في الوقت الذي كانت إيران تكثف دعمها لمليشيات الحوثي بالسلاح والطائرات المسيرة لتدمير اليمنيين وإيذاء جيرانهم كانت الإمارات العربية المتحدة الشقيقة تواصل جهودها ليل نهار في المدن والأرياف والصحاري وعلى قمم الجبال تداوي المريض وتطعم الجيعان وتغيث الملهوف وتنشر وتزرع بذور الحياة في المناطق المحررة.
فمنذ أن انطلقت عاصفة الحزم أطلق أولاد زايد الخير يد العطاء والإنسانية في كل اليمن ناهيك عن الدور الكبير الذي سجلته الإمارات حين دفعت بأبنائها ليقاتلوا جنبا إلى جنب مع اشقائهم خصوصا في الجنوب, فاستشهد منهم المئات وجرح منهم المئات في الوقت الذي امتلأت الأرض بالدعم اللوجستي والقتالي الذي قدمته إمارات الخير والإنسانية لهزيمة مشروع إيران في اليمن
لولا الإمارات لكانت الشرعية حكاية من الماضي
الزميل منصور صالح نائب الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي يؤكد أن الإمارات قد لعبت دوراً محوريا مهماً في حرب اليمن، وكان لحضورها تأثيره الأساسي في قلب موازين القوى لصالح الشرعية اليمنية ولولا وجود الإمارات ودورها المؤثر سياسياً وعسكريا لكانت الأوضاع قد حُسمت مبكراً لصالح جماعة الحوثي وكانت الشرعية قد أصبحت سطرا هامشياً في حكاية من الماضي.
وأضاف صالح في حديث لوكالة سبوتنك الروسية ، على المستوى السياسي: "لعبت الإمارات إلى جانب السعودية، قائدة التحالف العربي، دوراً كبيراً في حشد الدعم والتأييد الدوليين للشرعية اليمنية ورفض الانقلاب، بالاستفادة من علاقاتهما الدولية المتينة مع القوى المؤثرة على القرار الدولي".
وتابع: "لذلك يمكن الجزم أنه لولا التحالف العربي وتدخله في الوقت المناسب لكانت اللحظة الأخيرة في عمر الشرعية اليمنية هي تلك التي غادر فيها الرئيس هادي وحكومته وقادة الجيش حدود اليمن إلى دول الجوار ولا يمكن تصور حال اليمن والمنطقة فيما لو لم تقم عاصفة الحزم ويتدخل أشقاء اليمن بهذا الثقل والإصرار على مواجهة جماعة الحوثي".
الدور العسكري الإماراتي:
أما من الناحية العسكرية، قال صالح: "كان للوجود العسكري الإماراتي القوي على الأرض والمشاركة المميزة لسلاح الجو الإماراتي دورهما في التأثير على مجريات المعركة، وسجل الإماراتيون حضورا قوياً وصادقاً في خوض الحرب على الحوثيين أكثر تفانياً ومصداقية من مشاركة قوى يمنية معنية وأكثر تضررا من الحوثي".
وأضاف صالح:
"كذلك كان للطيران الإماراتي إسهامه في دعم إسناد عمليات المقاومة الجنوبية والتهامية على الأرض، وشل حركة وقوة المليشيات".
وأشار إلى مساهمة "منظومة الدفاعات الجوية الإماراتية في حماية وتأمين مناطق كثيرة وكذا مقرات الشرعية وقياداتها البارزة من صواريخ وطائرات الحوثي وتحديداً في معقل الإخوان "مأرب"، وعلينا أن نتصور أنه لولا وجود الدفاعات والقوات الإماراتية لسيطر عليها الحوثيون في ساعات معدودة وبأقل الخسائر".
التضحية والارتزاق
وتابع صالح بقوله: "خلال أربع سنوات من المعارك أظهر المقاتلون الإماراتيون كفاءة ومهارة عاليتين وتميزوا بشجاعة كبيرة، وقدموا من التضحيات في هذه الحرب ضد الحوثي ما لم تقدمه قوى بارزة في الشرعية اليمنية التي تنتقد الدور الإماراتي اليوم، ومن ذلك تقديم الجيش الإماراتي أكثر من خمسين جندي وضابط قضوا في ساعة واحدة في مأرب من بينهم ضباط ينتمون لأسرة عريقة ومشائخ بارزون ومن صناع القرار في بلدهم، في حين أن أصغر ضابط في الشرعية اليمنية قد فرَّ وأسرته في ساعات الحرب الأولى ويقيم في الخارج مستفيدا من كل الامتيازات المادية وتحوّل قادة الجيش اليمني إلى تجار ومستثمرين على حساب الحرب وبفضل الفساد ونهب مساعدات التحالف".
