ان المجتمعات الحديثة تحكمها القوانين واللوائح والقرارات الصادرة من سلطة الدولة، فهناك زخم من القوانين واللوائح والقرارات التي نظَمت سلطة ميناء عدن (أملاكه وحرمه ومرافقه ومساحاته التطويرية) مثيل أي ميناء بحري في كافة دول العالم ، مما آثار تعجبنا الهجوم الصادر من قبل المنطقة الحرة عدن حول قرار مجلس الوزراء رقم 29 لعام 2021م والذي جاء تنفيذا لقانون الموانئ البحرية رقم 23 لعام 2013م المادة (2) فقرة حدود الميناء، وقرارات مجلس الوزراء بناء على توصيات اللجان الوزارية واهمها اللجنة المشكلة بالقرار رقم (49) لعام 2013م للنظر في الخلاف القائم بين مؤسسة موانئ خليج عدن والمنطقة الحرة .. واذا نظرنا ابتداء الى الأسس التي أعطت تلك القرارات القوة القانونية فانه لابد ان نخوض في منحيين اساسين هما: أولاً: تاريخيا ان المنطقة الحرة وليدة الثلاثون عاما ارادت ان تسيطر على ميناء عدن مستعينة بالمتنفذين في السلطة آنذاك متجاهلة تاريخ ميناء عدن (ثاني ميناء عالمي) الذي أقيم على أسس قانونية منذ خمسينيات القرن الماضي، فلا يمكننا هنا تجاهل التاريخ او التلاعب به. ثانياً: قانونا ان قوانين ميناء عدن وبالأخص قانون الميناء عام(1958م) حدد في الفصل (120) حدود الميناء الداخلي والخارجي بوضوح تام لتصبح تلك الأراضي والمساحات المائية المحيطة بالميناء من أصوله واملاكه إضافة الى ما تمتلكه من (الجرانات والليزات ) وهي صاحبة الحق في التصرف بها وفقا لمصلحة وتطوير الميناء وتلك القوانين لم تلغى او تعدَل ( فالقانون لا يلغى او يعدل الا بنص قانوني آخر يذكر فيه). عند صدور قانون أراضي وعقارات الدولة عام 1990م حدد فقط صلاحية التأجير ب 21 عاما كإجراءاحترازي، كما أجاز للأفراد والشركات والهيئات والمؤسسات او الجهات الحكومية حق التملك من أصول او أموال لذا فأن ما يملكه الميناء بالقانون ثابتا ولم يتم الغاء تلك القوانين كي تعود تلك الأموال للدولة. ان قانون المنطقة الحرة رقم(4) لعام 1993م وقرار مجلس الوزراء رقم (65) لعام 1993م حدد (15) موقعا جغرافيا لمدينة عدن من ضمنها قطاعات تتعلق بميناء عدن لم يتضمن في نصوصه الغاء مصلحة الموانئ اليمنية.. كما أشار في احد مواده بأن ذلك التحديد لا يخل بملكية أي منشأة قائمة، ولايجوز صرف أي مساحات الا بعد الرجوع لمجلس الوزراء.. فالتراخيص التي منحتها المنطقة الحرة لمستثمرين مخالفه لنص المادة رقم (8) من قانون المناطق المنطقة الحرة الذي حدد المشاريع التي يجوز انشاءها داخل القطاعات ولم يدخل من ضمن تلك المشاريع مشاريع سكنية كالتي صرفت في منطقة كالتكس التي خصصت لتكون مناطق صناعيه (صناعة الحاويات) وتخدم أغراض الميناء كما خالفت بذلك أيضا القرار رقم(98) لسنة 2002م القاضي بوقف عمليات ردم الشواطئ في المدن الساحلية وذلك كله خروجا عن الأغراض المحددة لهذا القطاع ومانعة التوسعة المستقبلية لأنشطة ميناء عدن وكالتكس. ان القطاعات التي حددت ضمن نطاق المنطقة الحرة كانت غير مدروسة ولاتخدم التطوير وتداخلت مع اختصاصات مؤسسات أخرى كميناء عدن ومطار عدن..الخ، كما شملت مواقع حكومية وخدمية كمعسكر النصر والصولبان .. كما أن القطاع (N) شمل جزء من مصافي عدن مما يدل على عدم الدراسة الكافية لإقامة منطقة حرة.. كما ان القطاعات (ACMJ) هي مناطق ضمن أراضي ومساحات مائية تعتبر من أملاك واصول ميناء عدن والغرض منها تطوير أنشطة الموانئ (صناعة الحاويات) مستقبلا. صدور القرار الجمهوري رقم (61) لعام 2007م بإنشاء مؤسسة موانئ خليج عدن وقرار مجلس الوزراء رقم (235) لسنة 2008م بشأن تسليم مؤسسة موانئ خليج عدن مناطق تطوير ميناء عدن، والقرار رقم (433) لسنة 2006م باعتماد المخطط العام لاستخدامات المساحات المائية والأراضي المحاذية لها في ميناء عدن (التطويري). صدور قرارات مجلس الوزراء رقم(63) و (92) لعام 2013م ورقم(1) لعام 2014م كلها أوقفت التصرف من قبل الغير والغت كل التراخيص المصروفة في حدود ميناء عدن والمخطط التطويري. ان قرار التحكيم الصادر من اللجنة الوزارية التي فصل في الخلاف الذي كان قائما بين مؤسسة موانئ خليج عدن والمنطقة الحرة وهو قرارا حاسما لا يدع مجال للخوض مجددا في أي نزاعات او تداخلات في الاختصاصات. لذا جاء قرار مجلس الوزراء رقم (29) لعام 2021م تنفيذا لقانون الموانئ اليمنية وكذا قرارات مجلس الوزراءالسابقة واعطاءها مزيدا من القوة لتفعيلها وتنفيذها على الواقع حرصا على سيادة القانون ومنع الانتهاكات والمحافظة على ما تبقى من مساحات لتطوير الميناء. الميناء هو عدن وعدن هي الميناء.
شذى محمد عبده قائد رئيس جمعية حماية ميناء عدن