تقف كثير من الدول الوليدة من رحم الثورات التحررية كما هو حال الجنوب العربي، على عتبة تحديات أمنية مركبة بل ومعقدة، فما ان تحسم إحداها حتى تطل الأخرى برأسها، ويأتي ذلك نتاج مفاعيل أطراف معادية مضادة للثورة وللدولة الناشئة، تهدف إلى جعل البلاد عاجزة عن مجاوزة مرحلة الانتقال إلى سلطة الدولة، على أمل ان يفقد شعبها أهمية ما تحقق من مكتسبات ويصبح هدفه الأول الذي ناضل من أجله وقدم في سبيله التضحيات الجسام عرضة للصدام مع واقع محبط وغير محفز للمضي قدما نحو الأمام.
وتمكن شعب الجنوب ومن خلال إنخراطه مع قواته المسلحة في مواجهة التحديات الأمنية والذود عن مكتسباته الوطنية والثورية، منها الانتصارات التي تحققت على الصعيد العسكري والسياسي، من إحباط الكثير من مخططات خلط أوراقه الأمنية.
"شعب الجنوب .. خلف قواته المسلحة لاجتثاث الإرهاب وقوى الشر"
وكانت البداية من العاصمة عدن التي واجهت عقب تحريرها من المليشيات الحوثية في العام 2015 عدوا دمويا ذات صلة تاريخية ومعاصرة بقوى الاحتلال، ولا يقل خطورة من المليشيات الحوثية، ألا وهي تنظيمات القاعدة وداعش الإرهابيتين، وينطبق الحال والواقع وقتذاك على معظم مدن الجنوب، منها ساحل حضرموت ومدينة المكلا، وشبوة وأبين ومحافظة لحج.
غير ان ثنائية التلاحم بين شعب الجنوب وقواته المسلحة كانت ومازالت وستظل جديرة في صناعة ما بدأ في نظر المراقبين مستحيلا، وهو طرد العناصر الإرهابية وفي الوقت نفسه مواصلة دحر المليشيات الحوثية والتصدي لها في الجبهات الحدودية.
ولأن الأطراف المعادية وبما تمتلكه من امكانيات مادية وإعلامية في حربها الدعائية والإرهابية ضد الجنوب وشعبه بحسب مراقبون، تستخدم أساليب ووسائل متطورة لا سيما في حرب الإشاعة وتزييف الحقائق والافتراء وتوظيف كل واقعة منها القضايا الجنائية توظيفا سياسيا قذرا، يدرك شعب الجنوب أهدافه ومغزاه، وهو ما يتطلب تطوير وسائل وانماط التصدي وتعزيز مناعة تلاحم واصطفاف جبهته الوطنية الداخلية والترابط العضوي والمصيري بين كافة شرائح أبناء الشعب وعلى رأسها أبطال القوات المسلحة والأمن.
وأثمر إلتفاف شعب الجنوب حول مؤسسته الدفاعية والأمنية، بتحقيق النجاحات والإنجازات في كل المراحل التي مر بها الجنوب وبجميع الجبهات الأمنية والعسكرية، وهو اليوم المستهدف من قبل الإعلام المعادي التضليلي الزائف، ولعل المستهدف بدرجة رئيسية هو السلوك المدني الذي يعرف به شعب الجنوب كثقافة اصيلة ومتأصلة فيه، لا سيما في احترام النظام والقانون ومواجهة كل الظواهر الدخيلة والشاذة والمخلة وكل ما ينعكس إيجاباً على مستوى الأمن العام ويقلل من فرص حدوث الجرائم والاختراقات التي تقف وراءها أطراف معادية، هي من تمول الضخ الإعلامي المعادي وتجند أبواقه وتحشد له الأموال الطائلة.
