شهدت العاصمة الجنوبية عدن مؤخراً منحدراً سياسياً متصاعداً وسط محاولات من بعض القوى اليمنية لإعادة تشكيل تكتل سياسي جديد، بقيادة حزب الإصلاح، هذه التحركات قوبلت برفض قاطع من غالبية الكيانات الجنوبية السياسية والشعبية، التي ترى فيها تهديداً لهوية الجنوب واستقراره، فيما تتعالى الأصوات المناهضة لهذا التكتل، تبرز تساؤلات حول أهدافه وخلفياته، ومدى تأثيره على القضية الجنوبية.
كما شهدت شوارع عدن، احتجاجات غاضبة تنديداً بتكتل الأحزاب اليمنية الذي أُعلن عن تشكيله مؤخراً، واحتشد المتظاهرون أمام فندق كورال، معبرين عن رفضهم التام لهذا المشروع السياسي الذي يرونه امتداداً لمحاولات "قوى الاحتلال" لإعادة السيطرة على الجنوب عبر أدوات حزبية يمنية تدعي تمثيل الجنوب، ولكنها تكرّس مصالح خارجية لا تخدم طموحات أبناء الجنوب.
وبالتزامن مع انعقاد اجتماع تكتل الأحزاب اليمنية في العاصمة عدن، علق أنيس الشرفي نائب رئيس الشؤون الخارجية بالمجلس الانتقالي الجنوبي عضو هيئة التشاور والمصالحة على هذا الحدث مؤكدا أن المجلس الانتقالي الجنوبي سمح لانعقاد هذا اللقاء بهدف توحيد الجبهة الشمالية لمواجهة مليشيات الحوثي الإرهابية وتحرير الشمال .. محذر من انحراف هذا الاجتماع والمساس باهداف شعب ومشروعه الوطني الجنوبي.
وقال الشرفي:" قدم المجلس الانتقالي الجنوبي دعمه الكامل لكل جهد يساهم في تحرير الشمال، ومن هذا المنطلق سمح لانعقاد لقاء الأحزاب في عدن، لعلهم يفيقون من سباتهم ويوحدون جهودهم لمواجهة الحوثيين وتحرير أرضهم، إلا إن أي محاولة لحرف بوصلة الحرب باتجاه عدن والجنوب المحررة وتجاوز الخطوط الحمراء لشعب الجنوب وقضيته ومشروعه الوطني، سيعود وبالاً على تلك القوى ويجهز على فرص لجوءهم في الجنوب، وعلى الباغي تدور الدوائر".
وأضاف: "إذ تتحدد علاقات المجلس الانتقالي الجنوبي ومواقفه وسياسته للتعامل مع أي طرف آخر، بناء على استيعاب الآخر لجوهر المشروع الوطني الجنوبي، وانفتاحهم على خيارات حل قضية شعب الجنوب دون أي قيد أو شرط مسبق، وبما يلبي إرادة شعب الجنوب".
*رفض سياسي جنوبي*
وشهد الشارع الجنوبي رفض سياسي واسع من قبل الكيانات الجنوبية، على رأسها "التجمع الديمقراطي الجنوبي تاج"، أكدت رفضها لهذا التكتل، معتبرةً أنه يمثل استمراراً لتحالفات تعود إلى حرب 1994، والتي تسببت بمعاناة للجنوب وأبناءه. وأشارت إلى أن هذا التكتل، الذي تسعى إليه القوى اليمنية الموالية لصنعاء، يهدف لتقويض قضية الجنوب ويشكل استمراراً لمحاولات الهيمنة التي حولت الجنوب إلى غنيمة للأحزاب اليمنية بعد انسحابها من مناطقها الشمالية التي أصبحت تحت سيطرة الحوثيين.
*تحركات حزب الإصلاح*
وتأتي هذه التحركات استكمالاً لتحركات سابقة لحزب الإصلاح اليمني، الذي عرف بمحاولاته السابقة استغلال الأزمات السياسية لتنفيذ أجنداته الخاصة، ووفقاً لمقال نشر عام 2018 في إحدى الصحف الخليجية، وصف الحزب بأنه "كيان خبيث وانتهازي"، ويُحذر من أن تحركاته تهدف لتمرير أجندات سياسية تخدم مصالحه على حساب الجنوب.
