يبقى عطر الحنين مسكا يتضوع في قلوبنا ويسري مسرى النسيم في خيالنا واحاسيسنا كلما هبت نسائم ذكريات مضت وخلت فاح شذاها على حين غرة وباغتنا الوجد والشوق إليها ...
تمضي السنين والأيام بلمح البصر وتتصرم الأعوام تلو الأعوام ويدور الزمن دون إن نشعر به وكأننا في منائ عن تيارة ...
ما أجمل ما مضى من رمضان رغم بساطة العيش وشحة الإمكانيات إلا إنه كان يحمل اسمى المعاني والفضائل ... كان يتميز بنقاء القلوب وفطرة النفوس ويفيض بكل نكهات الود واواصر المحبة والأخوة وشعور الجميع بإن كل مدينة وقرية هي بيت واحد وأسرة واحدة وعائلة واحدة ..
اختفت معالم المسحراتي من حارتي الذي يجوب الشوارع طولا وعرضا مناديا إن ساعة السحور قد دنت ومن خلف الابواب و شبابيك النوافذ ينصت الجميع إلى صوته وقد غالبت اليقضة حلاوة النعاس ...
في قريتي سكت صوت المذياع وإلى الأبد ولم تعد الأخبار ذات قيمة فقد كثر الشر في الناس وغدت مشاهد القتل وبشاعة المناضر والصور هي حديث التلفاز ..
يفتك بي الشوق إلى تلك الأيام التي لم تتلوث فطرتها وضلت صورها وذكرياتها نقية صافيه في كياني وجوارحي أجدها فضاء طاهر تحلق فيها روحي كلما كثر السواد من حولي.