تسببت الأوزان الزائدة للشاحنات وسيارات النقل الثقيل في خراب الكثير من الطرق الرئيسة والفرعية في العاصمة عدن والمحافظات المجاورة، فلطالما أدى تجاوز الشاحنات الحمولة المقررة لها إلى إعطاب الشوارع وإتلافها، فضلاً عن الأضرار الأخرى التي تؤدي بعضها إلى خسائر بشرية ومادية تنعكس سلباً على حالة الاستقرار في المحافظات الخارجة لتوها من جحيم الحرب.
عدم وجود رقابة حكومية تضبط المخالفات التي تنتهجها مركبات النقل الثقيل، جعل الأمر متروكاً لنزوة سائقي المركبات أنفسهم ومعهم مكاتب النقل الثقيل، في الوقت الذي لم يجد المواطنون من يحميهم من الجشع والتهور المتسلط على حياتهم منذ نحو عشر سنوات.
حلول ومعالجات
ولمنع جشع ذوي الشاحنات ووقف التدهور الكبير الذي يطال البنية التحتية في العاصمة عدن ولحج وأبين ويسرع من عملية تآكلها، أصدر صندوق صيانة الطرق والجسور المركز الرئيسي بالعاصمة عدن تعميماً في يوليو الماضي، يقضي بتفعيل قانون الأوزان والأبعاد الكلية رقم (23) لعام 1994م، ولائحته التنفيذية (242) لعام 1998م، والذي يهدف لضبط الشاحنات بأوزان محددة طبقاً للمواصفات العالمية، والتي لا تتجاوز بأي حال من الأحوال من 66 إلى 45 طناً.
وبحسب تعميم صندوق صيانة الطرق والجسور بعدن، فإن تفعيل قانون الأوزان والأبعاد، جاء للحد من تنامي الأضرار التي خلفتها زيادة الأوزان للشاحنات في خطوط النقل الفرعية منها والرئيسية، وتسببها بعراقيل جمة انعكست سلباً على الحالة المرورية بوجه عام، التي بدورها تعاني من اختلالات كبيرة لا يسمح المقام للحديث عنها.
وقد جاء القرار موزعاً كالآتي: (65) طنا كحد أقصى للشاحنات ذوات (6) محاور أو أكثر، و(56) طنا للشاحنات ذوات (5) محاور، و(47) طنا للشاحنات ذوات (4) محاور، و(40) طنا للشاحنات ذوات (4) محاور عقرب، و(32) طنا للشاحنات ذوات (3) محاور، و(23) طنا للشاحنات ذوات (المحورين).
"عملية ضبط الأوزان بلا أي مقابل"
ووفقاً لبيان لاحق أصدره صندوق صيانة الطرق، فإن الإجراءات بدأت بمرحلة أولى "في نشر محطات الوزن المحوري في محافظات (عدن أبين ولحج) دون أية أعباء إضافية على مستخدمي الطرق، حيث يقوم الصندوق بعملية وزن الشاحنات وضبط الأوزان على الطريق بلا أي مقابل أو رسوم ودون فرض أو استلام أي غرامات مالية على الشاحنات المخالفة، ويكتفى بأن تقوم الشاحنة المخالفة بإنزال الوزن الزائد المخالف للقانون فقط".
وبحسب البيان فإنه من المخطط أن يقوم الصندوق بتنفيذ مرحلة ثانية من إجراءات ضبط الأوزان خلال الفترة القادمة عبر نشر محطات وزن محوري أخرى في بقية المحافظات المحررة تنفيذا لخطة الصندوق في إيقاف سوء استخدام شبكة الطرق وضبط الأوزان الزائدة والمخالفة المحمولة على شاحنات النقل الثقيل والمتوسط.
استجابة سريعة من قوات العمالقة
وعقب توجيه صندوق صيانة الطرق والجسور، كانت قوات ألوية العمالقة من أول المتفاعلين، حيث أكَّد نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، قائد قوات العمالقة الجنوبية عبد الرحمن أبو زرعة المحرمي، مساندةَ الحملة التي سينفذِّها الصندوق. مكلفاَ وحدات من قوات ألوية العمالقة الجنوبية بتأمين الحملة؛ لضبط الأوزان وحماية الجهات المنفذة لها، لتؤدِّي مهامَّها على أكمل وجه.
