"صوت المقاومة الجنوبية" القسم السياسي:
يوماً بعد يوم، تكثر المخاوف من كارثة بيئية تسبَّبت فيها مليشيا الحوثي الانقلابية فيما يتعلق بسفينة "صافر" التي ترسو في الحديدة منذ فترة طويلة، وباتت رهن التفجير بين لحظةٍ وأخرى.
السفينة المهجورة كان من المنتظر أن يزورها فريق تفتيش تابع للأمم المتحدة لتقييم حجم الأضرار على مستوى هيكل الناقلة وصهاريج التخزين، إلا أنّ المليشيات الحوثية رفضت منح تصريح للفريق الأممي ما حال دون ذلك.
وتقول صحيفة "جارديان" إنّ المخاوف تتزايد من تراكم الغازات في صهاريج السفينة، وهو ما قد يُعجِّل بانفجارها، وسط خلافات حول ما يجب القيام به بخصوص السفينة وحمولتها.
ترسو الناقلة على بعد كيلومترات من ميناء رأس عيسى شمال محافظة الحديدة في البحر الأحمر، وتضم أكثر من مليون برميل من النفط عرضة لخطر كبير بسبب تآكلها، وعلى الرغم من انقطاع الإنتاج الناجم عن الصراع، يُعتقد أنّ بالناقلة حوالي 1.14 مليون برميل من النفط الخام، هي كمية تمثل أربعة أضعاف كمية النفط التي تسربت من ناقلة "إكسون فالديز"، في العام 1989، التي تعدّ إحدى أسوأ الكوارث البيئية.
في هذا السياق، أكّد منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مارك لوكوك أنّ مليشيا الحوثي رفضت مجدداً منح تصاريح لزيارة السفينة، وطالب الانقلابيين بضمانات لتمكينهم من التحكم في عائدات النفط على الناقلة بقيمة 80 مليون دولار.
إمكانية حدوث كارثة بيئية أمر وارد بقوة، وعدم القيام بعملية تفتيش للسفينة من قبل فريق أممي من بين المسائل التي تبعث على القلق، لذلك يجب الإسراع في العملية، لتحديد حجم المخاطر.
وأيّ انفجار قد يحدث في الفترة المقبلة، من شأنه أن يتسبب في تسرب النفط، وهو ما سيؤثر بشكل سلبي على البيئة البحرية والتنوع البيولوجي في البحر الأحمر، الذي يعدّ موطن الشعاب المرجانية، وسيعيق النزاع في اليمن جهود احتواء أي كارثة بيئية قد تحدث.
ويلوح الحوثيون في أكثر من مناسبة، بأنّهم سيقومون بتفجير الخزان النفطي العائم في البحر للتسبب في كارثة بيئية واسعة النطاق، إذا لم يتم السماح لهم ببيع المخزون النفطي.
وتمارس مليشيا الحوثي جولات ابتزاز تنذر خلالها بكارثة بيئية، مشترطةً تقاسم مبيعات النفط، لتثير سلسلة من التساؤلات حول موقف الشرعية من ذلك، وتعاملها مع هذا الوضع بين رضوخٍ أو عدمه.
وفي مايو الماضي، قال عضو ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" التابع للمليشيات محمد علي الحوثي عبر حسابه على موقع "تويتر": "ندعو الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى وضع آلية تقوم على بيع النفط الخام اليمني ومنها نفط خزان صافر العائم في ميناء رأس عيسى النفطي في البحر الأحمر"، مضيفاً أنّ ذلك سيعمل على توفير واستيراد البترول والديزل والغاز المنزلي كونها مواد ضرورية للمواطنين.
واشترط الحوثي "إعادة ما يتم بيعه الى بنكي صنعاء وعدن لصرفه مرتبات للموظفين التابعين لنطاق سيطرته".
خزان "صافر" النفطي العائم، يقع حالياً تحت سيطرة مليشيا الحوثيين، وكان قبل الحرب التي أشعلتها المليشيات يستقبل إنتاج خمس شركات نفطية وعبره يتم التصدير إلى الخارج، وتزويد مصافي عدن بالنفط الخام.
المليشيات الحوثية تستغل مشكلة الخزان النفطي "صافر" العائم في ميناء رأس عيسى غرب اليمن، لإطلاق دعوتها، وسط مخاوف متزايدة من كارثة نفطية في البحر الأحمر.
حرب الملاحة المؤجلة
بينما تتحرك الولايات المتحدة نحو تشكيل تحالف لحماية أمن الملاحة في المنطقة، فإنّ جانباً رئيساً في هذه المواجهة "المؤجلة" يتمثل في قطع الأذرع الإيرانية الإرهابية وفي مقدمتها مليشيا الحوثي الانقلابية.
الفترة الأخيرة كانت شاهدةً على كثيرٍ من الهجمات الإرهابية التي استهدفت ناقلات النفط في الخليج، وهي هجمات فاحت منها رائحة إيرانية – حوثية، وهو ما يتوجّب تصدياً حاسماً من قِبل المجتمع الدولي ضد كل هذا العبث الذي فاق كل الخطوط الحُمر.
ومن المقرر أن تستضيف مملكة البحرين في الفترة المقبلة اجتماعاً يناقش أمن الملاحة البحرية والجوية خلال الفترة المقبلة، بمشاركة أكثر من 60 دولة، في مقدمتها الولايات المتحدة التي تحشد لهذا التحرُّك الدولي الهادف في المقام الأول إلى حماية أمن الملاحة في المنطقة، بعدما طالها العبث الإيراني.
