممارسة التي تمارسها قوى المناهضة للحوثي في تهميش شعب الجنوب من خلال انهيار العملة وارتفاع الاسعار وتردي الخدمات ونشر الفوضى في المحافظات وتشجيع التمرد على القوات الأمنية ماديا ومعنويا وإعلاميا. 2. تحليل الاستراتيجيات: من حيث المنطق والموضوعية: أ.منطق المليشيات الحوثية تستخدم الخطاب الديني/المقاومة لكي تبرر هيمنتها على السلطة بشرعية الدفاع عن الوطن المسلوب العدوان المركب جنوبي (انفصالي/ سعودي اماراتي/ امريكي/صهيوني)، لكنه يستخدم أدوات غير موضوعية في تكفير الخصوم، وإلغاء التعددية، وتوظيف التاريخ الزيدي كأيديولوجيا حاكمة بينما القوى الشمالية المناهضة تبرر هيمنتها على السلطة بشرعية الدفاع عن الوحدة من (دعاة الانفصال المجلس الانتقالي الحنوبي مدعوما اماراتيا ظاهريا وسعوديا خفيا/ القوات الجنوبية العمالقة وقوات المجلس الانتقالي المدعومة اماراتيا/ قوات درع الوطن المدعومة سعوديا) ولكنها تستخدم أدوات غير موضوعية في وصف شعب الجنوب بالانفصال واحتكار بهدف هيمنتهم على السلطة، ليجعلوا من أموالها وما يفرخون من مكونات مع دول معادية للمشروع العربي بهدف تسخير تلك الأموال لخلق تحالفات مع أجندات جنوبية حزبية من جهة وتنظيمات ارهابية تهاجم قواته وقياداته ونشر الفوضى وتدعي أنها تحاول أن تربك المشروع العربي خفاءًا حتى يخرجون من التزامات المواجهة مع الحوثي من جهة ويصدرون للدول التحالف أن المجلس الانتقالي الجنوبي ما زال بحمل الوعي القومي الشمولي لهذا يجب أن يكبح جناحه لأنه خطر لا يقل على الحوثي يسواء علينا في الشمال أو عليكم في التحالف وخاصة بعد القضاء على الحوثي كأيديولوجيا حاكمة لا يهدد اليمن فحسب بل أصبح مهددا للمنطقة برمتها وكل هذا الوعي هو مجرد تجسيد هيمنتهم على السلطة والبقاء عليها كمتحكمين بنوافذ التواصل الدبلوماسي مع العالم لتخويف العالم من الجنوب وبالوقت نفسه يقالون من خطر الحوثي إذا قورن بانفصال الجنوب ويصوروا الحوثي ما هو إلا مجرد مجموعة فرقة جاردوية لا تشكل خطراً ولا تشمل غالبية كل اليمن . - التناقض: الحوثي يدعو أنه يعمل على تمثيل كل اليمن مع تغييب قضية شعب الجنوب واختزالها بالمطالب الحقوقية حينًا ارتكبها نظام السلطة السابقة مثلما فعلوا بنا في حروب صعدة، والدفع بأجندات تحاول أن تفتت هوية الجنوب وتخلق فوضى ناهيك ما يقوم به من تصعيد عسكري على الجبهات لأنه يعد قوات المجلس الانتقالي بمختلف تشكيلاتها قوات عدوان وتناصر على احتلال اليمن. وفي المقابل فالقوى المناهضة الحوثي تدعو أنها تمثل اليمن الموحد وتعمل الدور نفسه في دعم كيانات ومكونات تابعة لها وباسماء جنوبية تختار بعض شخصيات عادية تمثل لها هذا الدور بهدف تفتيت الهوية الجنوبية، وإعاقة اي تقدم لمشروعهم الداعي إلى استعادة دولتهم. ب. منطق تشابه وحداوية المشروع السياسي وتقاسم أجندات الدعم والتأييد : - الخطاب الحوثي