نجحت القوات العسكرية والأمنية بحاضرة حضرموت مدينة السلام /المكلا في اختبار قدراتها للتعامل بحزم مع الجماعات الإرهابية _ وهي كما قال نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عضو مجلس القيادة الرئاسي قائد التمرين التكتيكي (إعصار 24 ابريل 1) اللواء الركن فرج البحسني عند اعطاء إشارة بدء رفع حالة الاستعداد القتالي بالمكلا لنائب قائد التمرين د. عمر البكري- إن إجراء محاكاة فرضية حدوث عمل يقلق سكينة المواطنين العامة على أرض الواقع، وكيفية التعامل معه إنما هو اختبار قدرات الوحدات العسكرية والأمنية، وزيادة خبرتها الميدانية، وكذا تلافي نقاط الضعف في المرات القادمة، مع تعزيز نقاط القوة مستقبلًا.
لقد وجدت نفسي خلال ثلاثة أيام وسط معركة حقيقية خاضت خلاله سرية من (اللواء الأول النُخبة الحضرمي) إحداها مشروعًا قتاليًا على تبة من تباب المحافظة استخدمت فيها الذخيرة الحية بالأسلحة المتوسطة والخفيفة ضد جماعات إرهابية نصبت كمينًا لإحدى آلياتها..فاستطاعت المجموعة المقاومة والاتصال بالعمليات لتعزيزهم، ودارت معركة ضارية بين الطرفين أسفرت عن القضاء على الجماعة الإرهابية وأسر آخرين منهم..رافعة شعار "من أجل حضرموت نحيا أو نموت"..
فقد كانت المحاكاة شبه واقعية فضمنت النجاح؛ كون السرية التي نفذت فرضية مواجهة الكمين قد تدربت بشكل ممتاز، واعدت نفسها لمثل هذه المواقف، مما أشعر قائد التمرين بارتياح شديد؛ كون العمل الميداني قد تشربَهُ في حياته العسكرية..بعد أن شاهد السيطرة على الموقع بحرفية عالية.. والاخلاء.. وإنقاذ الجرحى بسرعة فائقة.. وتأمينه، ومطاردة الفارين والقبض عليهم.
وفي البحر لم تكن قوات خفر السواحل أقل قدرة وكفاءة عن سابقتها؛ فقد أحبطت محاولة تسلل بحرية في ميناء المكلا بغرض تفجيره، وتعاملت معها بحرفية عالية، ودهاء عسكري، وطرائق حديثة.. أفشلت مخططهم الإجرامي قبل تنفيذه..وهو ما ينم عن أنها تلقت تدريبًا قتاليًا عاليًا خاضته في السِلم..فحقق لها النجاح في غيره خلال دقائق معدودة..وهو ما طالبهُ بهم قائد التمرين قبل بدء المحاكاة بضرورة استغلال (عامل الزمن) في تحقيق الأهداف، وتنفيذ العملية بسرعة قياسية، فلربما العدو _ كما قال _ يباغتك في ثواني وينتصر عليك.
وبالانتقال إلى الشق الثاني في اختبار جهوزية رجال الدفاع المدني بالمحافظة لمواجهة الحرائق في إخلاء المباني من المصابين واطفاء النيران فيها، استطاعت سرية الدفاع المدني بعد استلامها بلاغ بالتحرك نحو موقع الاشتعال فاستطاعت بسرعة كبيرة من إخماد حريق شب في مسجد فندق مكة السياحي بكفاءة عالية، متفاديةً وقوع خسائر في الأرواح والعتاد.
ما بين وحدة قتالية وأخرى تجد نفسك في يقظة عالية _ ربما انتقلت إليك من منتسبي تلك الوحدات_، وأنت تتابع باهتمام بالغ ما ينفذونه في ساحة التمرين بدقة عالية..
