تمر القضية الجنوبية بمنعطف تاريخي حاسم، تواجه خلاله تحديات داخلية وخارجية تهدف إلى تقويض مكتسباتها وتشويه ممثليها،في ظل هذه التحديات، تعمل بعض القوى على تأزيم الأوضاع الاقتصادية واستغلال معاناة المواطنين لتحقيق أجندات لا علاقة لها بالقضية الجنوبية،كما تتصاعد حملات إعلامية ممنهجة تستهدف المجلس الانتقالي الجنوبي، الممثل السياسي للقضية، في محاولة لزعزعة وحدة الصف الجنوبي والتأثير على موقفه محليًا ودوليًا.
ويرى مراقبون أن هذه الحملات تأتي ضمن استراتيجيات منظمة تهدف إلى تمزيق النسيج الجنوبي، مستغلة الأزمات المعيشية الخانقة التي يعاني منها أبناء الجنوب،ورغم هذه المحاولات، يظل الوعي الجنوبي حصنًا منيعًا يحطم كل المؤامرات، مما يستوجب من الجنوبيين التكاتف وتحمل المسؤولية وعدم السماح لأي جهة بتمزيق وحدتهم،فالمرحلة الراهنة تتطلب وحدة الصف والارتقاء بالوعي السياسي، والتمييز بين النقد البناء والتضليل الإعلامي الهادف لضرب القضية الجنوبية.
"افتعال الأزمات "
تشهد العاصمة عدن حالة من الغضب الشعبي العارم نتيجة تفاقم الأزمات المعيشية، وسط اتهامات بوجود سياسة ممنهجة تهدف إلى تصدير الأزمات وإضعاف الجنوب،ولم يعد الصمت خيارًا أمام المواطنين، الذين خرجوا إلى الشوارع للتعبير عن استيائهم إزاء التدهور غير المسبوق في الخدمات الأساسية، في ظل ما يُعرف بـ”حرب الخدمات”، التي تسعى لإجبار الجنوب على الرضوخ للأوضاع القائمة.
تعيش العاصمة عدن أوضاعًا كارثية نتيجة الانقطاع المستمر للكهرباء والمياه، والانهيار الاقتصادي المتسارع، وسط ارتفاع جنوني في أسعار الوقود وانهيار الريال أمام العملات الأجنبية، ومع تفاقم الأزمة، تعطلت المستشفيات، وتوقفت مضخات المياه، ما جعل المواطنين يكافحون يوميًا لتأمين احتياجاتهم الأساسية،القطاع الصحي على حافة الانهيار، حيث توقفت أقسام العناية المركزة وحضانات الأطفال عن العمل، مما يهدد حياة العديد من المرضى.
"انهيار العملة وارتفاع الأسعار"
شهد الريال اليمني انهيارًا غير مسبوق، حيث تجاوز سعر الدولار 2300 ريالًا، فيما بلغ الريال السعودي 610 ريالًا، مما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية، ومع ارتفاع الأسعار وتدني القدرة الشرائية، بات المواطنون غير قادرين على تأمين احتياجاتهم اليومية، وتحولت شوارع عدن إلى مأوى لمئات المتسولين الذين أجبرتهم الأزمة الاقتصادية على مد أيديهم طلبًا للطعام.
يرى محللون أن عدن تتعرض لعقاب ممنهج بسبب موقفها الصلب في دعم التحالف العربي والتصدي للمشروع الإيراني في المنطقة، وأشار المدون محمد النود إلى أن الانقطاع المستمر للكهرباء وتعطيل القطاعات الحيوية يُعد بمثابة عقاب سياسي واضح.
مجلس القيادة الرئاسي.. فشل في تحقيق الأهداف
أكد عضو مشاورات الرياض، ياسر اليافعي، أن مجلس القيادة الرئاسي لم يحقق أيًا من الأهداف التي أُنشئ من أجلها، سواء في التعامل مع الحوثيين أو تحسين الأوضاع الاقتصادية،وأضاف أن المجلس الانتقالي الجنوبي مطالب بإعادة النظر في الشراكة السياسية، والعودة إلى التفاعل مع الشارع الجنوبي قبل أن ينقلب المزاج الشعبي ضده.
الدولة الجنوبية.. الحل الوحيد لإنقاذ شعب الجنوب
كتب العميد علي حسن زكي مقالًا أكد فيه أن استعادة الدولة الجنوبية المستقلة هو الحل الوحيد لإنهاء معاناة الشعب، مشيرًا إلى أن مشاركة الجنوب في أي تحالف دولي ضد الحوثي يجب أن تكون مشروطة بالحصول على ضمانات دولية لاستعادة الدولة وبناء مؤسساتها.
حصار اقتصادي ممنهج ضد الجنوب
يرى محللون أن ما يجري في الجنوب ليس مجرد أزمة اقتصادية عابرة، بل هو حصار اقتصادي متعمد يهدف إلى إنهاك الجنوب وإضعاف موقفه السياسي، مشيرين إلى أن نفس الاستراتيجية استُخدمت في العراق قبل إسقاطه.
"سينتصر الجنوب رغم المؤامرات"
يؤكد نشطاء جنوبيون أن كل محاولات تشويه المجلس الانتقالي والتحريض الإعلامي لن تثني الجنوب عن تحقيق تطلعاته،مشيرين إلى أن ما يحدث من تضييق اقتصادي وتعطيل متعمد للخدمات ما هو إلا محاولات يائسة لمنع الجنوب من استعادة دولته، لكن هذه الحرب لن تثني أبناء الجنوب عن هدفهم الأساسي.
كما يرى خبراء أن الوضع في الجنوب يحتاج إلى تدخل حاسم لإحداث تغيير في إدارة الدولة، وإعادة هيكلة الحكومة الشرعية بما يتناسب مع المتغيرات الإقليمية، مؤكدين أن استمرار الوضع الحالي لا يخدم سوى القوى المعادية للجنوب.
"الجنوب يخوض حربين في توقيت واحد"
يخوض الجنوب حربين ضاريتين؛ الأولى ضد القوى اليمنية التي تسعى لإضعافه وزعزعة أمنه، والثانية ضد الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تُستخدم كأداة ضغط سياسي،ورغم كل التحديات، يظل أبناء الجنوب متمسكين بحقهم في استعادة دولتهم، معتمدين على وعيهم وصمودهم في وجه المؤامرات التي تُحاك ضدهم.