استعادة دولة الجنوب مفتاح حل الأزمة السياسية ( تقرير )

استعادة دولة الجنوب مفتاح حل الأزمة السياسية ( تقرير )

استعادة دولة الجنوب مفتاح حل الأزمة السياسية ( تقرير )
2023-06-09 16:12:43
صوت المقاومة الجنوبية/ تقرير - بشير الهدياني

عملت القوى السياسية في الجنوب منذ الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967، على التوصل إلى صيغة وطنية لتوحيد السلطنات والمشيخات، والإمارات التي كانت في طور التشكّل في السنوات الأخيرة من الاستعمار البريطاني، وساعد النظام الجمهوري الذي توافقت عليه قوى ثورة 14 أكتوبر 1963 في التوصل إلى تقسيم إداري مكون من ست محافظات، وعندما تمت الوحدة المشؤومة في مايو 1990، لم يتغير مسمى المحافظات لأن النظام الجمهوري كان أحد القواسم المشتركة سياسياً بين دولتي الشطرين، أما الوحدة بذاتها فقد انطلقت من شعور وطني مشترك بالرغبة في التوحّد الطوعي في كلا الشطرين، ثم جاءت حرب صيف 1994 المشؤومة ودفنت الوحدة بعد تعرض الجنوب للقتل والتدمير والتشريد.

وبعد 33 سنة من الوحدة الطوعية و 29 سنة من حرب "الوحدة أو الموت" التي شوهت وجه الحلم المتحقق لتوه، يعود الجدل الحاد مرة أخرى حول الوحدة واستعادة دولة الجنوب مع الخطوات العملية التي اتخذها قادة الجنوب في المسار الذي بدأوه منذ منتصف التسعينيات لاستعادة دولتهم، وتناقلت وسائل إعلام مؤخراً تصريحات لوزير الخارجية اليمني الأسبق الدكتور أبو بكر القربي قال فيه إن الوحدة اليمنية لم تعد تحظى بتأييد دولي كما كانت في السابق، وجاء تصريحه في سياق التعليق على ردود الفعل الإقليمية والدولية إزاء مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الجنوبي (4-8 مايو 2023).

" قضية الجنوب مفتاح نجاح التسوية السياسية " 

وفي وقت سابق، أجرى السفير البريطاني لدى اليمن ريتشارد أوبنهايم مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط" تطرق فيه إلى القضية الجنوبية التي قال إنها يجب أن تكون جزءاً من التسوية السياسية الشاملة لإنهاء الحرب في البلاد، واللافت في ما قاله أوبنهايم بهذا الصدد أن بريطانيا مستعدة لتبني قرار من مجلس الأمن يضفي شرعية على هذه التسوية المنشودة، لكنه قال إن توقيت تسوية القضية الجنوبية يجب أن لا يؤثر على مسار التسوية الشاملة، وأن لا تؤثر التسوية الشاملة بين جميع أطراف الحرب على أمن واستقرار الجنوب، وتبدو هذه المعادلة سهلة من الناحية النظرية، لكنها على الواقع شديدة التعقيد، إذ إن القوى والمكونات التي تعتبر الحامل السياسي للقضية الجنوبية أصبحت في موقف موحد على كون "استعادة الدولة" الجنوبية هو خبرها الرئيسي.

وفق هذا التعقيد الشائك في الوضع السياسي، لن يكون "استعادة الدولة" مطلباً جنوبياً فقط، بل هو أيضاً مطلب شمالي لاستعادة الدولة من قبضة مليشيات الحوثي الإرهابية، ويبدو أن هذا هو المنطلق الأساسي لتصريحات عضو مجلس القيادة الرئاسي نائب رئيس المجلس الانتقالي فرج البحسني عندما قال مؤخراً إن الجنوبيين لن يتوحدوا مع الحوثي.

