استطلاع خاص..المستشفى الميداني في جبهة حجر.. شريان حياة على خط الموت

استطلاع خاص..المستشفى الميداني في جبهة حجر.. شريان حياة على خط الموت

استطلاع خاص..المستشفى الميداني في جبهة حجر.. شريان حياة على خط الموت
2019-09-20 15:08:55
صوت المقاومة/خاص-الضالع

-استطلاع: فؤاد جباري
نظراً للمعارك الدائرة في شمال الضالع لأكثر من خمسة أشهر بين القوات الجنوبية من جهة والمليشيات الحوثية من جهة أخرى، ونظراً لما تشهده منطقة حجر السفلى بشكل خاص من مواجهات ومعارك ضارية، إلى جانب الحصار المطبق الذي فرضته المليشيات الحوثية على أهالي المنطقة بسيطرتها على منطقة باجة، والتي بسيطرتها على المنطقة حوصرت مناطق حجر السفلى بشكل عام ولم يتبقَ للأهالي إلا طريقًا واحدة وعرة تمر عبر الجبل، والتي تقع إلى أقصى الشمال الغربي لمدينة الضالع، وتفصلها مسافة تقدر بـحوالي 50 كم كلها تمرّ عبر طرق ترابية وعرة، وكان لزاماً من إيجاد مستشفى ميداني أو مركز صحي في هذه المنطقة حتى يخفف من معاناة الأهالي وينقذ جرحى الجبهات من المرابطين في جبهة حجر السفلى بتقديم الاستطبابات والإسعافات الأولية الطارئة لهم تمهيدا لنقلهم إلى المستشفيات في المدينة.
"صوت المقاومة الجنوبية" زارت مستشفى حجر الميداني واستمعت من جنوده المجهولين قصة الألف ميل التي بدأت بـ "فكرة" لتتحول إلى حقيقة ماثلة؛ حيث تم إنشاء المستشفى بجهود شخصية في منطقة تشهد مواجهات مستمرة.
شراسة المواجهات واستمرار الحصار فرضا فكرة بناء مستشفى على وجه السرعة
في البداية التقينا بالدكتور فؤاد العقيلي، مدير المستشفى الميداني حجر (السفلى) والذي تحدث عن فكرة إنشاء المستشفى وكيف استطاع مع رفاقه تحويل الفكرة إلى حقيقة في جبهة مشتعلة وبجهود شخصية. 
يقول د. فؤاد: "جاءت فكرة ضرورة إنشاء مستشفى ميداني في حجر السفلى نظراً للحرب الدائرة في حجر بشكل خاص وشمال الضالع بشكل عام، ونتيجة لمعاناة المرضى وزيادة عدد إصابات الجرحى بشكل يومي وعدم حصولهم على الإجراءات الطبية الإسعافية الطارئة في وقت الإصابة وبسرعة، وزيادة حالات الوفاة للجرحى بسبب بُعد ووعورة الطريق وعدم توفر سيارات إسعاف لإسعافهم، تم التفكير بالمبادرة بإقامة مستشفى ميداني لإنقاذهم من خطر الموت والتخفيف من معاناة المرضى الذين يحتاجون إلى خدمة صحية وإسعافية بسبب الحصار المفروض على المنطقة واستهداف القرى والسكان بالقذائف ونزوح الأهالي وتشردهم". 
ويضيف: "لذلك قمنا بالدعوة لاجتماعٍ ضم كل العمال الصحيين والمتطوعين ومشرفي الوحدات والمراكز الصحية وقيادات مجتمعية، والتنسيق مع قيادات الجبهات بضرورة البدء بعمل المستشفى كتدخل عاجل لإنقاذ جرحى المواجهات مع مليشيات الحوثي، وكذلك استهداف المواطنين بالقذائف إلى القرى والبيوت، وكذلك مرضى الحالات الحادة مثل الإسهالات، بحيث يكون مشفى يستهدف الحالات الطارئة من الأمراض العادية إلى جانب جرحى الحرب". 
وأضاف بالقول: "بعد أن نجحت الفكرة وتم الاجتماع، انطلقنا للبدء بالعمل وقمنا بالبحث وتجميع الطاقم الطبي وإشعارهم بالعمل، وقمنا تحديد جدول النوبات في 7/8/2019 ، وبطاقم طبي يتكون من حوالي 38 عاملًا موزعين على مختلف التخصصات، وبعدها تم تحديد مهام واختصاصات كل عامل، ثم انطلقنا للبحث عن جهات ممولة لدعم المستشفى بالمعدات والأجهزة والأدوية والمستلزمات الطبية، وبداية حصلنا على تعاون كبير من قبل مكتب الصحة العامة والسكان، حيث مدنا المكتب بالأدوية المتوفرة لديهم، والذي ينقص نحاول البحث عنه عن طريق التبرعات لشرائه، ومع هذا كان ولازال ينقصنا الكثير من الأدوية الطارئة وخاصة التي تتطلبها الحالات الحرجة المهددة بفقدان الحياة".