وأثبتت تجربة التكامل بين شعب الجنوب وقواته المسلحة في الماضي والحاضر، أن تحقيق الأمن والاستقرار في أي دولة، يعتمد بشكل كبير على التعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية وأفراد المجتمع، وهذا يتطلب الحفاظ على الأمن والسكينة العامة والمكتسبات الوطنية وخلق تفاعل إيجابي ومتكامل بين كافة مكونات المجتمع، حيث يلعب المواطنون دوراً مهماً في مساندة الأجهزة الأمنية من خلال تقديم المعلومات والمساهمة في الوقاية من الجرائم والحفاظ على النظام العام، والابلاغ عن الأنشطة المشبوهة والمعلومات التي قد تساعد في الكشف عن الجرائم والحد من انتشارها والقبض على الجناة، وهذه التجربة أقلقت قوى الاحتلال واطاحت بمخططاتها وجعلتها محط إستهداف مكرر في حملاته الدعائية المعادية وفي فشله الدائم.
"شعب الجنوب يلتحم بقواته المسلحة في كل الجبهات"
وتبرز اليوم حالة من الأمن والاستقرار تعيشها العاصمة عدن يعززها ويحميها جهاز أمني عسكري جنوبي متكامل ومعد بشكل مهني وإحترافي رفيع يؤدي مهامه وواجباته الأمنية والعسكرية بشكل متكامل ومنسق وبإحترافية مهنية رفيعة تتكشف من خلال حالات الأمن والاستقرار التي ينعم بها المواطن إلى جانب ما يتمتع به من حقوق وحريات يمارسها بثقة دون تضييق.
ويرى مراقبون، ان هذا الأمن والاستقرار المجتمعي والسياسي بجانب ما مثلته وتمثله العاصمة عدن من حاضرة مدنية للتعايش والحوار والتلاقح والتسامح الديني والثقافي والسياسي والقيم المدنية الحضارية، وجد فيها أعداء قضية شعب الجنوب متنفس وواحة مفتوحة لممارسة نشاطاتهم وأعمالهم العدائية ضد الجنوب وفي الوقت ذاته نجدهم يتباكون على الأمن والاستقرار في هذه المدينة مستهدفين بدرجة رئيسية وفي محاولة للنيل من السياج والقلعة الدفاعية الأمنية الحامية لهذه المدينة ومشروعها الحضاري المتمثل في مؤسسة الدفاع والأمن الجنوبي.
وتراود الأعداء أحلام اليقظة والنرجسية السياسية في إستغلال أجواء الأمن والاستقرار والحريات داخل العاصمة عدن في محاولة بائسة ويائسة لإعادة احتلالها بإستخدام الأسلوب القديم المتجدد في الحروب (اسقاط القلعة الحصينة من داخلها) باستخدام مختلف الأسلحة والاساليب القذرة المتاحة، ناهيك عن شن حروبهم الخشنة والناعمة وممارساتهم الإرهابية ضد الجنوب وطناً وشعباً.
"محاولة فاشلة من اعداء الجنوب لارباك الوضع"
وما يشهده الجنوب اليوم من حرب مسعورة وجهت سهامها السياسية والدعائية والإعلامية وكل أشكالها المقيتة، فضلاً عن الحروب الإرهابية الفكرية والنفسية والثقافية والمادية، نحو مؤسسة الدفاع والأمن بهدف النيل منها وتدمير وحدتها العضوية بالشعب والقفز على وقائع وحقائق التاريخ القريب والمعاش لمحاولة طمس أو تشويه أمجادها وانجازاتها وانتصاراتها وما حققته من مكاسب في حماية الأمن والسلم الإجتماعي في مثل هذه الظروف الصعبة والاستثنائية والعودة بها إلى ما بعد تحرير العاصمة عدن في العام 2015م، عندما نجح أعداء الجنوب من استغلال الفراغ الأمني وفي استخدامهم الأمثل لبقايا المؤسسة الأمنية والدولة العميقة الاحتلالية وعدم وجود مؤسسة عسكرية أو أمنية جنوبية قوية مؤهلة ومدربة خلاك تلك الفترة حين انتشرت راياتهم السوداء وفرق الموت والقتل والإرهاب داخل مدن واحياء عاصمة الجنوب الجميلة ومنارتها الحضارية والمدنية "عدن".
