ناقشت الأمانة العامة لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، في اجتماعها يوم الاثنين الماضي، بالعاصمة عدن، برئاسة مساعد الأمين العام، فضل محمد، الجعدي، الاستعدادات الجارية للاحتفال بعيد ثورة 14 أكتوبر، التي ستحل الاثنين المقبل.
واستعرض الاجتماع برنامج الاحتفال من فعاليات سياسية وثقافية وفنية ورياضية ووطنية.
واستمع الاجتماع إلى تقارير رؤساء دوائر الأمانة حول برنامج الاحتفال بما يتناسب وأهمية العيد الوطني بالنسبة للجنوبيين وما يحمله من دلالات وطنية وسياسية على مستوى الجنوب ككل.
وقال الجعدي :"إن ثورة 14 أكتوبر ملهمة للجنوبيين للاستمرار في نضالهم لنيل حقهم في استعادة دولتهم المستقلة كاملة السيادة".
وأكد الجعدي على أهمية أن يتوحد الجنوبيون على كلمة واحدة من خلال استلهام وحدتهم في النضال ضد المحتل البريطاني واستعادة دولتهم.
ووقف الاجتماع أيضاً، أمام جُملة من المواضيع المُدرجة على جدول أعماله وتقارير الإنجاز الخاصة بعمل دوائر الأمانة خلال الأسبوع الماضي، حيث استعرضت الدوائر مستوى تنفيذ الخطط والبرامج المُقرة، موضحة التسهيلات والصعوبات التي واجهت عملها خلال التنفيذ.
وأشاد مساعد الأمين العام بمستوى عمل الدوائر ونشاطها على أرض الواقع وتلاحمها مع الشارع، داعياً إلى مزيد من العمل والتنسيق مع القيادات المحلية في محافظات الجنوب بالنسبة لإحياء عيد 14 أكتوبر وكافة الأنشطة الأخرى.
وتعتبر ثورة الـ14 من أكتوبر الثورة الأعظم على الإطلاق، كونها هزمت جبروت محتل ظل جاثمًا، بكل ثقله، على صدر أبناء الجنوب لما يربو على 129 عامًا، وجسدت هذه الثورة التضحيات العظيمة التي قدمها أبناء الجنوب آنذاك.
فثورة 14 أكتوبر جسدت الروح الوطنية لدى أبناء الوطن الجنوبي، وكفاحهم المسلح الذي واجه دولة متقدمة بكامل عتادها المتطور، لكن إرادة الشعوب وحدها من تنتصر، وهو ما حققه الجنوبيون بعد اندلاع شرارة أكتوبر من جبال ردفان الشماء بقيادة راجح بن غالب لبوزة عام 1963، ليتمخض عنها الانتصار الأعظم بطرد آخر جندي بريطاني من عدن في 30 نوفمبر 1967، بعد أن استمرت ثورة أكتوبر زهاء 4 أعوام، لتكون هاتان المناسبتان هما الأعظم لشعب الجنوب على مر تاريخه.
واليوم تحل علينا الذكرى الـ56 لثورة 14 أكتوبر وقد تغيرت كثير من المعطيات منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، فمر الجنوب بعدة منعطفات أبرزها قيام الوحدة اليمنية بين (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، و(الجمهورية العربية اليمنية) في 22 مايو 1990، والتي قامت على أساس القومية العربية، غير أن نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح حرف مسارها، فحولها من وحدة بين دولتين اتفقتا على أسس ومبادئ إلى هبة ومرتع يرتع فيها متى وكيفما شاء، فعاث في أرض الجنوب فسادًا، وما يؤكد ذلك أن الوحدة لم تستمر إلا 4 سنوات قبل أن تندلع حرب صيف 1994، ليشن نظام صالح حربًا شرسة ضد الجنوبيين، ويرمي بكامل ثقله إلى الجنوب، وحصل ما حصل.
بعدها، ظل الجنوبيون في حالة فوران وغليان، وظل يقاوم سلميا، بعد أن جرده نظام صالح من كل شيء، ليشهد عام 2007 انطلاق ثورة الحراك الجنوبي السلمية، والتي قوبلت بالقمع والبطش من قبل نظام صالح، غير أن الجنوبيين عزموا على مواصلة نضالهم، كما حدث إبان الاحتلال البريطاني، ولم يكتفِ نظام صالح بما حدث للجنوبيين، ليعيد الكرّة مرةً أخرى، ليشن هو والحوثيون حربًا على الجنوب في مارس 2015، ورغم ذلك، فإن الجنوبيين لم يرضخوا أو يستسلموا، فظل شباب الجنوب يقاومون بكل بسالة وشجاعة رغم عدم توافر السلاح والإمكانات، لكن، ونعيدها ثانية، إرادة الشعوب وحدها من تنتصر، وهو ما حققه الجنوبيون بالانتصار على الحوثيين وأتباع صالح في ذات العام.