واستطرد قائلا: "وبعد أن بدأنا العمل، فوجئنا بتوافد الحالات بشكل كبير، وخلال فترة لا تقل عن عشرة أيام أتى إلينا أكثر من 48 جريحا من جرحى الجبهات في حجر السفلى تتوزع إصاباتهم بين المتوسطة والخطيرة، وكذلك معالجة حوالي 670 مريضا معظمهم أطفال".
 
مناشدات لدعم المستشفى ليستمر
وأطلق الدكتور فؤاد مناشدة عبر صحيفة "صوت المقاومة الجنوبية" قال فيها: "بسبب قلة الإمكانيات وكثرة الحالات الوافدة، نود ومن خلال صحيفتكم الغراء صحيفة "صوت المقاومة الجنوبية" أن نطلق نداء استغاثة لكل الجهات الرسمية والحكومية ممثلة بوزارة الصحة، والمنظمات الدولية العاملة في الجنوب، والمانحين، أيضا نود أن نطلق نداءً خاصا إلى قيادات التحالف بسرعة المبادرة لدعم استمرارية هذا المستشفى الطارئ وتجهيزه وتأثيثه، فالمستشفى بحاجة إلى دعم طارئ بالعديد من الأمور مثل: سيارات الإسعاف، والأجهزة الطبية، والكهرباء، والأدوية للحالات الحرجة، إلى جانب متطلبات تشغيلية وحوافز العمال المتطوعين، فالوضع في حجر السفلى مع استمرار الحرب والحصار أصبح لا يحتمل، ومن الضروري سرعة تجهيز ودعم المشفى حتى يستطيع أن يساهم في إنقاذ الجرحى والتخفيف عن معاناة المرضى من الأهالي المحاصرين". 
المهري: المستشفى أتى كضرورة حتمية فرضتها الحرب
من جهته تحدث القائد قاسم المهري، مندوب الدعم اللوجستي جبهة الضالع، عن فكرة إنشاء المستشفى وتحويله من مجرد أفكار إلى حقيقة ماثلة، متمنيا من الجميع دعم المستشفى حتى يستمر في تقديم خدماته. المهري قال: "بداية أشكر صحيفة "صوت المقاومة الجنوبية" على اهتمامها المستمر بمتابعة أخبار جبهة الضالع، سواء أكان في الجانب العسكري أو الإنساني، وأشكر طاقمها على تحملهم المشقة والنزول إلى هنا لتسليط الضوء على المستشفى الميداني في حجر السفلى الذي صراحةً وُجِد كضرورة حتمية لأسباب الحرب في حجر والذي يبذل فيه الشباب جهودا جبارة في التخفيف من معاناة المرضى وإنقاذ جرحى الجبهات". 
وأضاف: "في الحقيقة منطقة حجر السفلى منطقة نائية وبعيدة، وتشهد معارك ضارية بشكل شبه يومي بين قواتنا الجنوبية ومليشيات الحوثي الإيرانية، ولهذا فالجرحى في هذه الجبهات كانوا يعانون في عملية النقل والمسافة البعيدة عبر الطرق الوعرة، لذلك كان الكثير من الجرحى تسوء حالاتهم بسبب النزيف أو ما شابه ذلك، وعدم الإسراع في الحصول على الإسعافات الأولية، لذلك كانت فكرة المستشفى الميداني في حجر السفلى أمر ضروري وطارئ، وعندما طرح عليّ الشباب هذه الفكرة رحّبت بها ووجدتها غاية في الأهمية وشجعت الشباب على المضي قدما بها ونحن إلى جانبهم".
ويواصل القائد المهري حديثه عن فكرة إنشاء المستشفى في جبهة مشتعلة كجبهة حجر قائلا: "منطقة حجر السفلى تتعرض حالياً لحصار، وليس فقط جرحى الجبهات من يعانون عدم الحصول على عناية صحية ولكن حتى الأهالي من المواطنين تكاد تنعدم عنهم الرعاية الصحية، لذلك المستشفى وُجِد ليقدم خدماته لجرحى الجبهات وكذلك الحالات المرضية العادية، ونحن بدورنا حاولنا أن ندعم ونقدم قدر المستطاع لهذا المستشفى، ونعرف أنه حاليا لازال ينقص المستشفى الكثير من الأمور، لكن بعون الله سنبذل قصارى جهودنا لتوفير كل المستلزمات والمعدات، وهناك وعود من بعض الجهات لدعم المستشفى بالمعدات وإن شاء الله نعمل على متابعتها، على رأسها قائد التحالف العربي في العاصمة عدن والذي نأمل منه بعد الله خيرًا".
المستشفى أنقذ الكثير من الجرحى وبالذات القادمين من مناطق حجر
د. سعيد المقرع، مدير قسم التمريض بالمشفى الميداني، تحدث لصحيفة "صوت المقاومة الجنوبية" عن الجهود التي بذلت في سبيل تحويل حلم وجود مستشفى على خطوط التماس إلى حقيقة. 
