أصبحت مبالغة الإدارة الأميركية في اتباع سياسة اللين تجاه الحوثيين، على الرغم من انخراطهم في أعمال مخلّة بأمن الملاحة البحرية ومهدّدة لمصالح الولايات المتّحدة وعدد من حلفائها، مثار تساؤل من قبل المراقبين عن الهدف من تلك السياسة غير المعهودة من طرف الإدارات الأميركية المتعاقبة حتى في حالات أقل حدّة من الحالة الراهنة وما يميزها من تهديدات الحوثيين واستهدافاتهم المتكرّرة لحركة التجارة العالمية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
كما أصبحت تلك السياسة باعثا على امتعاض في الداخل الأميركي عبّرت عنه جهات نيابية لم تتردّد في اتهام إدارة بايدن بمجاملة جماعة الحوثي والمساهمة في التمكين لها.
ومارست الولايات المتحدة إلى حدّ الآن أقصى درجات ضبط النفس إزاء الهجمات الحوثية على سفن تجارية في مواقع تتواجد فيها قطع البحرية الأميركية، مبررة ذلك بأن الهجمات لا تستهدف تلك القطع.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي ربما لا تستهدف السفن الحربية الأميركية، رغم أن البحرية الأميركية ردت بإسقاط طائرات مسيرة وصواريخ في الأسابيع الماضية.
وعلق ميتشايل مكاول رئيس لجنة الشؤون الخارجية على طريقة تعاطي حكومة جو بايدن مع الهجمات الحوثية بالقول إنّ “إعطاء الأولوية للسياسة على حساب الأمن شجع الحوثيين ومكّنهم من تطوير أسلحة أكثر تقدما”.
وقال في بيان إنّ “من الواضح أن الحوثيين يشكلون تهديدا لليمن ولشركائنا في جميع أنحاء الشرق الأوسط ولأفراد القوات المسلحة الأميركية وللمواطنين الأميركيين في المنطقة ولحرية الملاحة والتجارة العالمية”.
كما وصف أسلوب التعاطي الأميركي مع الحوثيين بأنّه عبارة عن سياسة استرضاء لهم، مطالبا بأن يتم الرد بشكل عملي على تهديداتهم، بما في ذلك إعادة وضعهم على لائحة الإرهاب.
وكانت إدارة بايدن قد ألغت سنة 2021 تصنيف الحوثيين ضمن الجماعات الإرهابية متراجعة عن قرار اتّخذته إدارة دونالد ترامب.
وتطرح حاليا إمكانية وضعهم على اللائحة مجدّدا، لكن مصادر سياسية أميركية تقول إنّ إدارة بايدن متردّدة في ذلك بسبب انخراطها في جهود السلام في اليمن وما يمكن أن تشكّله الخطوة من تعقيدات لتلك الجهود.
وجاءت المطالبة بانتهاج الصرامة إزاء الحوثيين في وقت تركّز فيه إدارة بايدن على العمل الدبلوماسي لإنهاء الصراع في اليمن سلميا. وأعلنت في سياق ذلك عن إيفاد مبعوثها الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ إلى الخليج ليواصل عمله مع الأمم المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والشركاء الدوليين الآخرين لدعم حل الصراع في اليمن في أقرب وقت ممكن وتخفيف المعاناة التي سبّبها الصراع.
وقالت في بيان إن “المبعوث الأميركي سيجتمع مع الشركاء الإقليميين والدوليين وشركاء الأمم المتحدة في الخليج لمناقشة الخطوات اللاّزمة لتأمين وقف دائم لإطلاق النار وإطلاق حوار سياسي يمني – يمني شامل بقيادة الأمم المتحدة، مع مواصلة الجهود لتخفيف الأزمات الاقتصادية والإنسانية”.
وشدّدت في الآن ذاته على ضرورة احتواء الصراع بين إسرائيل وحماس مع متابعة أولوية الولايات المتحدة المتمثلة في الحوار السياسي اليمني – اليمني لإنهاء الحرب ووضع اليمن على مسار ثابت نحو السلام والاستقرار، معتبرة أن الصراع الأوسع في الشرق الأوسط لا يخدم مصالح الولايات المتحدة ولا مصالح الشركاء الإقليميين الذين يدعمون السلام الدائم في اليمن.