وسبق أن صرّح رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال جوزيف دانفورد بأنّ بلاده أعدَّت خطةً سيتولى بموجبها تحالف عسكري دولي لحماية المياه الاستراتيجية قبالة إيران واليمن، بعد الهجمات التي تعرضت لها ناقلات ومنشآت نفطية، جرى تحميل إيران المسؤولية عنها.
مواجهة هذه الحالة التي يملأها التوتر، لا يجب أن تنفصل عما يدور في اليمن، فإيران تعتمد في شن هذه الهجمات على أذرع ومليشيات إرهابية، تتصدرها في هذه الآونة المليشيات الحوثية، بعدما كان حزب الله في مقدمة المشهد لفترات طويلة.
المواجهة المرتقبة - المؤجّلة على ما يبدو لحين تحقيقها تتطلب قدراً مناسباً من التكاتف الدولي - يتوجَّب أن تتضمّن ردعاً حازماً حاسماً، وقطعاً شاملاً للأذرع الإيرانية في المنطقة.
هذا الردع لا يشترط أن يكون بتدخُّل عسكري غربي في اليمن لأنّ ذلك قد يحمل بعض العواقب الآن أو لاحقاً، لكن من خلال دعم التحالف العربي وعملياته عبر كافة الأصعدة، سواء سياسياً أو لوجستياً، بالإضافة إلى تضييق الخناق على المليشيات الإيرانية بفرض عقوبات عليها ومحاصرتها سياسياً وعسكرياً.
تُمثّل هذه الضغوط المرحلة الأولى في المواجهة شديدة الأهمية، وهي تعتبر كذلك أهم خطوات إنهاء الحرب العبثية في اليمن المستمرة منذ صيف 2014، فالمليشيات لن توقف إرهابها وعبثها المروِّعين إلا عندما تستشعر خطراً هائلاً يحاصرها من جميع الجهات.
التحالف يردع إرهاب الحوثيين
في الوقت الذي تتعمد فيه المليشيات الانقلابية استهداف الأعيان المدنية، فإنّ التحالف العربي يواصل جهوده للتصدي لهذا العدوان الحوثي المروِّع للإنسانية.
التحالف أكّد أنَّ أمن الملاحة البحرية مسؤولية دولية، وأنَّه ساهم في منع تهديد الحوثي للملاحة البحرية، وذلك بعد محاولة استهداف المليشيات لسفينة تجارية في السابع من يوليو الجاري.
في هذا السياق، صرّح العقيد الركن تركي المالكي المتحدث باسم التحالف إنَّ استقبال الفريق الركن فهد بن تركي قائد القوات المشتركة، للجنرال فرانك ماكينزي، قائد القيادة المركزية الأميركية (سينتكوم)، جاء ضمن التعاون الوثيق والمشترك بين قيادة القوات المشتركة للتحالف والقيادة المركزية الأمريكية، مؤكّداً أنَّ هناك فهماً مشتركاً للتهديدات الحوثية للطرق والمواصلات البحرية والتجارة العالمية.
وأضاف "المتحدث" أنَّ العمليات الإنسانية مستمرةٌ بالتزامن مع العمليات العسكرية في تقديم المساعدات للمدنيين وتأهيل مؤسسات المجتمع، مؤكداً أنّ عاصفة الحزم بدأت بسبب إنساني بحت.
وتواصل المليشيات الحوثية خرق القانون الدولي الإنساني، وارتكاب الانتهاكات الجسيمة التي ترتقي إلى جرائم حرب ومحاولات لاستهداف المدنيين، سواء في اليمن، أو في الخارج، وتحديداً داخل السعودية من خلال محاولات الهجوم على المطارات المدنية في أبها ونجران وجازان.
وشهدت الأسابيع القليلة الماضية ثماني محاولة حوثية لهجمات بطائرات بدون طيار، أكَّدت المليشيات عبر أبواقها الإعلامية، أنَّها تستهدف المدنيين في المطارات.
وفي إزاء هذه التهديدات التي تستهدف المدنيين بشكل مباشر، فإنّ التحالف العربي يتخذ إجراءات صارمة لمواجهة هذه الممارسات العدوانية، ومنها إطلاق عمليات عسكرية نوعية لتحييد القدرات النوعية سواء كانت الصواريخ الباليستية أو الطائرات دون طيار.
وتستهدف هذه العمليات النوعية قطع الأذرع الحوثية الإرهابية، من خلال القضاء على الإمكانيات العسكرية المتزايدة التي تملكها المليشيات الانقلابية.
وأطلق التحالف عملية عسكرية لتدمير خمسة مواقع دفاع جوي وموقع تخزين صواريخ باليستية في صنعاء، وهي عملية جاءت امتداداً للعمليات العسكرية السابقة والتي تمّ تنفيذها من قيادة القوات المشتركة للتحالف لاستهداف وتدمير قدرات الدفاع الجوي والقدرات العدائية الأخرى.
كل هذه التحرُّكات الحاسمة من التحالف جاءت رداً على الهجمات الحوثية الآخذة في التصاعد ضد مواقع مدنية في المملكة العربية السعودية، والتي كشفت عن الوجه الإرهابي للمليشيات الانقلابية.
وكثّفت المليشيات في الأسابيع الأخيرة، من هجماتها على منشآت مدنية داخل المملكة، ما فرض العديد من التساؤلات عن كيفية مواجهة هذا الخطر الحوثي المروِّع.
ويملك التحالف العربي حق الرد على الجرائم الحوثية التي ترتكبها المليشيات ضد المدنيين، وأسقط خسائر بشرية ومدنية.
وتهدف هذه التحركات للتحالف إلى ردع المليشيات وحشرها في المربع الضيق عبر استئصال الخطر من منبعه وتدمير ما تملكه من أسلحة متطورة قادمة إليها من النظام الإيراني.