وأكد المراقبون، بان ذاكرة المواطن الجنوبي ليست بتلك السذاجة أو البساطة بحيث تستطيع جماعات الإرهاب الحالية إلغائها أو تزييفها أو محوها من ذاكرة شعب الجنوب، بحملاتهم الإعلامية والدعائية والسياسية المكثفة، لقد تجاهلوا أو تناسوا جرائمهم السابقة لكن الوطن والشعب لازال يتذكرها ويتذكر معها تلك الحقبة المأساوية، حين كان الإرهاب يحصد وبشكل يومي العشرات من الشهداء والجرحى من أبناء هذا الشعب المناضل الأبي، الذي لازال يحتفظ بمقاطع الفيديوهات التي كانت تبثها الجماعات الإرهابية عن ما ارتكبته من جرائم إبادة وحشية فردية أو جماعية بحق أبناء شعب الجنوب الأبرياء، والتي لم تستثني أحدا منهم، وتذكر كل فرد في هذا المجتمع بما يحتم عليه الخطر الإرهابي من واجبات ومهام سواءً في ملاحقة المجرمين وتقديمهم للعدالة أو في حماية حياتهم وأمنهم واستقرارهم كشركاء فاعلين ومخلصين لأخوانهم وأبنائهم من منتسبي المؤسستين الدفاعية والأمنية، انطلاقاً من تجاربهم التاريخية المعاشة مع الجماعات والتنظيمات الإرهابية ومن حقيقة قناعتهم الراسخة ويقينهم الذي لا يعتريه الشك بان الحرب على الإرهاب طويلة ولا تنتهي إلا بنهاية صُناعه وتُجاره ومستثمريه وقطع القنوات السافرة والخفية لتمويله ودعمه المادي والمالي والفكري والسياسي والإعلامي.
وتبرز جريمة اختطاف المقدم علي عشال واصرار أسرته وقبيلته على معرفة مصيرة والضغط على جهات الإختصاص بتحمل مسؤولياتها في كشف وملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة، فهذه القضية العادلة التي التف حوله كل أبناء الجنوب الشرفاء الاحرار، كانت اشبه برأس جبل الجليد الذي تكشفت عنه وبشكل غير مسبوق جملة من الحقائق والاحداث والتطورات والخطط المعتملة على الساحة الجنوبية، التي تأتي في سياق الحرب المصيرية بين شعب الجنوب ومشروعه الوطني التحرري وبناء الدولة الفيدرالية الجنوبية وكل انصار هذا المشروع في الداخل والخارج من جهة وبين قوى وأحزاب وقوات الاحتلال اليمني من جهة أخرى.
"أمن الجنوب واجب وطني"
إلى ذلك، أشعل سياسيون جنوبيون عصر أمس الخميس 18 يوليو/ايار 2024م، مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها منصة (أكس)، (تويتر) سابقًا، بهاشتاج #امن_الجنوب_واجب_وطني، وأكدوا على أن أمن واستقرار الجنوب هي مهمة كافة أبناء الجنوب (كبيرهم، وصغيرهم)، وأبرزوا الجهود العظيمة التي تقوم بها القوات المُسلحة والأمنية الجنوبية، في كافة محافظات الجنوب.
وأشاروا إلى أن العدو يطمح إلى كسر، وهزيمة القوات المُسلحة والأمنية الجنوبية، باعتبار هزيمتها هو هزيمة للجنوب، ومشروعه التحرري المُتمثل في استعادة دولة الجنوب كاملة السيادة على حدودها الجغرافية والسياسية المعترف بها دوليًا ما قبل 21 مايو 1990م.
كما دعوا كافة أبناء الجنوب إلى إبلاغ الأجهزة الأمنية الجنوبية، عن تحركات مشبوهة تضر أمن واستقرار العاصمة الجنوبية عدن بشكل خاص، والجنوب بشكل عام، مؤكدين على أهمية تعاون كافة المواطنين مع الأجهزة الأمنية الجنوبية، بهدف تأمين العاصمة الجنوبية عدن خاصة، والجنوب عامة.
