لم تعد معركة حضرموت اليوم مجرد صراع نفوذ عابر أو خلاف سياسي يمكن احتواؤه بحلول وسطية، بل تحولت إلى معركة فرز شامل ونهائي بين مشروعين لا يلتقيان: مشروع تحرير حضرموت وتمكين أهلها من قرارهم، ومشروع الهيمنة والوصاية الذي يحاول إعادة إنتاج أدواته بأسماء وعناوين جديدة.
وما تشهده حضرموت اليوم من تحركات سياسية وقبلية وإعلامية متسارعة، يكشف بوضوح حجم الهلع والارتباك الذي أصاب قوى النفوذ العسكري والسياسي المسيطرة على وادي حضرموت، بعد أن باتت تدرك جيداً أن لحظة الحسم باتت أقرب من أي وقت مضى، وأن مشاريعها التي قامت على صناعة الانقسامات وإدامة التبعية والوصاية تقترب سريعاً من نهايتها المحتومة.
"محاولة تدوير منظومة الاحتلال ستبوء بالفشل"
ويرى مراقبون، بان الواقع الجديد الذي يفرضه وعي الحضارم، وإرادتهم الحرة، وتحركات المجلس الانتقالي الجنوبي كحامل سياسي ووطني لمطالبهم، لم يعد يسمح بأي مشاريع مشبوهة تستهدف تدوير منظومة الاحتلال أو إعادة إنتاج أدوات الهيمنة تحت يافطات قبلية أو مناطقية أو حتى خدمية.
وبات المشهد اليوم في حضرموت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى: إمّا أن تكون مع مشروع تحرير حضرموت كاملة، وتمكين أبنائها من إدارة شؤونها، وفي مقدمتهم النخبة الحضرمية لتتولى مسؤولية الأمن والدفاع في كافة مديريات وادي وصحراء حضرموت، أو أن تختار بوعي أو بغير وعي، الاصطفاف مع بقايا منظومة الاحتلال وأدوات النفوذ التي استنزفت الوادي لعقود طويلة، وهي معركة لم تعد تقبل المواقف الرمادية ولا الحسابات المزدوجة، بل معركة وضوح واختيار وانحياز صريح للحق ولإرادة أبناء حضرموت.
وبحسب المراقبون، فان أبناء حضرموت، وهم يتجهون نحو هذه اللحظة الحاسمة، يدركون تماماً أن معركتهم ليست مع إخوتهم في الجنوب، بل مع قوى تريد إبقاء حضرموت ساحة مفتوحة لمشاريع الغدر والتبعية والهيمنة، متجاهلين أن الجنوب اليوم موحد أكثر من أي وقت مضى خلف مشروع التحرير والاستقلال، وأن حضرموت قلب هذا المشروع النابض.
ولأن القادم هو اختبار حقيقي لكل الأطراف، فإن مواقف الجميع ستكون تحت مجهر الوعي الشعبي الحضرمي، الذي لم يعد يقبل المواقف الضبابية، ولا الشعارات المزدوجة، ولا المزايدات الإعلامية، فالميدان وحده هو الحكم، والانحياز لتحرير حضرموت هو العنوان الأوحد لأي موقف وطني صادق.
كما لم تعد حضرموت ساحة مستباحة، ولم يعد أبناؤها أوراقاً بيد تجار السياسة أو أدوات مشاريع الهيمنة، فحضرموت اليوم تصنع مستقبلها بوعي وإرادة لا تنكسر، وتقترب بثبات من لحظة استعادة القرار والهوية والسيادة.
ويفرض على كل من لا يزال متردداً سؤالا وهو في أي صف ستكون؟، صف حضرموت الحرة وجنوبها المستقل؟، أم صف بقايا الاحتلال ومخلفاته الذين لم يجلبوا للوادي سوى القهر والنهب والتهميش؟، وسبق أن قالت حضرموت كلمتها وحددت بوصلتها والجنوب كله يقف خلفها، والرهان الآن على الميدان.. وعلى وعي الرجال وصلابة المواقف.
"توجيهات برفع مستوى الحس الأمني في حضرموت"
وفي هذا السياق، وجه العميد مطيع المنهالي، المدير العام لأمن وشرطة ساحل حضرموت، برفع مستوى اليقظة والاستعداد في الوحدات الأمنية، وتعزيز الانضباط والجاهزية القصوى.
وشدد المنهالي في كلتمه بالطابور العام للإدارات والمصالح والوحدات الأمنية بالمحافظة، على ضرورة رفع وتيرة الاستعداد والانضباط في مختلف المراكز والوحدات، موضحًا أن المرحلة الراهنة تتطلب تماسكًا وجهوزية عالية لمواجهة محاولات النيل من الأمن والاستقرار في ساحل حضرموت.
وقال إن محاولة اغتيال مدير البحث الجنائي بمحافظة حضرموت تمثل جرس إنذار خطير، مؤكدًا أن الأجهزة الأمنية تعاملت مع الحادثة منذ لحظتها الأولى بجدية عالية، وأطلقت على إثرها حملات أمنية نوعية تستهدف أوكار الجريمة والعناصر الخارجة عن القانون.
ولفت إلى أن حملات التفتيش والمداهمات الأمنية لن تقتصر على مدينة المكلا، إنما تتوسع لتشمل مديريات أخرى، ضمن خطة شاملة تهدف إلى تجفيف منابع الجريمة وضرب الخلايا النائمة التي تحاول زعزعة الاستقرار من خلف الستار.