انطلاق ثورة أكتوبر
قبل انطلاق ثورة 14 أكتوبر 1963 من جبال ردفان، كانت هناك أحداث عدة نذكرها باقتضاب، حيث صدر في 11 سبتمبر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة قضى بحل مشكلة الجنوب اليمني المحتل، وحقه في تقرير مصيره، والتحرر من الحكم الاستعماري البريطاني.. وعند عودة الجنوبيين من شمال اليمن بقيادة راجح لبوزة، الذي استشهد مع مغيب شمس يوم الثورة، انطلقت شرارة ثورة أكتوبر من جبال ردفان، والتي دامت 4 سنوات، وحينها شنت السلطات البريطانية حملات عسكرية غاشمة استمرت زهاء 6 أشهر، ضربت خلالها القرى والسكان الآمنين بمختلف أنواع الأسلحة، تشرد على إثرها آلاف المدنيين العزّل، واتّبعت القوات البريطانية في هجماتها وغاراتها على مناطق ردفان سياسة «الأرض المحروقة»، وخلفت كارثة إنسانية فظيعة، حتى إن أحد أعضاء مجلس العموم البريطاني أدان تلك الأعمال ووصفها بـ «اللا إنسانية».
وفي عام 1965 اعترفت الأمم المتحدة بشرعية كفاح الشعب الجنوبي طبقًا لميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وخلال المعارك بردفان خاض المناضلون مواجهات عسكرية شرسة مع القوات البريطانية في جميع جبهات القتال، زلزلت مواقع وتجمعات المستعمر البريطاني، حتى نال الجنوبيون الاستقلال في 30 نوفمبر 1967، بعد احتلال بريطاني دام لـ 129 عامًا، لينجح الجنوبيون في هزيمة الدولة التي لا تغيب عنها الشمس.
واليوم تغيرت كثير من المعطيات في الجنوب، فأصبح الاحتفال بهذه الذكرى يحمل أغراضا سياسية، وليس كما هو معروف، بأنها ذكرى تحمل تضحيات شعب، ناضل وقاتل وكافح في سبيل التحرر.
وأصبح الجنوب اليوم على أعتاب استعادة دولته وهويته، ما يعني نبذ أي خلافات قد تظهر من هنا أو هناك، وأصبح لزامًا أن يعي الجنوبيون أهمية المرحلة الراهنة.
مراقبون سياسيون قالوا إن توحيد وجهات نظر الجنوبيين مهم، وهذا أمر غير قابل للنقاش؛ لأن الأمر متعلق بتضحيات آلاف الشهداء والجرحى.
وأضافوا: إنه من المهم ألا ينجر الجنوبيون إلى مربع المناكفات السياسية التي قد تلقي بظلالها على مستقبل الجنوب.
وأشاروا إلى أنه كان بالسابق يحتفل الجنوبيون بذكرى أكتوبر ونوفمبر تحت شعارات واحدة وهدف واحد.. فما الذي تغير الآن؟
وأكدوا أن العدوّ يتربص بالجنوبيين وينتظر أي هفوة منهم ليضعها حجة أمام العالم.
وقال علي الزامكي، رئيس مكتب العلاقات الخارجية بالمجلس الانتقالي الجنوبي باليمن في روسيا والدول المستقلة: "حين نستعيد ذكرى أولئك، الذين سقطوا على درب الحرية من أجل قضية الجنوب، إنما لنذكر أنفسنا بأن مسؤوليتنا تجاه الدماء، التي أراقوها ورووا بها أرض الجنوب لا تقل بحال عن المسؤولية، التي تحمّلوها ووهبوا أرواحهم ودماءهم من أجل ترابها وعزتها وكرامتها".
وأضاف "الزامكي" في تصريحات خاصة لــ "الفجر": "ولكي نطيب ثراء شهدائنا الأبرار ونجعلهم في ذاكرة الأجيال والتاريخ أن نضطلع بمسؤولية تحقيقها على صعيد الوعي الوطني وعلى صعيد الممارسة، يعني ذلك من الناحية العملية والوطنية، مواصلة إعادة تكوين الإنسان الجنوبي ما بعد الوحدة الفاشلة، وترسيخ ذلك في عقل ووجدان وسلوك الإنسان الجنوبي، حيث تغدو قضية الانتماء للهوية الوطنية الجنوبية، مرتبطة بتضحيات أسطورة الحرب الأخيرة في عدن".
وأشار إلى أنه "تهل علينا ذكرى ١٤ أكتوبر اليمنية بحلة جديدة، وقد اغتسلت من الاحتلال والأطماع اليمنية واستعادت كرامتها وديمومتها".
وقال الزامكي: "اسمحوا لي أن أتقدم بخالص التهاني والتبريكات لشعبنا الجنوبي العظيم بمناسبة عيد ثورة ١٤ أكتوبر، متمنيا له التوفيق في إنجاز استعادة دولته والخزي والعار للغزاة المحتلين القدماء والجدد".
وتعد ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963، واحدة من أهم الثورات العربية والتي غيّرت بقيامها مجرى الأحداث وانتصرت للحرية والكرامة بعد سنوات من النضال الثوري المسلح ضد الاستعمار البريطاني، قدم فيها اليمنيون أرواحهم ودماءهم وأموالهم في سبيل تحرير البلاد.
لقد تفجرت ثورة الرابع عشر من أكتوبر اليمنية في جبال ردفان الشامخة وذلك بعد نضجها ثورياً وعسكرياً في الشطر الشمالي من اليمن خاصة في صنعاء وتعز وإب والحديدة، حيث مثلت هذه المحافظات ملاذاً آمناً للثوار استطاعوا خلالها أن يرسموا مخططاتهم الثورية.