الزوامل : نصف المعركة المعنوي لقوات المقاومة الجنوبية .. إيقاع صاخب وحاد و سلاح نفسي ضد العدو

في جبهات القتال وفي الحياة العامة ..

الزوامل : نصف المعركة المعنوي لقوات المقاومة الجنوبية .. إيقاع صاخب وحاد و سلاح نفسي ضد العدو

 الزوامل : نصف المعركة المعنوي لقوات المقاومة الجنوبية .. إيقاع صاخب وحاد و سلاح نفسي ضد العدو
2018-05-19 19:55:32
خاص

الزامل .. كلمات حادة وصوت صاخب معبر عن تلك الكلمات باحساس يشعرك بالحماس والتأثر النفسي اللاإرادي.. ذلك التأثير الذي حدث معي حين ركبت الباص وكان الجميع متحمس لصوت الموسيقى والزامل الصاخب الذي يشتغل بالمسجلة ، وكان التأثر الحماسي بادِ على وجوه  الركاب .

شعور يجعلك داخل الصف الأول لقوات المقاومة الجنوبية المقاتلة بمختلف الجبهات وإن لم يكن كذلك على الواقع  ، هذا الشعور هو ما دفعني لأتساءل عن مدى  التأثير المعنوي الذي يحدثه الزامل في جبهات القتال المختلفة وهو ما دفعني أيضا لكتابة هذا التقرير  ..

 

 

 

 

 

المفردة في اللغة

كلمة زامل في أصلها  اللغوي، مفردة مشتقة من زمَل؛ بمعنى رافق؛ وتعني المصاحبة أو المرافقة، بسبب نمط أدائه الذي يستند إلى أصوات مترافقة.

وهو  اسم يطلق على ضرب من الشعر الغنائي الشعبي ، وهو لون شعبي يحمل الكثير من المضامين والرسائل العميقة ويصفها ببلاغه في بيتين شعر أو أكثر.

و الزوامل  من يوميات الحياة الجارية يختلط فيها وجه الحياة بصوت الإنسان وتتطور الحياة مع الإنسان كما يتطور الإنسان مع الحياة وأن إتقان الحياة وبديهة الإنسان العادي صنعتا هذا الأدب وهو أشبه بأراجيز الحرب والمناظرات القولية من حيث التعبير المباشر عن الغرض ومن ناحية التحمس المعنوي للاستقتال ورد المقاتلين .

سلاح نفسي فعال

تشكل الزوامل كما يقول د. علي صالح الخلاقي وهي نوع من الحرب النفسية سلاح فعال يستهدف اضعاف وتحطيم معنوية الخصم، وخلق حالة من الانشقاق والتذمر بين صفوفه، وتهدف إلى المساعدة في كسب المعارك الحربية وإلحاق الهزيمة بالخصم، وتستخدم فيها مختلف الأساليب والوسائل، كالخطب والأناشيد والأغاني والموسيقى الحماسية، ويدخل فيها الزامل الذي يجمع بين النشيد والموسيقى المصاحبة، وقد مثلت الزوامل في بلادنا عبر مراحل متعددة، خاصة في الماضي القريب،  أهم اسلحة الحرب النفسية والدعائية  المتبعة لرفع معنوية المحاربين ضد خصومهم، من خلال المبالغة في كثرة عدد المحاربين وعتادهم وقوتهم بغية ارعاب الخصوم واحباط معنوياتهم والتقليل من شأنهم، وللرفع من معنوية المحاربين.

 

إيقاع صاخب وحاد في المعارك

تشكل طبيعة الزامل كلمات ذات حدة عالية لرفع معنويات المقاتلين ضد الأعداء يتم أداءها بطريقة صاخبة لتعبر عن الروح الحماسية للمقاتلين في الجبهات .

و يشير المستشرق الألماني هانز هولفرتيز، إلى إن الزامل كفيل ببث الفزع في قلوب الأعداء. حيث يمتزج الإيقاع الصاخب والحاد للزامل، باحتدام العنف اللفظي في كلماته، ليهيّج في سامعيه حسّ وشغف التمدد والسيطرة.

