
كتب/عبدالكريم أحمد سعيد
في هذه المرحلة الدقيقة من مسيرة وطننا، لا مجال للتفرقة أو التباعد، فنحن جميعاً نبحر في سفينة واحدة، والمصير المشترك يفرض علينا أن نتعامل بروح الفريق الواحد وعقل الدولة المنشودة والكيان الوطني الذي يجمعنا تحت سقف الجنوب، أرضاً وإنساناً. إن مواجهة التحديات الراهنة تتطلب وعياً جمعياً يتجاوز الحسابات الضيقة وينطلق من إدراك عميق بأن ما يجمعنا أكبر وأغلى من كل ما يفرقنا مهما بلغت الرؤى والتباينات في مواجهة تحديات الحاضر ورسم ملامح المستقبل.
إن العواصف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحيط بنا تستدعي وحدة الصف الجنوبي وتكامل الجهود، فالسفينة لا يمكن أن تشق طريقها في البحر بأمان ما لم تتضافر سواعد أبنائها على توجيه الدفة وتثبيت الأشرعة في وجه الرياح المتقلبة. والمسؤولية اليوم مضاعفة، إذ لم يعد الخطر نظرياً أو بعيداً، بل أصبح يحدق بسفينتنا من كل جانب، وينتظر لحظة ضعف أو انقسام لينقض عليها.
وعلى القيادات والنخب الجنوبية أن تتحمل مسؤولياتها التاريخية والوطنية والأخلاقية تجاه شعبنا، بالترفع عن صغائر الأمور وتجنب المناكفات الطفيلية التي لا تخدم القضية بقدر ما تزيدها إرباكاً وتعقيداً، وقد تؤخر من عملية الاستحقاق الجنوبي القادم الذي أصبح اليوم في متناول أيدينا.
وفي ظل هذه التحديات، فإن روح الشراكة والتعاون ليست خياراً مؤقتاً، بل هي ضرورة وجودية لحماية مكتسباتنا وصون مستقبلنا. فكل إنجاز يتحقق بروح الجماعة يبني لبنة في جدار الأمان الوطني، وكل خلاف يخرج عن مساره يفتح ثغرة تنفذ منها رياح العبث والفوضى.
إن الجنوب الذي يتطلع لبناء مستقبله السياسي والاقتصادي لا يمكن أن يصونه إلا أبناؤه، بوحدتهم وإيمانهم بمشروعهم الوطني الجامع، لأن الإيمان بالمصير الواحد والعمل بروح الفريق هما الطريق الوحيد لعبور هذا البحر المضطرب نحو شاطئ الأمان.
فالسفينة التي تفقد أشرعتها لا تنتظرها إلا أمواج الهلاك، بينما التي تدار بحكمة وتماسك تصل بأمان إلى ميناء المستقبل المنشود.