أكدت مجموعة من النساء في محافظة الضالع على أهمية رفع مستوى وعي المجتمع؛ لتعزيز مشاركة المرأة في مختلف مجالات ومناحي الحياة، وكذا في عملية بناء السلام وحفظ الأمن، وذلك من خلال تكافؤ الفرص وتحمل المسئولية إلى جانب الرجل، وأشدن بدور الأسرة في تقديم الدعم والتشجيع على اكمال التعليم والمشاركة في الأنشطة المدنية والانخراط في سوق العمل، رغم تحديات عدة تعيق تحقيق ذواتهن، وتقوض حضورهن المجتمعي، ومساهمتهن في عملية التنمية، وإحداث تغيير إيجابي، منها: عادات وتقاليد، القبيلة، مظاهر عنف وانتهاكات، خطابات التحريض الموجهة، وعدم استتاب الوضع الأمني والشعور بالاستقرار.
داعيات إلى تفعيل المكونات النسوية في المحافظة، المعنية برفع مستوى الوعي بالقوانين والحقوق ومناصرة القضايا المتعلقة بالنساء، بناء القدرات وتنمية المهارات بالتدريب والتأهيل، وإيجاد فرص عمل من خلال برامج تحسين الأوضاع المعيشية ومدرة للدخل، جاء ذلك ضمن جلسات نقاشية تخللت ورشة عمل بعنوان "النساء والسلام"، وحملت شعار "السلام يجمعنا"، أقامتها شبكة "نسوية" للسلام والديمقراطية FNDP في مدينة الضالع، بمشاركة 30 من متطوعات مجتمع مدني وطالبات ومعلمات وربات بيوت في المحافظة.
وعن أبرز المشاكل التي تواجهها النساء في المحافظة، طالبت المشاركات المجتمع المحلي بالوقوف الجاد والفاعل مع قضايا النساء ومراعاة أوضاعهن الحالية، وأبدين تخوفهن من تنامي الخطاب الديني المتشدد الموجه ضد مزاولتهن أعمال خارج المنزل، وازدياد الحالات لظواهر سلبية وأشكال عنف قائم على النوع الاجتماعي، منها: الاعتداءات الجسدية بالضرب، التحرش في الشوارع، الزواج المبكر، والحرمان من الوصول إلى الموارد، بالإضافة إلى التسرب من المدارس، ومنع الفتيات من التعليم في بعض المناطق الريفية.
ونوهن إلى أن النساء المتعثرات اجتماعيًا يكابدن النظرة القاصرة والتهميش من قبل المجتمع، وأن مزاولة النساء للأعمال في فترة سابقة كانت محصورة في المدارس كمعلمات أو في الحقول؛ إلا أن تدهور الأوضاع المعيشية والظروف الاقتصادية التي عقبت انتهاء الحرب، اتاحة الفرصة أمامهن للعب أدوار جديدة، والعمل في مجالات وقطاعات أخرى مثل الصحة، كممرضات وقابلات، وأن الفتيات يتسربن من المدارس لإنجاز مهام منزلية، وشددن على إمكاناتهن في ترسيخ مبادئ السلام ونبذ العنف والتطرف وإيجاد حلول لمشاكل المجتمع.
خرجت ورشة العمل بجملة من الخلاصات، لعل أبرزها: انهاء المظاهر المُسلحة، إيجاد آليات لحماية النساء أثناء النزاعات المُسلحة، تنفيذ حملات توعوية بمخاطر وأضرار حمل السلاح والزواج المبكر والحرمان من اكمال التعليم وغيرها..، وعقد لقاءات تجمع قيادات السلطة المحلية وأئمة المساجد وعُقال الحارات؛ لمساندة دور المرأة في المجتمع، بتعزيز ثقتها بنفسها ومساعدتها على اتخاذ القرارات، وتفعيل التشريعات القانونية المتعلقة بالنساء - سيما العقوبات؛ للتخفيف من مظاهر العنف المجتمعي ضد النساء، بالإضافة إلى توفير السلطات المحلية فرص عمل للنساء؛ وتسهيل وصولهن إلى مواقع إدارية في المرافق والمؤسسات الحكومية.
