بقلم / محمد علي رشيد النعماني
"لاعب محوري ومظلة جنوبية"
منذ تأسيسه في مايو 2017 فرض المجلس الانتقالي الجنوبي نفسه لاعباً محورياً في المشهد السياسي مقدماً إطاراً جامعاً لقضية الجنوب بعد سنوات طويلة من التشتت "لقد نجح في ما عجزت عنه العديد من المكونات الجنوبية" الاعتراف به كصوت سياسي لا يمكن تجاوزه وإجبار الأطراف الإقليمية والدولية على التعاطي مع "الجنوب" كقضية قائمة بذاتها . وبفضل هذا النجاح اضطرت العديد من المكونات الجنوبية التي كانت تعمل بشكل منفرد أو متفرق إلى الانخراط تحت مظلة المجلس إدراكاً منها أنه أصبح العنوان الأبرز لقضية الجنوب في الداخل والخارج .
"المكاسب السياسية"
على الصعيد السياسي أعاد المجلس الاعتبار لهوية الجنوب وحجز مقعداً دائماً على طاولة المفاوضات ، فلا اتفاق ولا تسوية يمكن أن تتم اليوم دون حضوره وهذه نقلة نوعية مقارنة بمرحلة ما قبل 2017 حين كان الجنوب مغيباً أو ممثلاً بأطراف لا تعكس تطلعات الشارع .
"التحديات الخدمية والتنفيذية"
لكن على الصعيد التنفيذي والخدماتي يظل المجلس موضع انتقاد واسع ، فبعد مشاركته في حكومة المحاصصة وفق اتفاق الرياض وجد نفسه في مواجهة ملفات شائكة ، الكهرباء ، الأمن ، المرتبات ، والخدمات العامة ، المواطن الجنوبي لم يلمس التحسن الموعود بل وجد أن معاناته اليومية ما زالت كما هي إن لم تكن أشد وطأة وهنا تظهر المفارقة ، المجلس الذي رفع شعار استعادة الدولة بات شريكاً في سلطة مثقلة بالعجز والفساد .
"الفوائد الشعبية المحدودة"
الفوائد التي جناها شعب الجنوب تتجسد أساساً في ترسيخ الهوية السياسية وحماية الأرض من تهديدات الحوثيين والإخوان إضافة إلى منح الجنوبيين شعوراً بالتمثيل السياسي ، غير أن هذه المكاسب لم تتحول بعد إلى مشاريع خدمية أو اقتصادية ملموسة وهو ما يثير حالة من الإحباط الشعبي .
"نصف مهمة مكتملة"
باختصار ، أنجز المجلس نصف المهمة ، ثبت حضوره السياسي لكنه لم ينجح في تحويل هذا الحضور إلى تحسين ملموس لحياة الناس ، قد يرى البعض أن هذا أمر طبيعي في مرحلة صراع معقدة لم تحسم بعد بينما يرى آخرون أن المجلس أخفق في استثمار الزخم الشعبي والفرص المتاحة له .
"السؤال المفتوح"
يبقى السؤال المفتوح : هل سيكتفي المجلس بالإنجاز السياسي ويترك ملف الخدمات رهينة للفشل أم أنه قادر على الانتقال من مرحلة التمثيل إلى مرحلة الإدارة الفاعلة وبناء مؤسسات الدولة ؟!
"بوادر الإجابة في قرارات عيدروس الزبيدي"
ربما بدأت ملامح الإجابة عن هذا السؤال تتضح في القرارات الأخيرة للرئيس عيدروس الزُبيدي سواء من خلال إعادة هيكلة مؤسسات المجلس وضخ دماء جديدة أو عبر تغييرات في مناصب حكومية دون العودة لرئيس مجلس القيادة والتي أثارت جدلاً واسعاً حول حدود الصلاحيات والتوافقات .
هذه الخطوات تكشف عن توجه واضح "المجلس لم يعد يكتفي بالدور الرمزي أو التمثيلي بل يسعى لممارسة سلطة فعلية وفرض حضور جنوبي حقيقي في معادلة الدولة" وهنا تتجلى لحظة الاختبار الصعب ، هل سينجح الانتقالي في تحويل هذه القرارات إلى مكاسب ملموسة تعزز الثقة الشعبية وتفتح الباب لبناء مؤسسات أكثر استقراراً أم أن هذه الخطوات ستقوده إلى مواجهة مفتوحة مع شركاء الشرعية ورعاة الإقليم بما قد يعيد المشهد إلى نقطة الصفر ؟!