يقدم المشروع أنه ينتهج نظام ثيوقراطي ملكي وقبلي وعسكري) ويراهن على الدعم الخارجي (الايراني) كضمان للبقاء، واختلاف المصالح الدولية وتقاربها. وبينما القوى الشمالية المعارضة له تقدم المشروع أن نظام الحكم هو ثيروقراطي بشعار جمهوري تعددي وقبلي وعسكري) ويراهن نفاقا على عدة مسارات الدعم السعودي لقوات مأرب ودرع الوطن والجوف حدود صعدة ومحور تعز والملاحظ حجة وميدي وقوات حراس الجمهورية في المخا وبعض أجزاء من الضالع في العنق الشمالي لأنهما راعين اللتحالف ونحن الأقرب لهما حدوديا واي تجاوز على منطلقات محددات السلطة المتفق عليها لا الوطن فهناك خيارات على تعويض بدلاء عنهم يمكن يكونون مستعدين بالدعم قطر وتركيا سلطنة عمان وبعضهم السعودي حتى ايران روسيا لكن سوف يفشلا جميعا في: - بناء مشروع داخلي يقوم على الولاء والتحالفات، لكنه يفضي إلى انقسامات بين المكونات داخل الحوثي من جهة والقوى المناهضة للحوثي المختلفة أيديولوجيا (الإصلاح، المؤتمر، الناصري والبعثي) لأن كل تلك المكونات تفضح أولوية السلطة والهيمنة عليها على حساب الوطن. -الإقصاء: المليشيات الحوثي والقوى المناهضة له تتجاهل عدالة قضية شعب الجنوب، لكنهما يظهران أن الوحدة أمر مقدس وهذا شعار متحدون عليه لتمرير الهيمنة الشمالية حوثية أو زيدية أخوانية أو ناصرية أو حتى بعثية أو اشتراكية. 3. الأهداف والوسائل: ويمكن اختراق التناقضات بين المليشيات الحوثية والقوى المناهضة له من حيث القوة/ الهدف المُعلَن/ الهدف الخفي/ الوسائل/التناقض فالمليشيات الحوثية من حيث القوة أقوى من القوى المناهضة لها والهدف المعلن تحرير اليمن والهدف الخفي هي الهيمنة على السلطة عبر وسائل حرب عصابات، وخطاب ديني والنهاية إفقار الشعب رغم شعار المقاومة. - أما قوى المناهضة للحوثي وهي بالشرعية أقل قوة من الحوثي لانها بلا حاضن شعبي والهدف المعلن استعادة الدولة من المليشيات الحوثية معلنا والمجلس الانتقالي الجنوبي مخفيا والهدف الخفي بقاء النخبة التقليدية تراوغ بالخفاء ضد التحالف العربي وتتخادم مع الحوثي، وتتظاهر بالولاء للتحالف العربي، بهدف تهميش الجنوب والتآمر عليه تحت شعار أن التحالف جاء يستعيد الشرعية ويحافظ على الوحدة ، ويصوروا للتحالف العربي بأن لمجلس الانتقالي الجنوبي القوة العسكرية ومشروعه استقلال الجنوب فهذا ما يعزز الحواضن الشمالية تبقى تحت حضن الحوثي ويجعل انصارنا بالمناطق الجنوبية الذين نمنحهم الحقائب الوزارية على حساب مناصفتنا لأجل نعرقل مشروع المجلس الجنوبي في التمثيل الشرعي في استعادة الدولة بمن خلال مسارين : الأول دعم اجندات جنوبية تظهر الرفض ضد انفصال وحدة اليمن.والثاني نمنحهم بعض من قياداتهم الموالين لنا من مناصفتنا مناصب وزارية وقيادية للتأثير عليهم ونظهر لانصارهم أننا نشرك الجنوبيين في سلطتنا وهم يعرفون أن المجلس الانتقالي الجنوبي ليس مشروع سلطة بل مشروع استعادة وطن . 