وحذر من خطر مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، التي تحاول النيل من المنجزات المحققة، قائلا إن "الأجهزة الأمنية لن تسمح لأي عنصر إجرامي بالعبث بأمن حضرموت، وستضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه المساس بأمن المواطنين أو محاولة استهداف مؤسسات الدولة.
وكشف عن خطة لإدارة الأمن العام لتدريب الأفراد من مختلف الوحدات والإدارات والمصالح، بهدف رفع كفاءتهم المهنية والبدنية، مؤكدا العمل وفق مبادئ وطنية بحتة.
وثمن المنهالي جهود رجال التحريات والبحث الجنائي ورجال أمن المكلا، في تنفيذ حملة المداهمات الناجحة قبل يومين، والتي أسفرت عن ضبط عدد من المطلوبين.
"تخادم حوثي - إخوان لضرب أمن الجنوب"
ولطالما كان الجنوب ساحة للصراعات بين الطامعين والمتمسكين بحقوقهم الوطنية. في الوقت الراهن، يكشف هذا المشهد المتقلب عن تخادم متزايد بين جماعة الحوثيين وحزب الإصلاح (الذراع السياسي للإخوان المسلمين في اليمن). المخطط الكبير الذي يُستهدف به الجنوبيون لا يقتصر على أزمة معيشية فحسب، بل يسعى لإعادة الجنوب إلى دائرة التبعية عبر أدوات متعددة، تشمل إفقار الجنوب اقتصاديًا من خلال انهيار العملة واحتكار الموارد ومنع أي نهضة اقتصادية مستقلة.
ووفق محللون، فان المخطط الخبيث لا يقتصر على الجانب الاقتصادي بل يسعى أيضًا لتفكيك النسيج الاجتماعي الجنوبي من خلال إثارة الصراعات الداخلية وإحداث انقسامات تهدد الوحدة السياسية، ورغم استمرار تحشيد الإرهاب اليمني ضد الجنوب، وخاصة التصعيد المستمر من قبل المليشيات الحوثية الإرهابية، تظل جبهة كرش إحدى أبرز الجبهات التي تحاول المليشيات تشكيل تهديد منها. ومع ذلك، تواصل القوات المسلحة الجنوبية التصدي لهذه التهديدات، متمكنة من إحباط العديد من محاولات التفكيك والعدوان.
وبحسب المحللون، فان هذا التحالف الخبيث بين الحوثيين والإخوان يسعى لإغراق الجنوب في فوضى شاملة لا تنتهي حلقاتها، وتوسيع نطاق العدوان العسكري ضد الجنوب في محاولة لتكرار ما حدث في الماضي.
"الجنوب يتصدى للإرهاب"
ويقف الجنوب، بكل عزيمة ضد تحشيد الإرهاب اليمني، خاصة من قبل المليشيات الحوثية. التصعيد المستمر لا يُهدد أرضه فحسب، بل يهدف إلى إضعاف الأمن والاستقرار في المنطقة. ومع ذلك، استطاع الجنوب أن يثبّت قوته ويُفشل العديد من المؤامرات على مر السنوات الماضية، مُظهرًا قدرة استثنائية على مواجهة أي تهديدات.
وتحاول المليشيات الحوثية جاهدة السيطرة على أراضي الجنوب واحتلال جبهاته في محاولة لمحاكاة ما فعلته اليمن في فترات سابقة، ويعد الإرهاب الذي يتعرض له الجنوب من قبل تيارات الشر اليمنية تهديدًا وجوديًا للأمة. إن التصعيد المستمر ضد الجنوب يُخشى أن يُغرقه في فوضى شاملة.
وتظل تضحيات القوات المسلحة الجنوبية وجهودها الميدانية مصدرًا للثبات والأمل في استعادة الدولة الجنوبية ذات السيادة، حيث تواصل تسطير ملاحم بطولية في مواجهة المخططات الإرهابية، مُطمئنةً الشعب الجنوبي بأن الجنوب سيظل قادرًا على دحر المؤامرات مهما كانت قوتها أو نطاقها.
"الجنوب يقهر التحديات"
وتمكنت القوات الجنوبية من كسر الإرهاب الحوثي على الأرض، مُظهرة بذلك مدى جاهزية الجنوب للدفاع عن أمنه واستقراره. الجنوب لن يسمح بأي تهديد يمس سيادته، بل سيظل دائمًا شوكة في حلق الإرهاب، ويأتي التزام الجنوب بالدور الأمني، لتلبية تطلعات شعبه في بناء بيئة مستقرة وآمنة، مع ضمان تحقيق المزيد من المكتسبات الوطنية في إطار استعادة الدولة وفك الارتباط.
وطبقا للمراقبون، فان إفشال محاولات التسلل الحوثية الإرهابية يعكس جهوزية القوات المسلحة الجنوبية للتصدي لأي تهديدات، إذ تستمر المليشيات في محاولة دفع عناصر إرهابية لتنفيذ عمليات تخريبية، ولكن القوات المسلحة الجنوبية تظل بالمرصاد لكل هذه المخططات.
ويرسم الجنوب خطوطًا حمراء لا يسمح بتجاوزها تحت أي ظرف من الظروف، مؤكدًا أنه سيظل جاهزًا لمجابهة خطر الإرهاب على جميع الأصعدة، مستخدمًا كل الإمكانيات اللازمة لحماية أمنه واستقراره والدفاع عن أراضيه ومكتسباته.