على خلفية الغزو المشؤوم الذي نفذته قوى الشمال، في حرب صيف 94م على الجنوب، تشكّل مفهوم هذا الانتصار عند سلطات صنعاء، على اعتبار ان الجنوب غنيمة حرب، ومن خلال ذلك أوعزت في سياستها مشاريع التدمير الممنهجة لاستهداف الجنوب ارضاً وإنساناً،إحداهم الجانب الاقتصادي الذي تم البطش به دون رحمه الذي كان يمثل احد اهم مقومات الدولة في الجنوب آنذاك، والتي كانت تتمتع باقوى عمله اسمها الدينار الذي كان قيمته يعادل 3دولار، ولكن نتجية عقلية النهب والفساد للمال العام التي انتهجته سلطات صنعاء وبعملتها الريال وهو يشهد هزات من السقوط والانهيار .
وعلى اعتاب الغزوا الشمالي الثاني للجنوب في العام 2015م بقيادة جماعة الحوثي المدعومة من ايران، الذي عكس العداء الفعلي للجنوب واظهر حقيقة حقدهم الدفين،من خلال استهداف لكل ماهو جنوبي الارض والإنسان،ولكن بعد ان تمكن ابناء الجنوب من السيطرة العسكرية على الارض،ظهرت القوى اليمنية،وفي مقدمتهم حزب الاصلاح،بتشكيل حكومة تسمى الشرعية،تم فرضها على ابناء الجنوب،لتعمل من خلالها على محاربة الجنوبيين،في مختلف الجوانب الى اليوم، من ضمنها الحرب الاقتصادية المتمثلة بإنهيار العملة، والتي ارادت صحيفة صوت المقاومة الجنوبية،تسليط الضوء على ذلك، بتقرير مفصل .
"تآمر قوى الشمال لضرب الجنوب بأزمة اقتصادية"
لا يمكن القول أن لدينا بنك مركزي مالي حقيقي بعدن، إذا ما أردنا توصيف الديكور الصوري المسمى هكذا من بعد القرار الإعلامي المتأخر بنقل عملياته الرئيسية،من صنعاء إلى عدن عام ٢٠١٦م،بعد أن استنفذ الحوثيين نهب ارصدته المالية، ومنحهم فرصة النجاة بجلدهم، من أي محاسبة شعبية أو مساءلة محلية ودولية، عن مصير مرتبات وخدمات الشعب اليمني، وأصول الدولة وأرصدة البنوك المختلفة،وبعض أصولها واذوون الخزانة،وغيرها من محتويات اي بنك مركزي بالعالم.
وفي ذات السياق أكد " المهتم بالشؤون الاقتصادية ماجد الداعري قائلاً :"وهو ما لم يتم نقل اي شي من هذا لعدن كون الحوثيين مسيطرين على صنعاء واكتفوا فقط بعكس ودائع البنوك إلى مركزي عدن،كارصدة رقمية فقط،دون سيولة نقدية أوذهب عقود،وسجلات الأراضي،والاملاك،وغير ذلك من الأدوات الثمينة،التي كانت تقدم كضمانات للبنوك أوشيكات مدفوعة.
وأشار" ان ذلك سارع من كارثة انهيار الصرف،لعجز البنك المركزي عن إدارة سياسة نقدية تحفظ قيمة العملة،بعد قرار التعويم وغياب الرقابة على الصرافين،ومحاسبتهم على عمليات المضاربة والبيع والشراء بالمكشوف فيما بينهم،عبر الواتس ودون رصيد والتعامل خارج النظام المصرفي.
جرعات حكومية ومواقف رافضة.
اصدر رئيس الوزراء معين عبدالملك مؤخراً حزمة من القرارات تمثلت برفع السعر الجمركي للبضائع المستوردة 50 %، بالإضافة إلى قرار رفع سعر بيع المشتقات النفطية، وتعرفة خدمات المياه والكهرباء وحسابات الصناديق،حيث وصف مراقبون تلك القرارات بالقاصمة لشعب يعيش حالة من الفقر والمجاعة.
فيما أكدت " الأمانة العامة للمجلس الانتقالي الجنوبي، في اجتماعها يوم الأربعاء الماضي بالعاصمة عدن، رفضها تصديق رئيس مجلس الوزراء بقرار رسمي على القرارات الصادرة من المجلس الاقتصادي الأعلى.
وشددت "على إلغاء هذه القرارات، لما لها من تبعات كارثية تستهدف تجويع المواطنين في المحافظات المحررة والمواطن الجنوبي بدرجة أساسية ووقف عجلة التنمية لخدمة المليشيات الحوثية غير الخاضعة للقرار،وحثت دول التحالف العربي على التدخل بهدف وقف التدهور والفوضى الممنهجة.
منوهةً "أن المجلس الانتقالي الجنوبي لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذا الاستهداف والعبث الذي يطال شعب الجنوب.