اُفتتحت ورشة العمل بكلمة ترحيبية لوكيل محافظة الضالع لشؤون المديريات/كمال عُبيد، وأوضح: "إن مساءلة مشاركة النساء صارت مسئولية ومهمة جدًا في الوقت الحالي، وبحاجة إلى خلق مناخ توعوي كبير في أوساط المجتمع، كما أن الشراكة الفعلية لا تحقق نهضة مجتمعية؛ إلا بتكامل الأدوار والجهود بين الرجال والنساء"، من جانبها قدمت المستشار القانوني للشبكة المحامية/غادة فضل نبذة تعريفية عن أهداف وأنشطة الشبكة، مؤكدةً على مواصلة الشبكة في تبني قضايا النساء، ومساندتها المبادرات النسوية الداعمة لعملية السلام، مشيدةً بالجهود الرسمية لإنجاح إقامة الفعالية، والتفاعل الإيجابي بالحضور والمشاركة من النساء.
بدورها عرضت مسئول البرامج والمشاريع في الشبكة/ليلى الشبيبي خلفية تاريخية وقراءة تحليلية لقرار مجلس الأمن الدولي رقم "1325" حول المرأة والسلام والأمن، وتطرقت في حديثها إلى المحاور الرئيسية للقرار: الوقاية، الحماية، المشاركة، الإغاثة والإنعاش وإعادة الإعمار، وأضافت قائلةً: "إن القرار جعل من تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة شأناً من شئون الأمن والسلام، كما أن مشاركة المرأة في مختلف الميادين أمراً أساسياً لا محالة، والاستجابة لاحتياجاتها يسهم بشكل فعال في إحلال السلام الدائم".
ودعت "الشبيبي" إلى تكثيف الجهود المبذولة لخدمة مصالح النساء، من خلال التشبيك بين المكونات النسوية، عقد اللقاءات الدورية؛ للتنسيق والتعاون في كافة المجالات، وتدارس مشاكل وقضايا النساء؛ لتضمينها في خطط وطنية شاملة لبناء السلام وحفظ الأمن، وتوجهت بالشكر إلى قيادة السلطة المحلية في المحافظة ممثلةً بالمحافظ اللواء الركن/علي مقبل صالح؛ لتثمينه جهود الشبكة، واهتمامه باستضافة الفعالية.
تعتبر ورشة عمل "النساء والسلام" في محافظة الضالع، الرابعة للشبكة "نسوية" للسلام والديمقراطية، تخللها استعراض عدد من التجارب النسوية الناجحة في عدة جوانب من الحياة اليومية، واختتمت فعالياتها بالتقاط صورة جماعية تذكارية. حضر ورشة العمل مدير عام مكتب الإعلام والعلاقات العامة في ديوان المحافظة/ناصر الشعيبي، والأمين العام/خديجة بن بريك والعضو المؤسس/عهد جعسوس، عن الشبكة.
وتعتزم شبكة "نسوية" للسلام والديمقراطية إقامة مؤتمر ختامي للمشاركات في ورش العمل "النساء والسلام"، التي أُقيمت في أربع محافظات: عدن، لحج، أبين، والضالع، وذلك بعد الانتهاء من إجازة عيد الأضحى المبارك، كما تتطلع الشبكة من المشاركات تحديد أولويات واحتياجات النساء في المحافظات المستهدفة؛ لإعداد وتصميم برامج تدريبية وتأهيلية تتوافق مع تطلعاتهن وآمالهن، وكانت الشبكة قد دشنت مطلع مايو الفائت حملة لتقديم السلة الغذائية إلى الأسر النازحة والأشد فقرًا، كما أحيت اليوم العالمي لتنمية صحة المرأة؛ بجلسة توعوية استشارية، بمشاركة ربات بيوت وناشطات وجامعيات ومتطوعات مجتمع مدني.
تضم شبكة "نسوية" للسلام والديمقراطية في عضويتها مجموعة نساء من المدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات، وتسعى إلى تحقيق جملة من الأهداف، منها: انشاء منصة موحدة للنشاط النسوي، تقديم الدراسات والمواقف المشتركة لدى تناول قضايا المرأة اليمنية في المحافل الإقليمية والدولية، نشر وتعزيز ثقافة السلام من خلال الدورات التدريبية والندوات واللقاءات النقاشية، تعزيز آليات حماية النساء للحد من التمييز القائم على النوع الاجتماعي، والتعاون مع جهود المجتمع المدني الهادف إلى السلام والديمقراطية.