4. فضح الغايات: أدوات الكشف من حيث : - السياق التاريخي: - الصراع ليس جديداً، بل قد بدأ من ما قبل ظهور الإمامة واستمر في المسار وانكشف أنه صراع سلطة لا وطن وثورة سبتمبر كان هو حل توافقي بين الخارجين من الإمامة والثاثرين عليها وهو جسد صراعا دمويا في حقب ومراحل متعددة حتى أن استمرار وتجلت صراعاته ما قبل 2011 (حروب صعدة، صراع صالح-الإصلاح). - تحول "الثورة" من مطالب شعبية (2011) إلى صراع نخب. - اقتصاد الحرب: - جميع الأطراف تستميت للسيطرة على السلطة ومقدراتها مثل الموارد (موانئ، غاز، مساعدات) أكثر من اهتمامها بالخدمات والبنية التحتية وتحسين وضع المواطن والموظف. - مثال: معارك مأرب والجوف لم تكن "وطنية" بل صراعًا على عائدات النفط بين قوى الحوثي والقوى المناهضة لها. -الدور الخارجي من حيث: - الخطاب الصادر من المليشيات الحوثية المعادي والاي تصف به القوى التي تدخلت لانقضال صراع السلطة باليمن والذي سموه بالعدوان (السعودي/ الاماراتي / الجنوبي الانفصالي المرتزق/ الأمريكي/ الصهيوني) وفي المقابل فالمليشيات الحوثية يمنع تحالفها مع إيران، وخطابالقوى المناهضة له لا يخفي تبعيته لتركيا وقطر وسلطنة عمان. وكلاهما يخونون التحالف العربي تحت مسميات وتبادل الأدوار. 5. الخلاصة: كشف التطابق بين المليشيات الحوثية والقوى المناهضة لها ونزع الأقنعة بالتركيز على: - الفجوة بين الخطاب والممارسة: كم من ميزانيات التي سخرت في الحرب ومنع صرفها على التنمية؟ -طبيعة التحالفات: تحالف الحوثيين مع صالح سابقاً، وتحالف الإخوان مع إيران حاليا للحفاظ على مصالح بالشمال ومع قطر وتركيا ضد الانتقالي. -غياب المؤسسات: عدم وجود برامج سياسية واضحة (عدا التنافس على السلطة) بين المليشيات الحوثية والقوى المناهضة التي تسمي نفسها شرعية - الحل: على التحالف العربي بقيادة السعودية تفكيك خطاب الوطن المقدس من المليشيات الحوثية الانقلابية ومن القوى المناهضة لها والمنضوية بالشرعية بإظهار أن الوطن الذي تدعوه ما هو إلا مجرد غطاء لصراع مصالح، ودعوة إلى مساءلة القوى السياسية عبر: - إعادة تعريف الوطنية بالانتماء للشعب لا للزعامات. - كشف اقتصاد الحرب عبر تقارير موثقة. - تفعيل دور المجتمع المدني المستقل عن الأجندات السياسية. بهذا التحليل المبسط يمكن أن تتضح أن مفهومية الوطن في خطاب المليشيات الحوثية وقوى المناهضة لها في الشمال والمنضوية تحت غطاء الشرعية أن أن لا تسخر الجهود لخدمة صراع السلطة، ويصبح الشعب مجرد ورقة ضغط تختفي حين تتحقق المكاسب بالوصول إلى السلطة أو الاستيلاء على الجنوب من خلال تمزيق هويته وتفريخ مكونات جنوبية تدار من الشمال كان من المفروض توجه هذه التفريخات لخلخلة مشروع الحوثي وتفكيك حاضنته. لكن لا ولم ولن يهزم مشروعا فكرته قضية سياسية اسمها دولة الجنوب تشرعن عدالتها إرادة شعب .