كتب/ عبدالله طزح
رثاء الوالد العقيد /هيثم علي محسن الضحاك
الأوراق من الأجندة تتساقط.. الساعة تقف ما بين الدقيقة والثانية.. ينتهي المشهد على صورة مفجعة.. لا تدع للعقل مكانا للأسئلة.. لأن ما حدث لم يكن سوى إجابة لسؤال الحياة.. عن كل حي منا.. وتلك الدموع الحارة تجد مجراها فتسقط من القلب في هذا الموقف الجلل.
يباغتنا الموت هذه المرة في ليلة يضمر فيها القمر.. ويخطف من سفينتنا أجمل روح ويقطف من شجرتنا تلك الثمرة الطيبة.. بيوم انتهت فيها رحلة الحياة واكتملت معها العدة.
نعم إنها الروح والثمرة الطيبة.. وإن غابت عن المكان والزمان.. وحال الصوت إلى صمت وسكون.
العقيد /هيثم علي محسن الضحاك.. لم يكن ذلك الرجل العادي، فكل ما فيه متميز بخلقه وأخلاقه، ترى الابتسامة تشرق دائما من محياه، ينتقل كالنسمة، لا يترك بعده إلا الأثر المعطر بالمسك والعنبر.
واحسرتاه خسرناك في وقت نحن أحوج الى رجال امثالك، لم تمر سوى بضعة أيام عن لقائي الأخير في حبيل الريده بحالمين ،فقد ناداني وكانه نداء الرحيل فهرعت مسرعا" ووقفت بجواره فاسترسل حديثه قائلا":أنت كادرنا ومصدر فخرنا ياعبدالله ونعتز بشباب امثالك ووجه لي النصائح التي أحسست فيها بمدى حنان وعطف الأبوبه وصدق المشاعر ونبل الرجال ،لقد رحلت لأخسر أبا وأخا" وخسرت مجحز وقبيلة الضحاك واحد من خيرة رجالها الذين لن يتكرروا في فضائل الاخلاق وسمو صفات الرجال العقلاء.
مصدوم حد الاكتواء، ومجروح حد القهر لرحيلك، فخبر رحيلك ألمني وبعثر أحلامي، ومزق في مخيلتي كل ماهو جميل ،وسلبني كل مايستحق التفكير.
هيثم.. لم يخرج منها خسرانا.. بل ممتلئا بدعوات رحمة وعفو وخير، تمطر على روحه الطاهرة كالغيث البارد، فهو الرجل الذي يشهد على حسن أدبه وتربيته زملاؤه في الدراسة وفي العمل، وكيف لا.. وهو رجل اللطف في معاملته للاخرين.
هيثم.. كلنا أحببناك بقدر ما أحببتنا وأضأت شعاع ود في أرواحنا.. ونشرت بيننا من عبير وجودك.. بقدر الابتسامة التي أهديتها لنا.. بقدر الأخلاق الجميلة التي عاملتنا بها.. بقدر ما علمتنا قيمة الحياة.. وقيمة الإنسان.. وقيمة الإيمان.. وقيمة الرحيل..!
ولكننا في الوداع.. تخرج ألسنتنا ولن نقول أبدا إلا ما يرضي الله.. كما أمرنا ربنا سبحانه.. ووصانا عليه نبينا الكريم.. إنا لله وإنا إليه راجعون.
.. أسأل الله أن يرحم هيثم برحمته الواسعة، ويغفر له مغفرة من عنده.. وينزل الصبر والسكينة والسلوان على قلب أهله وذويه وأحبابه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.