قال القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي أحمد عمر بن فريد العولقي: "إن ما يحدث في شبوة أو في سقطرى لا يمكن فصله أبدًا عن نهج عدائي لم يتوقف العمل به في مختلف محافظات الجنوب منذ انطلاق عاصفة الحزم حتى اليوم، من قبل عناصر حزب الإصلاح (جماعة الإخوان المسلمين) التي تهمين على القرار في الشرعية والحكومة والتي تسير أعمالها فعليًا، وللأسف فإنها تقود معركة في مسارات لا علاقة لها بالأهداف الاستراتيجية لعاصفة الحزم التي أتت للقضاء على مليشيات الحوثي التي تتبنى المشروع الإيراني. وبالتالي فهي لا ترى في محاربة الحوثي أهمية توازي أهمية محاربة ”الجنوب“ بشكل خاص والتحالف العربي بشكل عام، وخاصة الإمارات العربية المتحدة. وما يحدث في شبوة أو في سقطرى حاليًا، وما حدث قبل ذلك في عدن أو في المهرة يأتي في هذا السياق".
وأضاف: "وعلى الرغم من فشل الحكومة ”الشرعية“ في إدارة ملف الخدمات في الجنوب وعرقلة ذلك لخلق أجواء توتر إلا أننا بمساعدة التحالف العربي وجهود الإخوة في دولة الإمارات العربية المتحدة تمكنا من تحقيق إنجاز آخر كبير، وهو ضرب الجماعات الإرهابية ودحرها من مناطق تمركزها إلى خارج حدود الجنوب تقريبًا. فلك أن تقارن مدى تأثير وحجم الإرهاب الذي كان يسيطر على عدن بعد التحرير مباشرة وعلى المكلا وأجزاء كبيرة من شبوة وأبين وحضرموت ووضعه الآن. هذا حصل بسبب الجهد الذي قام به التحالف في اقتلاع الجماعات الإرهابية، والذي كان أشبه بالمعجزة، حيث تم تطهير عدن والمكلا ومختلف مدن الجنوب منهم بنسبة 100 %. وهنا لا أبالغ؛ لأن الأمن الذي تحقق اليوم في الجنوب يعتبر إنجازًا كبيرًا، خاصة وهذه الجماعات تتماهى في الهدف مع جماعة الإخوان وترتبط بها، بل إن ممولهم واحد! والإنجاز الثالث هو تدريب وتأهيل قوات الحزام الأمني والنخبة الشبوانية والحضرمية والسقطرية والمهرية وغيرها كمًا وكيفًا، وهي الآن تؤدي مهامها على أكمل وجه فيما يخص الأمن الداخلي أو فيما يخص محاربة مليشيات الحوثي في أكثر من جبهة. ثم يأتي تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي كحاضنة سياسية تتبنى قضية الجنوب وتمثل تطلعات شعبنا كإنجاز سياسي كبير عطفًا على ما حققه المجلس لقضيتنا اليوم على المستوى الدولي.
والمتتبع للأحداث التي شهدتها محافظة شبوة والتي ما تزال النيران فيها متأججة من تحت الرماد، وتزامنها مع الممارسات المشينة التي يقدم عليها حزب الإصلاح في سقطرى، تتجلى أمامه تلك النـزعة التآمرية لأعداء الجنوب المتمثل بمحور الشر بأركانه الثلاثة تركيا وايران وقطر الذي يحرك أدواته في اليمن ميليشيات الحوثي والإصلاح ويسعى إلى إثارة الفوضى ليتسنى له تحقيق مآربه وأطماعه الخبيثة في الجنوب بدرجة أساسية والاستئثار بثرواته ومقدرات شعب الجنوب، فالأحداث المتلاحقة التي شهدتها شبوة هدفها عودة الحوثي مع آل لحمر يدا بيد إلى عتق، عاصمة شبوة، بمساعدة أذنابهم الذي خرج الحوثي أساسا من عتق باتفاق معهم".
ويؤكد محللون ومراقبون سياسيون بأنه عندما تصدع الحوثي وانكسر في الضالع أرادوا تسليمه شبوة، في الوقت الذي يسعون فيه لإثارة الشغب ونشر الفوضى في سقطرى لتتهيأ الظروف لميليشيات الحوثي للوصول إلى عدن ثم إحكام القبضة على الجنوب برمته.
ولقد اتخذت الحرب على الجنوب عدة أوجه، وهي بالطبع ضمن منظومة حربية متكاملة شمالا وجنوبا، لكن التركيز أكثر على الجنوب، ولعل أحد أوجهها يتمثل بدأب الإخوانيين على تدمير البنى التحتية من خلال الشرعية، يدفعون بالأمور نحو تدني وتدهور الخدمات كالمشتقات النفطية وانقطاع الكهرباء عمداً وجره إلى الاقتتال فيما بين أبنائه عن طريق لوبي إعلام حزب الإصلاح الذي هاجم الإمارات بعد أن شب الخلاف بين أقطاب ما تسمى حكومة الشرعية وفشلها أمام دول التحالف والعالم.