اقتصاديا وإنسانيا
وأشار المحلل السياسي، من الناحية الاقتصادية: "ساهمت الإمارات العربية المتحدة إضافة إلى السعودية في الحفاظ على الاقتصاد اليمني الهش أصلاً من الانهيار، من خلال حزم مساعدات مستمرة بنحو عشرين مليار درهم (نحو خمسة مليار درهم) قدمتها الإمارات بمفردها، وعلى المستوى الإنساني فقد تجاوز وسبق الحضور الإماراتي الجميع في تقديم الغوث العاجل وحملات الاغاثة التي نفذها الهلال الأحمر الإماراتي ومؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية التي سارعت منذ اللحظات الأولى لعاصفة الحزم في مارس 2015 في تقديم الإغاثة العاجلة للسكان بعد هروب الشرعية اليمنية وتخليها عن كل مهامها وتحولها هي بذاتها إلى عبء على التحالف العربي".
وتابع: "كما سارعت الإمارات عند تحرير عدن وكذلك عند تحرير كل منطقة إلى تنفيذ مشاريع عاجلة لإعادة تأهيل البنى التحتية ومنها المرافق الصحية والتعليمية وخدمات المياه والكهرباء وإعادة تأهيل الموانئ والمطارات وإغاثة الأسر الأكثر تضرراً.
وأضاف:
"وصلت الإمارات إلى مناطق نائية بعيدة لم يسبق أن وصلت إليها أيٍ من الحكومات اليمنية المتعاقب، وأحدثت بها طفرة استفاد منها المواطنون، كما حدث في جزيرة سقطرى".
وأشار إلى أن الإمارات كذلك "اهتمت بالجوانب الثقافية والرياضية بل وصل الأمر إلى إقامة مهرجانات الأعراس الجماعية للشباب العاجزين عن الزواج وكل ذلك ساهم في تقديم الإمارات بوجهها، السند القوي والصادق لأشقائه وأظهر كذلك وجهها الإنساني الذي حاز تقدير الكثير لكنه كذلك أثار حفيظة القوى التي كانت تريد الاستحواذ على هذا الدعم واستثماره لصالح مشاريعها الحزبية وإعادة إنتاج نفسها بعد أن لفظها الشارع وتحديداً في الجنوب
لماذا يطالب حزب الإصلاح الإرهابي برحيل الإمارات
لم يكن في حسبان حزب الإصلاح المصدر الرئيس لخلايا الإرهاب والتطرف في اليمن أن الإمارات ستنجح في إيجاد قوات تتمتع بكفاءة عالية لتحارب قوى الإرهاب والتطرف في اليمن وهو ما أوجع الحزب الإرهابي حين وصلت يد قوات الحزام الأمني والنخب إلى عمق بؤره الإرهابية بل وتمكنت من قتل وأسر قيادات كبيرة من عناصره الإرهابية, وهو ما جعل الحزب يشعر بالخطر المحدق الذي صنعته الإمارات وبات يقض مضجع قياداته ممن زرعهم الإرهابي علي محسن الأحمر في أبين وشبوة والبيضاء وعدن ولحج لينشروا الخراب والفوضى في محافظات الجنوب للقضاء على الثورة الجنوبية.
حزب الإصلاح يطالب برحيل الإمارات لتمكين الحوثي من العودة للمناطق المحررة
ضف إلى ذلك أنه عندما يطالب حزب الإصلاح الإمارات بسحب قواتها التي تتواجد في الساحل الغربي، وتشرف على كل الجبهات على طول الشريط الساحلي الممتد من باب المندب وصولاً إلى مدينة الحديدة، يعني انهيار هذه الجبهات وعوده الحوثي للسيطرة على أهم السواحل اليمنية التي تحررت بتضحيات جسمية، وهذا هدف إصلاحي لتمكين إيران من هذه المنطقة الهامة والحساسة في ظل الصراعات الخطيرة الدائرة في الممرات المائية ولاسيما الخليج العربي. .
إن انسحاب القوات الإماراتية من المحافظات المحررة، يعني انهيار الأجهزة الأمنية والعسكرية التي توفر الحماية لهذه المحافظات من ساحل حضرموت وصولاً إلى باب المندب، ويعني عودة الفوضى والجماعات الإرهابية، وهذا هدف أيضاً يريده حزب الإصلاح ضمن أجندته لتمكين خلاياه من السيطرة على هذا الشريط الساحلي الهام لخدمة أجندته وضمن انتهازيته القاتلة