فلقد أبلت سرية في اللواء الأول حماية رئاسية بلاءًا حسنًا عند التفافها على (عدو مفترض) تسلل إلى أحد كهوف الجبال فحاصروهم فيه..بعد أن وصل أفراد السرية إلى قمة الجبل بخفة النمور..ورشاقة الغزلان، وأطلقت الجماعة الإرهابيةالنار عليهم فتفادوه..بتحصنهم وراء الصخور..وبادلوهم بإطلاق النار والقنابل الدُخانية عليهم..حيث لقي في هذه المواجهة عددًا من العناصر الإرهابية مصرعهم..فيما تم أسر البقية.
ولم تكتفى قيادة التمرين بذلك فكلفت قائد اللواء بتحريك قوة لمحاصرة جماعة أخرى تحصنت في أحد المباني المجاورة لنقطة التفتيش الرئيسة للقصر الجمهوري..فتم اقتحام المبنى بعملية فدائية أذهلت المتحصنين في المبنى ..وتم السيطرة عليه والقبض عليهم.
وفي الساعات الأولى من التمرين أسندت مهمة فك المدخل الشرقي للجسر الصيني لإدارة أمن مديرية المكلا، بعد تلقي بلاغ بسيطرة عناصر إرهابية عليه..وهناك باغتت قوة أمنية العناصر..وتم محاصرتهم بعد إصابة العديد منهم في أماكن شلت من قدرتهم على الحركة..والقبض عليهم وإخلاء المكان وإسعاف الجرحى..وفتح الطريق أمام المواطنين للعبور بسلام ومزاولة حياتهم الطبيعية التي عادت بعد دقائق قليلة من إغلاقه.
من هذه المشاركة خرجنا بحصيلة وافرة، منها: أن الدروس المستفادة من أعمال التمرين ستُحسن بلا شك قدرات النُخبة الحضرمية مستقبلًا، وأن لجنة التقييم حددت بشكلٍ موضوعي مكامن الإخفاق والنجاح بشكل لا يترك للأخطاء مجالًا لوقوعها في المرات القادمة؛ وذلك بعد تحليلهم للبيانات التي جمعوها أثناء تواجدهم بساحات المحاكات في توصياتهم لقائد التمرين ونوابه.
خرجنا _ وهو الأهم _ أن قوات النُخبة مستعدة للتضحية والفداء بنفسها لبقاء حضرموت آمنة مستقرة؛ كون أهاليهم يعيشون فيها..وأن الوطن ليست شعارات تُكتب على الجدران أو تُقال في مكبرات الصوت.. إنما هي أفعالٌ تُطبق على أرض الواقع..يسعون في السلم كيفية التدرب على ذلك.. للحفاظ عليه في وقت الأزمات.
خرجنا _ أيضًا_ أن ما قبل التمرين عاشت المجموعة التي خططت له أيامًا عصيبةً جعلت سيناريوهات المحاكاة أكثر من ناجحة.. وأن الآثار المترتبة لهذه المناورة سترفع من أسهم المحافظة اقتصاديًا؛ وذلك _ إن شاء الله _ بقدوم الرساميل الحضرمية في المهجر، والعربية، والأجنبية للاستثمار فيها، مما سينعكس ايجابًا عليها وعلى حياة المواطن _الذي يستحق أن يعيش في حالٍ أفضل مما هو عليه اليوم _،
وهي الإجابة عن السؤال الذي طرحه البعض..ماذا سيُفيدنا كل ذلك؟.
خرجنا _كذلك _ بأن التمرين حقق مبتغاه (عسكريًا).. ففيه نجح قائده الماهر استخدام التكتيكات المناسبة في الوقت المناسب لخداع العدو وتفوقه عليه عدديًا وتقنيًا.
أما من الناحية (السياسية) فقد أرسل التمرين رسائل قوية لمن يتربص بحضرموت سوءًا.
ترسخت قناعاتي السابقة بعد معايشتي لهذا التمرين _الذي جاء للاحتفال بالذكرى الثامنة لتحرير ساحل حضرموت من قبضة تنظيم القاعدة.. والانتصار عليه بمقاومة شعبية كانت حاضرة إلى جانب رجال القوات المسلحة والأمن _
أن حضرموت محمية بالله ثم أبنائها الميامين الذين يسهرون على حمايتها.
فهنيئًا لحضرموت حصنها (النُخبة) الحصين.