ومما لاشك فيه أن هناك تماهيا وتحالفا سريا بين جماعتي الإخوان والحوثي وعدد من الشخصيات السياسية والعسكرية محسوبة على ما يسمى بالشرعية وأخرى قبلية تستفيد من الحرب العبثية في اليمن وخاصة العداء المباشر على الجنوب، فقد جعلوا من الحرب مصدرا للكسب السياسي والثراء الفاحش ساهم في عدم حسم المعارك وإنجاز التحرير في كثير من المناطق اليمنية.
ويؤكد ذلك بعض المغردين السياسيين الذين أشاروا إلى أن هؤلاء كتجار حروب ينهبون الدعم السخي الذي قدمته المملكة والإمارات للقضاء على الحوثي ومشروعه في المنطقة، إلا أن اختطاف الفساد والإخوانج للشرعية وكذلك وجود قوى وأحزاب وشخصيات سياسية وعسكرية وقبلية ومسئولين جعلوا من الحرب مصدراً للكسب السياسي والثراء الفاحش، وهم يغذون جحيم هذه الحرب ويؤججون نيران الفتنة كلما أوشكت على الانطفاء؛ بل ويسعون إلى توسيع نيرانها إلى مناطق أخرى كالذي حدث في شبوة، ومحاولات إشعال النيران في سقطرى؛ خدمة لمخططات إقليمية ودولية يقف على رأسها محور الشر.
وفي مقاربة ميدانية لما يجري على الأرض، وخاصة ما يتصل بأحداث شبوة، نلاحظ أن تحركات اللواء 21 منذ كان على الحدود الشمالية لشبوة، لم يكن له هدف إلا مشاغبة المقاومة الجنوبية واللواء 19 التابع للمقاومة، في عسيلان وبيحان الذين كانوا يقاتلون مليشيات الغزو الحوثية، وهذا ما دأب عليه اللواء21 منذ البداية بأوامر الجنرال "محسن"، واليوم يكمل انتقامه من النخبة الشبوانية، التي قاتلت الإرهاب وعناصره، وأمّنت شبوة وأهلها.
لذلك على أبناء شبوة أن يصطفوا جنبا إلى جنب مع إخوتهم في النخبة الشبوانية التي أمنت المحافظة، وأن ينظم شبابها إلى النخبة الشبوانية لمواجهة الإرهاب والطامعين بثرواتها والتي يقف على رأسهم الجنرال العجوز علي محسن الأحمر.
إنهم يلجؤون إلى أساليب مختلفة للانقضاض على مقدرات شعب الجنوب فيتفننون بأساليب الفتنة المدروسة الممنهجة ويوقعون بين أبناء المنطقة الواحدة ليقتتلوا فيما بينهم ويخلو لهم الجو ليعبثوا بالثروات والمقدرات التي ينبغي أن ينعم بها الشعب، وخير وسيلة يتخذونها هي إعادة إنتاج صراعات الماضي وخاصة منذ ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، فهو هو نفسه النظام السابق في الشمال الذي كان وراء هذه الصراعات في الجنوب كأداة لمخططات إقليمية ودولية، فهو يسعى اليوم إلى ذلك بشكل، مختلف لكن الهدف واحد.
ونعيد إلى الأذهان جزءًا من سلسلة هذه الصراعات المؤلمة التي فتكت بالجنوب التي تحققت لرموز النظام السابق تحت مسمى الوحدة اليمنية في اليوم المشؤوم 22مايو1990م.
عندما اقتتلت قوات "الجبهة القومية للتحرير" مع قوات "جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل" (جبهة التحرير) آنذاك في مدينة عدن، في ستينيات القرن الماضي، وهناك سعي حثيث من قبل محور الشر وعبر أدواته على رأسهم الحوثيون والإخوان إلى إعادة فصول الصراع (الجنوبي-الجنوبي).
وكانت الجبهة القومية آنذاك تتلقى دعماً هائلاً من الشارع الشعبي، وهذا ساعدها كثيراً، ففرضت سيطرتها على المشهد العسكري في الجنوب وكثفت نشاطها الديبلوماسي إلى أن نجحت في الاستقلال وبناء الدولة الجنوبية، فها هو محور الشر بأدواته عند الالتفاف الشعبي حول المجلس الانتقالي الجنوبي كممثل وحيد لشعب الجنوب يسعون إلى الإيقاع فيما بينه والقوى السياسية الجنوبية الأخرى حتى تتآكل هذه القوى ثم ينخر في جسد الانتقالي لينفذوا بعد ذلك بالشعب ويقضوا على مقدراته وثرواته بالكامل.