تلاعب مفضوح .
وفي ذات السياق يقول الداعري "عن فضيحة تورط البنوك التي كانت تحصل على أموال مطبوعة جديدة،من البنك المركزي بالعاصمة عدن ،كدفعات من تسييل ارصدتها، بالمضاربة بالعملة وشراء الدولار والسعودي،من السوق والصرافيين،الأمر الذي خلق طلبا وهما متزايدا على الدولار والسعودي ُرفع قيمة صرفه مقابل الريال اليمني.
واستطرد"وهكذا كانت بنوك التضامن والكريمي،والتجاري،و الدولي،وغيرها تساهم في تدمير قيمة صرف العملة،بدلا من دورها الملزم عليها بالحفاظ على استقرار الصرف، وبحجة أنها تحتاج لاحتياطي،واعادة ارصدتها بالدولار والسعودي،كون البنك المركزي اليمني غير قادر على تسليمها فلوسها دولار وسعودي،وليس أمامها الاّ السوق، وكان المركزي عاجز عن أي حل، بل وتورط بنفسه في تلك الجرائم المتعلقةبالمضاربة وغسل أموال وتهريبها كما كشف ذلك تقرير لجنة العقوبات،الدولية التابعة لمجلس الأمن،أثناء تولى محمد زمام منصب محافظ البنك المركزي اليمني بعدن.
"أسباب وتداعيات انهيار العملة"
يعزو باحثون ومهتمون بالشأن الاقتصادي ان ارتفاع أسعار الصرف مؤخرا إلى وجود مخاوف من ايقاف لعمليات تصدير النفط من حقول الإنتاج في محافظات حضرموت وشبوة ، الجنوبيتين عقب تهديدات الحوثي وقصف عدد من موانئ التصدير ومنها الضبة والمكلا وقنا. وسط تداول أنباء سلبية حول الوديعة السعودية ،التي يبدو أنها تبخرت بالكامل ولم يعد لها أثر.
إضافةً ، الى ان البنك يواجه تهُماً بالفساد، خصوصاً بعد تقارير أممية سابقة،كشفت عن فضائح نهب ودائع سعودية ساهمت - وفقاً لخبراء اقتصاديين - في إحداث نوع من الاستقرار النسبي المؤقت في سعر العملة، قبل أن تنال منها "صفقات فساد" مشبوهة تُتهم جهات وشخصيات رفيعة في الحكومة اليمنية، ومجموعات تجارية يمنية معروفة، بالتورط بها.
"طباعة المليارات دون غطاء نقدي"
قال: "المهتم بالشؤون الاقتصادية، ماجد الداعري،ان محافظ البنك السابق منصر القعيطي، طبع بداية اول دفعة ٨٠٠ مليار بمطبعة غورنيك الروسية المتخصصة بطباعة العملة اليمنية بالحجم الكبير وبعد تنسيق مع السعودية.
مضيفاً"لتبدأ من هنا كارثة أنهيار الصرف،إلى جانب كارثة طباعة عملة بحجم وشكل جديدين،فجأة دون موافقة برلمان،ولا سحب الأولى من السوق،وإلغاء التعامل بها،ونجاح الحوثيين في استغلال ذلك لخلق سوقين للصرف ورفض التعامل بها وتحقيق مليارات يومية من فارق الصرف والتحويلات المالية إليهم، واعتبارها عملة مزورة، وللأسف كان ذلك القرار القعيطي الكارثي من أجل تمكينه من طباعة أكبر كميات ممكنة من الاموال وصلت لقرابة ٣ ترليون دولار لأول مرة في تاريخ الجمهورية التي طبعت منذ إعلان ماتسمى بالوحدة المشؤومة عام ١٩٩٠م قرابة ترليون وثمانمائة مليار ريال.
"هدر المال العام "
وأقرت الرئاسة اليمنية بإستحواذ مسؤوليها وقياداتها طوال سنوات الحرب على مليارات الدولارات، وذلك من خلال منح أبنائهم وبناتهم وزوجاتهم وأقربائهم مرتبات شهرية ضخمة بالدولار الأمريكي ومخصصات إقامة ومعيشة خارج البلاد بطرق تنتهك كل القوانين والأنظمة.
وأدى الفساد المهول لمسؤولي ما يسمى (الشرعية اليمنية) إلى إفقار وتجويع الشعب في المحافظات المحررة من مليشيات الحوثي، والتي أصبحت مستعمرة لعصابات الفساد ونهب المال العام دون حسيب أو رقيب، حيث أصبح المواطنين في عدن وكافة محافظات جنوب البلاد عاجزين عن توفير أدنى متطلبات العيش ويعانون من مجاعة غير معلنة، فيما تحول مسؤولي حكومة الشرعية وخلال زمن قياسي إلى مليارديرات ومستثمرين في الخارج.