بقلم / محمد علي رشيد النعماني
شهد الجنوب عام 2024 تطورات سياسية وأمنية واقتصادية ملحوظة حيث أحرز المجلس الانتقالي الجنوبي عدة إنجازات هامة في مسار استعادة الدولة الجنوبية المستقلة ورغم هذه الإنجازات تظل هناك بعض التحديات التي تواجه المجلس سواء على المستوى السياسي أو الإقتصادي وتتمثل إحدى أبرز هذه التحديات في ضرورة تعزيز الشفافية في عمل المجلس نفسه خاصة في مجالات الإدارة المالية والتنظيمية .
"إنجازات 2024: خطوات نحو التقدم ولكن هل تكفي"؟
من أبرز إنجازات المجلس الانتقالي الجنوبي مطلع عام 2024 تعزيز البنية المؤسسية حيث تم عقد الاجتماع التأسيسي لمجلس العموم الجنوبي في عدن وهي خطوة هامة نحو توحيد الصف الجنوبي تحت مظلة سياسية واحدة ورغم أهمية هذه الخطوة لا تزال هناك تساؤلات حول فعالية الهيكلية الداخلية للمجلس وقدرته على تحقيق التوازن بين مختلف المكونات الجنوبية التي تتوحد تحت رايته وفي ظل هذا الواقع هناك حاجة ملحة لتعزيز التنسيق بين الأجنحة السياسية المتنوعة في المجلس لتفادي أي تباين قد يعرقل تحقيق الأهداف الوطنية .
وعلى الصعيد الأمني تمكنت القوات الجنوبية من التصدي للعديد من التهديدات الإرهابية من قبل الحوثيين وتنظيم القاعدة خاصة في محافظات أبين وشبوة ولحج والضالع ومع ذلك تظل بعض المناطق الجنوبية بحاجة إلى المزيد من الإستقرار الأمني خاصة في وادي حضرموت حيث تتمركز قوات المنطقة العسكرية الأولى المعادية للجنوب وهنا يتطلب الأمر تعزيز الجهود لتطوير التنسيق الأمني بين الجهات المختلفة في الجنوب لضمان استدامة الأمن في جميع المناطق .
"إنجازات سياسية بارزة في 2024: مواجهة الفساد والدفاع عن حقوق الجنوب"
ومن أبرز الإنجازات السياسية للمجلس في 2024 موقفه الثابت من الفساد داخل الشرعية اليمنية ورفضه التام للتنازلات التي قدمتها الشرعية للحوثيين والتي شملت محاولات لتسوية سياسية قد تؤدي إلى التفريط في حقوق الجنوب فالمجلس الانتقالي كما يظهر في خطاباته وبياناته كان حازماً في مواجهة محاولات الحكومة اليمنية للتفاوض مع الحوثيين على حساب مصالح الجنوب وهذا الموقف يعكس تمسك المجلس بمواقف سياسية واضحة تدافع عن حقوق الشعب الجنوبي وتطالب بحل عادل للقضية الجنوبية بعيداً عن الإملاءات الخارجية .
كما كان لرئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي دور بارز في تعزيز الحضور الدبلوماسي للقضية الجنوبية فقد أجرى عدة لقاءات هامة مع دبلوماسيين وقادة دوليين في عام 2024 وهي لقاءات إستراتيجية لعرض وجهة نظر المجلس بشأن الحلول السياسية المستقبلية كما سعى لبحث دعم المجتمع الدولي للجنوب في مجالات متعددة من بينها الأمن والإقتصاد مما ساهم في تسليط الضوء على القضية الجنوبية في الساحة الدولية .
"التحديات المالية والإدارية: شكوك حول الفساد وضرورة الرقابة"
تعتبر التحديات المالية والإدارية من أبرز القضايا التي يواجهها المجلس الانتقالي الجنوبي في إدارة شؤون الجنوب ورغم الجهود التي بذلها المجلس لتعزيز الإستقرار المالي والإداري تظل هناك بعض التساؤلات حول فعالية الأداء في هذه الجوانب وفي هذا الإطار تُثار بعض الشكوك حول كيفية إدارة الموارد المالية والإدارية داخل هيئات المجلس مما يستدعي ضرورة المتابعة الدقيقة والتقييم المستمر لأداء هذه الهيئات فمن المهم أن يواصل المجلس تعزيز الشفافية والمساءلة داخل هيئاته لضمان تحقيق العدالة والعمل بكفاءة كما أن تحسين الهيكل الإداري والمالي للمجلس سيساهم في تعزيز الثقة العامة وتفادي أي شبهات تتعلق بإدارة المال العام .
"توقعات 2025: إصلاحات داخلية ضرورية لمواكبة الطموحات"
مع دخول عام 2025 يتوقع أن يشهد الجنوب والمجلس الانتقالي تحولاً جوهرياً ولكن هذا التحول سيعتمد على إصلاحات هيكلية وإدارية ضرورية على الصعيد السياسي يجب على المجلس الانتقالي تعزيز وحدة الصف الجنوبي والعمل على تقوية التنسيق بين جميع المكونات الجنوبية لتوحيد الرؤية الوطنية بعيداً عن الخلافات الداخلية التي قد تؤثر على سير العمل السياسي وفي المجال الأمني وعلى الرغم من التحسن الملحوظ في بعض المناطق فإن استقرار الجنوب يحتاج إلى جهود متواصلة لتعزيز التنسيق بين الجهات الأمنية المختلفة كما أن تطوير الكفاءة الأمنية والعسكرية في مختلف المناطق الجنوبية سيكون أمراً بالغ الأهمية في مواجهة التحديات المستقبلية.
إقتصادياً على المجلس الانتقالي العمل على تعزيز الشفافية في إدارة الموارد وتعزيز الرقابة المالية لا شك أن هذا سيسهم في تحسين الأوضاع الإقتصادية في الجنوب ويساهم في جذب الاستثمارات الخارجية التي تعتبر ضرورية لتنمية المنطقة وفي هذا الإطار يجب أن يكون هناك تقييم مستمر لأداء الهيئات الإدارية والمالية داخل المجلس لضمان أن أي شبهات تتعلق بالإدارة المالية يتم التعامل معها بجدية وشفافية .
عام 2024 كان عاماً مليئاً بالتحديات والإنجازات للمجلس الانتقالي الجنوبي وعلى الرغم من النجاحات التي تحققت في مجالات متعددة يبقى أن نضع في الإعتبار أن هناك ضرورة ملحة لمواصلة تعزيز الشفافية والإصلاح داخل هيئات المجلس المختلفة وفي ظل هذه التحديات يتعين على المجلس الإنتقالي أن يستمر في العمل الجاد لتعزيز المساءلة الإدارية والمالية وأن يظل يقظاً لضمان ألا تتسلل أي ممارسات غير شفافة قد تؤثر على نزاهته مع مواصلة هذه الجهود يمكن للجنوب أن يمضي قدماً نحو تحقيق تطلعاته المستقبلية بكل قوة وثبات ..