بقلم/ محمد علي رشيد النعماني ..
حين نتأمل تاريخ الجنوب العربي وما تلا خروج الإستعمار البريطاني من عدن عام 1967، نجد أن هناك سيناريوهات عديدة كان يمكن أن تسهم في صياغة واقع مختلف للمنطقة أحد هذه السيناريوهات يتمثل في استمرار حكم إتحاد الجنوب العربي المكون من السلطنات والمشيخات المحلية وهو نظام يحمل في طياته مقومات إستقرار ونهوض قد تجعل من الجنوب العربي نموذجاً متميزاً في المنطقة .
لو أن إتحاد الجنوب العربي إستمر ككيان سياسي بعد رحيل بريطانيا لكان قد وفر مظلة للحكم تحترم التنوع الجغرافي والثقافي للمجتمع الجنوبي وذلك بفضل الزعامات المحلية التي كانت تحظى بشرعية شعبية وكان من الممكن تحقيق إستقرار سياسي طويل الأمد حيث تُدار شؤون المناطق وفقاً لإحتياجاتها بعيداً عن المركزية المفرطة .
النظام الفيدرالي الذي تبناه إتحاد الجنوب العربي قبل 1967 قدم نموذجاً متوازناً يتيح مشاركة واسعة في صنع القرار، ما يعزز التلاحم الوطني ويقلل من النزاعات الداخلية والجنوب العربي يمتلك موقعاً إستراتيجياً متميزاً يطل على واحد من أهم طرق التجارة العالمية وإستمرار حكم إتحاد السلطنات كان يمكن أن يجعل من عدن مركزاً تجارياً عالمياً حيث يتم استثمار الموانئ والبنية التحتية التي تركها الإستعمار البريطاني علاوة على ذلك كان يمكن للجنوب أن يبني علاقات إقتصادية متينة مع دول الخليج العربي التي كانت في طور النهوض آنذاك ما يخلق شراكات إستراتيجية تُثمر عن مشاريع تنموية كبرى في قطاعات الموانئ والنقل والطاقة والتجارة ونظام الحكم المحلي الذي تبنته السلطنات كان يمكن أن يسهم في تحقيق استقرار أمني حيث تدير كل سلطنة شؤونها الداخلية بما يتوافق مع ثقافتها وتقاليدها هذا النموذج يتيح مرونة في التعامل مع القضايا الأمنية والاجتماعية ويُجنب الإتحاد الوقوع في صراعات داخلية كبيرة .
على الصعيد الاجتماعي إستمرار حكم السلطنات يمكن أن يعزز التقاليد والقيم المجتمعية التي تُعتبر حجر الزاوية في بناء المجتمعات المستقرة مع خلق بيئة من التسامح والتعايش بين مختلف المكونات .
الجنوب العربي كإتحاد مستقل كان من الممكن أن يطور علاقاته مع القوى الإقليمية والدولية بطريقة تضمن استقلاله السياسي وإستقراره الإقتصادي فبدلاً من التورط في صراعات أيديولوجية كان الإتحاد قادراً على بناء شراكات دولية تستفيد من الموقع الجغرافي والإمكانات الاقتصادية ولو أن إتحاد الجنوب العربي بقي مستمراً في ظل حكم السلطنات لكان الجنوب العربي اليوم نموذجاً للاستقرار السياسي والنهضة الاقتصادية والتنمية الاجتماعية هذا السيناريو ليس مجرد حلم بل يعكس الإمكانات الحقيقية التي يمتلكها الجنوب والتي يمكن إستلهامها اليوم لتحقيق مستقبل مشرق .
إن دروس التاريخ تُظهر أن احترام التنوع وبناء الأنظمة الشاملة هو السبيل الأمثل لتحقيق الاستقرار والتنمية وهو ما كان اتحاد الجنوب العربي قادراً على تحقيقه.
فسلام على الإتحاد والسلام على الجنوب العربي العظيم .