الدكتور المقرع قال: "في ظل الحرب والأوضاع التي عاشتها قرى حجر السفلى واشتداد المعارك في الجبهات المنتشرة في مناطقنا، كان هناك جرحى كثر يعانون الويلات جراء قيام الغزاة من المليشيات الحوثية قطع الطريق الرئيسية في منطقة باجة، وكان يتم إسعاف الجرحى عبر الطريق الفرعية البعيدة والوعرة، وبالتالي تتضاعف حالة الجريح ويتعرض للنزيف والوفاة، ومنذ شهر 5/2019 قمنا بالتواصل مع بعض الأطباء وقمنا بالخروج إلى ميدان المعارك لكي نقوم بالإسعافات الأولية للجرحى، وعملنا بهذا الإطار وبذلنا جهودا كبيرة وقدمنا الكثير وعالجنا كثيرا من الحالات بجهودنا الذاتية ولم نتلقَ أي دعم من أي جهة، هذا في بداية عملنا".
ويضيف قائلا: "ومن ثم حاولنا التواصل مع الإخوة الأطباء، وطرحت أنا شخصيا فكرة المستشفى الميداني في حجر، وتم التوافق على هذا الأمر، وتحركنا برفقة الأخ مطيع العمري في اليوم الثاني، وقمنا بإجراءات بالمتابعة على المستشفى في المحافظة ممثلة بمكتب الصحة ومكتب المحافظ ومكتب التخطيط والتعاون الدولي ممثلاً بالأخ نبيل العفيف الذي سرعان ما تجاوبوا معنا هو والأخ محمد عبدالله الدبش الذين نشكرهم كثيرا على تجاوبهم معنا".
ويواصل حديثه قائلا: "وخلال أسبوع تم إخراج المخيمات والحمامات السفري وصهريج المياه (الخزان)، ونشكر الأخ يحيى سلمان حيث كان متعاونا معنا، وبعدها تم الاجتماع لاختيار مكان مناسب للمستشفى برئاسة الدكتور القدير فؤاد العقيلي الذي بذل جهدا كبيرا جدا بدعم الجبهات بالمواد الطبية والإسعافات الأولية منذ بداية المواجهات وبجهوده الذاتية، وكذلك لما قام به من عمل جبار في المتابعة بالمحافظة، والفضل يعود له في تأسيس المستشفى الميداني، والحمد لله تم الاعتماد وتم ترشيح عمال الطاقم الطبي، والعمل مستمر في المركز على أكمل وجه ويقدم خدماته بالإمكانيات المتاحة".
شكراً لكل جندي مجهول ساهم في إنجاز هذا المشروع 
الأستاذ مطيع ناجي صلاح، المدير التنسيقي للمستشفى، اختصر حديثه عن هذا الإنجاز الإنساني في جبهة الضالع برسالة شُكر أرسلها لكل من ساهم في إنجاز المستشفى. 
الأستاذ مطيع قال: "أولا ومن خلال صحيفة "صوت المقاومة الجنوبية" نجدها فرصة أن نبارك لقيادتنا السياسية ممثلة برئيس المجلس الانتقالي الجنوبي الرئيس عيدروس الزبيدي الانتصارات العظيمة في العاصمة عدن وأبين ولحج على جماعات الإرهاب وداعش أدوات جماعة الإخوان. ثانيا لا أزيد عن ما تحدث به الزملاء حول فكرة المستشفى وتأسيسه والجهود التي بذلت وغيرها، لذلك سأختصر وقتي وأوجه شكري وتقديري لكل من ساهم في إنجاح هذا العمل سواء بالدعم المادي أو الجهود وأخصّ بالذكر نائب رئيس المجلس الانتقالي للشئون الصحية الدكتور صالح قاسم الحكم بدعمنا بأثاث المستشفى في الوقت الذي ننتظر منه مزيدا من الدعم للمستشفى الميداني، مع العلم أن المستشفى يعالج الجرحى وكل الأمراض مثل الإسهالات المائية المنتشرة بكثرة هذه الأيام في مناطق حجر السفلى الواقعة على ضفاف وادي تبن والتي تسببها تدفق السيول الملوثة بمياه الصرف الصحي والتي تأتي من محافظة إب.. وغيرها من الأمراض".
ويواصل بقوله: "كما أشكر الفريق العامل بالمستشفى وعلى رأسهم الدكتور سعيد المقرعي صاحب أول مبادرة بهذه الفكرة وهو من اقترح اختيار المكان المناسب، والدكتور صالح الشيبة والدكتور وضاح محسن علي، و لا أنسى أن أشكر شكرا خاصا مدير المستشفى الدكتور فؤاد العقيلي على الجهود الكبيرة والحثيثة التي بذلها ولازال يبذلها في سبيل خدمة المستشفى الذي ينعكس بدوره على خدمة العامة من الناس في منطقة حجر الداخلية".