"آفاق الحل الفيدرالي"

نص الميثاق الوطني الجنوبي صراحة على أن الفيدرالية خيار أساسي مطروح في مسألة بناء الدولة الجنوبية التي تجري المطالبة باستعادتها من قبل المكونات التي اتحدت مع المجلس الانتقالي، وفي هذه الحالة سوف يخضع هذا الخيار لمزيد من النقاش الموسع بين مختلف المكونات، بما في ذلك تلك التي اعتذرت عن المشاركة في مؤتمر حوار عدن الأخير، ويقتضي المضي في خيار الفيدرالية تصورات علمية وعملية واضحة لا تقوم على تجاوز المعطيات الديموغرافية التي تشكل فيها البنية القبلية حجر الزاوية في البنية الاجتماعية ليس فقط في الجنوب بل وفي الشمال أيضاً، لكن الشمال لا يزال رهينة لنظام الحكم الحوثي الذي لم يعد يخفى على اليمنيين طابعه الإمامي، ولم يعد قادة المليشيا يخفون نواياهم في السيطرة على عموم الجغرافيا اليمنية تحت ذريعة الوحدة غير مستفيدين من دروس الماضي القريب.

كما يقتضي إلى جانب التصورات العلمية والعملية الواضحة، تنفيذ الخيار الفيدرالي في بناء الدولة -سواء تلك "المنشودة" في الجنوب أو الدولة الموحدة- إجماع إقليمي ودولي وفي حين يمثل جانب التصورات العلمية والعملية ميدان المختصين في علم الاجتماع والاقتصاد والسياسة، يمثل جانب الموقف الإقليمي والدولي ميدان الدبلوماسية الناجحة وطويلة البال، وهو ما يعني التعامل مع مصالح دول الإقليم والعالم بحذر منطلقه الأساسي مصالح سكان الأقاليم الفيدرالية التي تشكل في مجملها مجموع المصلحة الوطنية العليا لأي شكل من أشكال الدولة.

"الجنوب .. ومعركة استعادة وادي حضرموت"

عكست التطورات السياسية التي عاشها الجنوب العربي، مدى الأهمية التي تملكها محافظة حضرموت على الساحة والثقل الاستراتيجي الذي تتبوأه في قلب قضية شعب الجنوب، وكان الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، قد بعث برسائل مزلزلة من حضرموت أثناء تواجده فيها، أكد أنها ستكون قلب دولة الجنوب القادمة، لا سيما عندما كشف عن الخيارات الثلاثة التي ستكون عليها دولة الجنوب والتي من بينها دولة حضرموت، وإتساقا مع هذه الأهمية التي تملكها حضرموت على الساحة، فإن الحاجة أصبحت ملحة لخوض معركة مرتقبة تتضمن تحرير وادي حضرموت من المليشيات الإخوانية المتمثلة في المنطقة العسكرية الأولى.

وتحلى الجنوب بالصبر كثيراً على بقاء عناصر المليشيات الإخوانية الإرهابية، رغم أنه لا مبرر ولا شرعية لوجود هذه العناصر في وادي حضرموت، بل أنها تمثل سبباً رئيسياً لتصدير الإرهاب ضد الجنوب، وتتجه الأنظار لتحرير حضرموت في أقرب وقت من سطوة المليشيات الإخوانية الإرهابية، وبات الجنوب يملك الحق الكامل في اتخاذ كل الإجراءات التي تحمي أمنه واستقراره، ويبدو أن معركة معركة حضرموت ستكون عنوان المرحلة المقبلة، لا سيما أن هناك حاضنة شعبية قوية تدفع الجنوب لحسم الحرب ودحر التهديدات التي تحيط به والتي تمثل الأوضاع في حضرموت أحد أشكالها.

ويمثل تحرير وادي حضرموت أمر بالغ الأهمية لصالح قضية شعب الجنوب لا سيما من حيث المسار الأمني، لا سيما أن المليشيات الإخوانية وظفت هذه الجغرافيا من حضرموت لتصدير الإرهاب إلى الجنوب على صعيد واسع.