 

تعبير عن معاناة المواطن

مع إن للزوامل في كلماتها طبيعة حماسية مجردة إلا إنها لم تقتصر على جانب الحروب حيث أخذت الزوامل كافة المظالم التي تهم المواطن وهو ما جعل الشعراء يتنافسون في قول بيت القصيد   المناسب الذي يعبر عن رسالة المجتمع المتطلع للحرية والحياة السعيدة  كقول أحدهم تعبيرا عن واقع الوحدة مع الشمال   :

جَرَّبت انا الوحدة مع اصحاب الحِيَل ... وآيَست بعد ما شفت فيها من عيوب

الشعب مُهمَل و الحكومة في شلل ... واحنا شبعنا من مواعيد الكذوب

والزامل إنتاج جماعي روته أجيال عن أجيال ولا يشكل الإبداع إلا أقل أجزاءه في المناسبات الطارئة غير إن أكثرية الزوامل شهيرة التداول مجهولة القائل كنشيد الحرب ومثله زوامل الأعراس بأنواعها من ترحيب واستقبال وزفاف والواقع إن أشعار الزامل طرقت مختلف أنماط الحياة وعبرت عن هموم الناس وغربتهم وروحانيتهم وحبهم للوطن كما إن الأحوال السياسية التي عصفت بالوطن احتلت حيزا كبيرا منه.

 

الزامل لا يحلو إلا على الرقص

إذا تمعنا النظر في حيثيات رقصة الزامل سنجدها من أقدم الرقصات لأنها لا تصاحبها إيقاعات بل تعتمد بدرجه أساسيه في حركتها على الإيقاع الشعري وهذا ما يسمى بالنبض الحركي في علم الرقص ولم يطرأ إي تهذيب في حركاتها لان اهتمامهم بالنظم الشعري أكثر من اهتمامهم بالجانب الحركي ونتيجة لهذا فحركات الزامل محدودة ويختلف كليةً عن الرقصات الفرائحية الأخرى التي يمارسها الإنسان في أوقات السمر و السهرة وتخفف من عناء التعب وهموم الحياة وهي عبارة عن صفوف أو موكب إن أجاز التعبير لا يقل الصف الواحد عن أربعين راقص متحرك إلى موقع الحدث سوى كان في حالة حرب أو انتصار أو هزيمة وهذا طبيعة الزامل .

 

الزامل تنوع الأهداف والمقاصد

اشتملت أشعار  الزامل على  أهداف ومقاصد كثيرة منها  الحرب وكرم الضيافة والترحيب بالضيوف والحرص على حضور الواجب في الأفراح والمدح والأعياد ومختلف المناسبات التي تربط الناس بعضها ببعض ولعبت هذه الأشعار دوراً تحريضياً كبيراً في الصراعات بين القبائل والطوائف وضربوا بها الأمثال والحكم في شئون حياتهم اليومية وكل قبيلة تفتخر بميلاد كل شاعر فيها ويعتبر الشاعر رمز لقبيلته حتى بلغ اعتقاد بعض الحكام انه في حالة تفكيره بحملة تأديبية أو شن حرب على قبيلة أو إمارة لا يمكن أن يتسرع في حملته قبل أن يسمع تنبؤات الشعراء في إنجاح أو فشل هذه الحملة .

 

شعراء الجنوب يردون على العدو

أخذت الزوامل في الحرب بعدا كبيرا حيث وصفها البعض بأنها الروح الموسيقية للمعركة واستخدم العدو الحوثي الزوامل  بكثرة إلا إن شعراء الجنوب وقفوا له بالمرصاد ردا على تلك الأبيات  يقول أحدهم :

هجو ورجو يا رجاجيل السلب

 خلو دم  الحوثي على ارضي سماد

ها تو جثثهم و اشعلوا فيها الحطب

ﻻ بد ما ترجع جثثهم ﻻ رماد

الكيل طافح ومثواهم قرب

قولو لسيدهم يجهز للحداد

اليوم غالطنا وكم مره كذب

واهل الحقيقة رجعوا دمه مداد