هذا هو دينهم وديدنهم: إثارة الفتن وتأجيج الصراعات لتحقيق أطماعهم المتمثلة بنهب الثروات والتحكم بقدرات الشعب.
فلو نعود مجددا لنعرف مشهدا من مشاهد الفتنة التي أثارها أعداء الجنوب في واحد من سيناريوهات الصراع الذي انعكس وبالاً على مقدرات الشعب وتطلعاته وطموحاته والتي لا نريد أن تتكرر اليوم، فبعد أن تم إزاحة جبهة التحرير والأحزاب والقوى السياسية الأخرى، وطبعا جرى ذلك بتغذية خارجية لرموز أعداء الجنوب وهم أنفسهم العدو القديم الجديد.
وعلى كل حال بعد إزاحة الجبهة القومية لمنافستها، تصدّعت من الداخل.
ثم أطيح بالرئيس قحطان الشعبي، وهو المؤسس للجبهة القومية، وأطيح كذلك برئيس وزرائه فيصل عبد اللطيف الشعبي من الحكم، حيث كان عام 1968، الصدام الأول المباشر بين قيادات فريق "الجبهة القومية" الحاكم. وفُرضت على الشعبي الإقامة الجبرية، وقُتل عبد اللطيف في ظروف غامضة.
صُدم الجنوبيون بما حدث، لكن لم يكن أحد يجرؤ على الكلام. بعد ذلك توالت الصراعات وسعى أعداء الجنوب إلى المزيد من التأجيج لتكتمل فيما بعد فصول التآمر ثم الانقضاض على الجنوب وثرواته.
فخلال الفترة من 1968 إلى 1978حكم الرئيس سالم ربيع علي البلاد. لكن رفاقه في الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان قد تأسس في العام ذاته، وهو امتداد للجبهة القومية، انقلبوا عليه، وأصبح عبد الفتاح إسماعيل رئيساً للبلاد حتى عام 1980، عندما أُزيح على يد الرئيس علي ناصر محمد الذي حكم البلاد حتى عام 1986، عام اندلاع مواجهات دامية بينه وبين فصيل معارض يضم قادة سياسيين وعسكريين.
وانفجرت الأوضاع بشكل كامل في يناير 1986، بين جناحي الحزب الاشتراكي، وخلّف القتال حوالي 10 آلاف قتيل من عسكريين ومدنيين.
وهنا تكون المؤامرة قد اكتملت فصولها وبدأ العد التنازلي للانقضاض الكامل على الجنوب ومقدراته وثرواته.
فبعد دورات متعاقبة من الصراعات والحروب حيث كان الجنوب مسرحا للصراع والعنف فإعادة إنتاجها لن تنتج إلا أجيالا أخرى من المآسي والآلام التي لم يعد بإمكان شعب الجنوب تحملها؛ لذلك لابد من التعاطي الجاد والمسؤول مع كل تفاصيل المشهد السياسي في الجنوب وتغليب المصلحة الوطنية وصولا إلى استعادة الدولة الجنوبية المنشودة.
كما أنه ينبغي على كل القوى السياسية الجنوبية أن تلعب دورا فاعلا باتجاه تعزيز قيم الحياة المدنية في الساحة الجنوبية، وتجسيد قيم الديمقراطية واحترام تعدد الآراء والتنوع السياسي وأن تدرك أن تاريخ الجنوب قد عانى الأمرين جراء السلوك الشمولي الذي أنتج مآسي لاتزال آثارها حاضرة، إذ أن إعادة إنتاج ذلك الماضي لم يعد مقبولاً في عالم اليوم، ولذلك لابد وأن تكون القوى السياسية والوطنية ومنظمات المجتمع المدني الجنوبية حاضرة في الفعل الوطني الحقيقي الذي يأبى تكرار صراعات الماضي؛ بل ويمضي قدما نحو تحقيق تطلعات شعب الجنوب، وأن يكافح وبصلابة الإرهاب ويواجه الأفكار الضالة التي تؤثر سلبا على المشروع الوطني المتمثل باستعادة دولة الجنوب.
وينبغي أن يضع الجميع نصب عينه وحدة الصف الجنوبي كشرط أساسي لتحقيق الأهداف النبيلة المشروعة لشعب الجنوب، ولعل من الأهمية بمكان الأخذ بالاعتبار الرفض القاطع لكل الشعارات التي من شأنها أن تقوض فرص نجاح الأهداف المرجوة وتطلعات الشعب، ومن أبرز هذه الشعارات المرفوضة التكفير والتخوين والتطرف، وأن يتم تبني منظومة العمل السياسي الجنوبي جسرا للشراكة مع الأشقاء العرب وفي المقدمة منهم الإخوة في دول الخليج العربي وعلى رأسهما المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتتحمل القوى السياسية الجنوبية كافة المسؤولية الوطنية في الحرص الدائم للعمل الوطني المشترك واحترام إرادة شعب الجنوب.