ومنذ اليوم من انطلاق الحملة، رافقت قوات العمالقة الجنوبية، صندوق صيانة الطرق والجسور، لإلزام جميع الشاحنات وسيارات النقل الثقيل التي تمر عبر النقاط ضبط الأوزان، بالتقييد بالتعليمات التي وردت في قرار الصندوق، مشترطة على كل من يخالف منها بإنزال الوزن الزائد المخالف للقانون حتى يُسمح له بالعبور.
إشادات رسمية وشعبية
الاستجابة الفورية لقوات العمالقة في تطبيق القرار والمساهمة على تنفيذه، قُوبلتْ بتأييد وإشادة كبيرة على المستوى الرسمي، حيث أشاد صندوق صيانة الطرق والجسور، على لسان رئيس مركزه الرئيسي بالعاصمة عدن المهندس معين الماس، بجهود قوات العمالقة بقيادة النائب أبو زرعة المحرّمي، ودورها في استئناف تطبيق قرار ضبط الأوزان، وإنفاذ القانون لما من شأنه الحفاظ على شبكة الطرق الوطنية، لا سيما طرق النقل الرابطة بين المحافظات.
لم يقتصر التأييد والإشادة بمساندة ودور قوات العمالقة لإنفاذ القانون من خلال تأمين حملة ضبط الأوزان الزائدة للشاحنات وسيارات النقل الثقيل في العاصمة عدن ومحافظتي لحج وأبين، على الجهة الرسمية فقط، بل كذلك على المستوى الشعبي أيضاً، لما لدورها البارز والحاسم في ضبط إيقاع حركة النقل في مداخل ومخارج المحافظات المذكورة، وتحجيمها من مخالفات الشاحنات التي، حسب رأيهم، كان لابد من التصدي لها حفاظا على أرواح المسافرين حماية الطرق وصونها من الأضرار التي لحقت بها جراء العبث والتدمير الذي تسببت بها الشاحنات المخالفة طيلة سنوات الماضي.
وفي هذا الصدد، قال المواطن "عبدربه شنظور": "تشهد عدن نهضة شاملة في كل مجالات البناء وهناك طرق جديدة يتم إنشاؤها ومشاريع كبيرة في البنية التحتية، فمن غير المقبول أن نسمح للشاحنات الثقيلة المحملة بالأوزان غير المعقولة أن تعرض كل هذا للخطر".
وأضاف شنظور: "من واجبي هنا أن أحيي ما تقوم به قوات العمالقة بإيقاف الشاحنات التي تزيد حمولتها على ما يسمح به القانون وعدم السماح لها بالمرور من النقاط، لما يترتب على سيرها من تآكل الطرق الداخلية التي هي في الأساس لم تكن معدة لأن تستخدمها وتسير عليها تلك الشاحنات".
بدوره، أوضح "حمود بن زايد" أن "كثيراً من الطرق المخصصة لمرور الشاحنات تتصدع لأنها بالأساس ليست مصممة على نحو صحيح، فضلاً عن أن الأوزان الثقيلة تضاعف المشكلة وتحدث مزيداً من الاختلالات، لذلك فقرار ضبط الأوزان موفق جداً بل وأظنه تأخر كثيراً".
وأكد "بن زايد"، الذي يعمل في أحد المحلات التجارية على حدود محافظتي عدن ولحج، أن "ما تقوم به قوات العمالقة من منع مرور الشاحنات ذات الأوزان الفائضة عمل ليس محترماً فقط بل ووطنياً من الدرجة الأولى".
أما الأكاديمي د. صبري قاسم، فأشار إلى جميع ما ذكره السابقون، وزاد باستعراض المخاطر التي تمثلها الحمولات المخالفة للشاحنات على السيارات الصغيرة خلال احتمالية سقوطها في أي وقت، مؤكداً أن تفعيل قرار ضبط الأوزان كما لقيَ إشادة شعبية واسعة، فقد أثار حفيظة بعض الجهات المستفيدة من تعطيل تنفيذ القانون لتحقيق مكاسب مالية شخصية.