واشاد المغردون، بكافة التضحيات الكبيرة التي قدمتها، وما زالت تقدمها القوات المُسلحة والأمنية الجنوبية في كافة محافظات الجنوب، وحذروا من أن أمن واستقرار العاصمة الجنوبية عدن بشكل خاص، والجنوب بشكل عام، خط أحمر، ولن نسمح لأيًا كان أن يزعزع أمننا واستقرارنا، وتذكروا حجم التضحيات التي قدمتها القوات المُسلحة والأمنية الجنوبية، طيلة السنوات الماضية.
كما بينوا بأن الدول التي شهدت استقرارًا أمنيًا بعد أي حرب كان بفضل التعاون الكبير من قبل مواطنيّ هذه الدولة، وعلى سبيل المثال جمهورية مصر العربية، وما جرى فيها من ثورة، وخراب، حتى وصلت اليوم إلى حالة من الاستقرار الأمني بفضل تعاون شعب مصر مع أجهزته الأمنية والعسكرية المصرية.
وقالوا: "يجب توعية المواطنين بأهمية التعاون مع القوات المُسلحة والأمنية الجنوبية، في تأدية مهامها الوطنية"، مؤكدين على أن: "القوات المُسلحة والأمنية الجنوبية، هي القوة الجنوبية التي تدافع عن إنجازات ومكتسبات الثورة الجنوبية التحررية".
ولفتوا إلى أن: "وصول قوة وصلابة القوات المُسلحة والأمنية الجنوبية، إلى هذا المستوى العالي لم يأتي من فراغ، بل جاء بعد جهود كبيرة، وتضحيات عظيمة، واهتمام عالٍ من قبل القيادة السياسية والعسكرية ممثل بالرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي".
كما تذكروا القادة الشهداء الذي فقدهم الوطن الجنوبي بفعل استهداف العدو للقيادة الجنوبية سواء عبر التفجيرات والمفخخات الإرهابية، أو في ميادين وجبهات القتال، وبينوا التضحيات العظيمة التي قدمها، وما يزال يقدمها أبطال قواتنا المُسلحة والأمنية الجنوبية، ودعا السياسيون والناشطون الجنوبيون، جميع رواد منصات التواصل الاجتماعي إلى التفاعل بقوة وحيوية ونشاط مع هاشتاج #امن_الجنوب_واجب_وطني
"الجنوب يتعرض لحملات تحريضية وتآمرية"
من جهته، أكد الدكتور صدام عبدالله، المستشار الإعلامي للرئيس الزُبيدي، أن الجنوب وشعبه وقياداته يتعرضون لحرب تحريضية تكفيرية وحملات دعائية إعلامية وسياسية مضللة بشكل مستمر، وفي منشور له على صفحته بموقع X، أوضح الدكتور صدام أن الهجمات الإعلامية تزداد مع كل إنجاز يحققه الجنوب، وأن وعي الشعب الجنوبي يسهم في إحباط هذه المحاولات وكشف زيف الادعاءات.
وأضاف: أن الجنوب يواجه تآمرات متعددة الجبهات، داخلية وخارجية، تستهدف إضعافه ومحاربته لمجرد رفعه شعار استعادة الدولة الجنوبية، مشدداً على أهمية الأمن كقاعدة للتنمية والاستقرار، قائلاً: "إن مسؤولية الحفاظ على أمن الجنوب لا تقع على عاتق جهة واحدة، بل هي مسؤولية وطنية لكل فرد من أبناء الجنوب".
ودعا الجميع إلى المشاركة الفعالة في الجهود الأمنية، الإبلاغ عن التصرفات المشبوهة، والالتزام بالقانون، مؤكداً أن القانون هو أساس الأمن والاستقرار، كما أشار إلى ضرورة مقاومة الفتنة والتفرقة، ونشر ثقافة المحبة والتسامح، مشدداً على أن التماسك الوطني هو الأساس للحفاظ على الأمن. وأكد أن المشاركة في جهود التنمية تعزز الأمن والاستقرار في الجنوب.
وفي ختام تصريحه، حذر الدكتور صدام عبدالله من أن قوى الظلام تسعى لتفتيت التماسك الجنوبي، داعياً الجميع إلى استشعار المسؤولية الوطنية والالتزام بوحدة النسيج الجنوبي كسبيل للحفاظ على أمنه واستقراره.