في خطوة تعكس تمسكه بدوره السياسي والإداري في محافظات الجنوب، أعلنت القيادات المحلية لانتقالي محافظات الجنوب منع مجلس النواب اليمني المنتهي الصلاحية، برئاسة سلطان البركاني، من ممارسة أي نشاط داخل الأراضي الجنوبية، وفي مقدمتها العاصمة عدن.
ويأتي هذا القرار في إطار رؤية المجلس الهادفة إلى استعادة القرار الجنوبي وتعزيز مؤسسات تمثّل الإرادة الشعبية في مرحلة انتقالية بالغة الحساسية، في وقت يتهم فيه كثير من الجنوبيين حكومة الشرعية ومؤسساتها، ومن ضمنها البرلمان، بفقدان الفعالية والتمثيل، لاسيما في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في مناطق الجنوب.
"برلمان بلا رغبة"
يعتبر المجلس الانتقالي أن البرلمان اليمني بصيغته الحالية لا يمتلك الشرعية التمثيلية للجنوب، خاصة مع غياب الانتخابات منذ أكثر من عقدين، والتغيرات السياسية الكبيرة التي شهدتها البلاد، والتي دفعت بالمطالب الجنوبية نحو مسار مغاير.
وفي هذا السياق، صرح الشيخ هاني بن بريك، في تدوينة على منصة “إكس” قائلاً:
“البرلمان اليمني أثبت أنه مجرد مؤسسة صورية عاجزة عن أداء مهامها، لا ترى جوع المواطن ولا تسمع صوته، وفي ظل معاناة يومية وأزمات خانقة، يتفرج هذا البرلمان من منافي الشتات وكأن ما يحدث لا يعنيه. برلمان كهذا لا يستحق البقاء.”
"محاولة فاشلة في حضرموت "
وقد تصاعد التوتر مؤخرًا مع قيام البرلمان اليمني بإيفاد لجان إلى محافظتي حضرموت وشبوة، بدعوى التحقيق في قضايا تتعلق بالسلطات المحلية، وهو ما قوبل برفض حازم من قبل المجلس الانتقالي وسلطات المحافظتين.
ففي حضرموت، اضطرت اللجنة البرلمانية إلى مغادرة مدينة المكلا بعد أن طوق محتجون مقر إقامتها في أحد الفنادق، تعبيراً عن رفضهم لتدخل البرلمان في شؤون المحافظة. أما في شبوة، فقد امتنعت السلطات المحلية عن استقبال اللجنة بشكل نهائي، معتبرة أنها لا تحمل أي صفة شرعية تمكّنها من مباشرة مهام داخل نطاق إدارتها.
ومنذ تأسيسه، نجح المجلس الانتقالي في ترسيخ حضوره كقوة سياسية وعسكرية ذات قاعدة شعبية واسعة في الجنوب، معتمداً على خطاب واضح يستند إلى تطلعات الشارع الجنوبي لاستعادة دولته ومؤسساته المستقلة.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة التصعيدية تأتي في سياق إعادة رسم العلاقة مع سلطات ما يُعرف بـ”الشرعية اليمنية”، خاصة في ظل الانفصال الجغرافي والسياسي القائم بين صنعاء وعدن، وفشل المؤسسات الرسمية في معالجة الأزمات المتراكمة.
كما تعكس قرارات المجلس رفضاً لمحاولات إعادة إنتاج المؤسسات القديمة في سياق لا يستجيب لطموحات الجنوب، بل يُنظر إليه كالتفاف على مطالبه المستمرة منذ 2015.
"ملامح مرحلة جديدة"
يؤشر تصعيد المجلس الانتقالي إلى دخول الجنوب في مرحلة جديدة من تثبيت مشروعه السياسي على الأرض، سواء من خلال تعزيز المؤسسات المحلية، أو من خلال تحجيم نفوذ المؤسسات التي يعتبرها الشارع الجنوبي جزءاً من الماضي الذي فُرض قسراً.
ويبدو أن الجنوب يتجه نحو مزيد من التمايز عن منظومة “الشرعية”، في وقت يشتد فيه الضغط الشعبي لتكريس واقع سياسي جديد يعكس حقيقة القوى الفاعلة على الأرض.