*سخط شعبي جنوبي من "حيل الأحزاب" وتجاهل الأزمات الاقتصادية والمعيشية*
واجه التكتل الجديد للأحزاب اليمنية، الذي أُعلن عنه مؤخرًا في العاصمة عدن، رفضاً واسعاً من الشارع الجنوبي، الذي اعتبر هذه المحاولة تلاعباً بمشاعره واستغلالاً لأزماته المتفاقمة دون تقديم حلول فعلية على أرض الواقع.
ويأتي الإعلان عن هذا التكتل في وقت يعاني فيه المواطنون من أزمات معيشية خانقة، بينما يرى كثيرون أن هذه الأحزاب، بوعودها المتكررة، تكتفي بتهدئة الغضب الشعبي عبر تصريحات جوفاء لا تتجاوز وسائل الإعلام.
وأشار عدد من المواطنين في تصريحاتهم إلى أن ما يقدمه هذا التكتل لا يعدو كونه وعوداً قديمة متجددة، تهدف إلى امتصاص الغضب الشعبي دون تقديم أي خطوات حقيقية لتحسين الأوضاع المعيشية والخدمية في الجنوب.
وأكدت أصوات شعبية أن الجنوب يحتاج إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع تلامس همومه وتستجيب لمطالبه الملحّة، لا إلى اجتماعات وتصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع، معتبرين أن التكتلات السياسية "غير معترفة، وباتت بعيدة كل البعد عن الشعور بالمسؤولية وتحرير الشمال المحتل ايرانياً.
*من انتصر على الحوثي في جبهات القتال سينتصر على الأعداء في كل ساحة*
في العمل السياسي ليس المهم التصريحات او حتى الرفض والإدانة بل المهم تغيير الوقائع وقواعد اللعبة أو مسايرتها واستثمار حتى الحد الأدنى منها، ومن قواعد اللعبة ان عاصمة الجنوب عدن هي نفسها عاصمة مؤقتة لليمنيين المشردين من ديارهم، والرئاسي خليط من قوى جنوبية ويمنية، كما ان اللعبة السياسية لم يفرضها الانتقالي الجنوبي بل فرضتها قوى إقليمية ودولية مازال قرارها قوياً وقادرة على التخريب واصطناع أدواته، وفي هذه المرحلة لانستطيع ان نقول ان المجلس الانتقالي الجنوبي صاحب الكلمة الفصل في الجنوب ومصداق ما نقول هو اتفاق الرياض والاطراف التي تشكل منها الرئاسي.
ويرى محللين، ان قرار المجلس الانتقالي الجنوبي بعدم منع حضور المكونات والأحزاب اليمنية في عدن كان قراراً صائب سياسياً مهما كانت ردات الفعل الشعبية وعدم الرضى الشعبي به أو ردّات قوى استغلت الحضور لتصفية حساباتها مع الانتقالي فلو منعته سيعملون من المنع ضجيجاً سياسياً أكبر من الاجتماع الذي مر وما التفت له أحد إلا حضوره أو تغطية أما شعبية أو موجهة حوله ومنعه سيخلق أزمة بان الانتقالي يمنع أي تكتلات ضد الحوثي وسنجد حتى من الإقليم من يرفع الصوت عالياً ضد المنع وانه دعماً للحوثي، بينما خلاصة اللقاء كان دكاناً يمنياً وضعوا في واجهته صورة جنوبية بنفس العقلية السياسية لاحزاب ونخب الشمال تضع تصوّر افتراضي للجنوب وتضع لها التصوّر صورة تمثّله وتفشل ثم تكرر الفشل.
وبحسب مراقبون، فان تكتل سبقته تكتلات لذات الوجوه وذات الاسماء مع تغيير بعض العناوين وفشلت وتكرار الفعل بنفس أدوات الفشل سينتج فشل لانها انتاج للخردة سياسية وحزبية صنعت المشكلة وفشلت في حلها أو مقاومتها، فالاجتماع الذي رعته السفارة الأمريكية ولاقى دعم إقليمي، هذا الدعم يحاول ان يعمل فاصلاً بينه وبين أية جهود سياسية وعسكرية دولية ضد الحوثي، ويأتي في سياق صنع تكتلات للاعداد لشيء ما ضد الحوثي أو هكذا منطلق رعاية الديمقراطيين الأمريكيين له في سياق التنافس الرئاسي.
وعقد اليمنيين اجتماعهم الدكاكيني ولم يمنعهم أحد إلا من اعتراض شعبي سلمي خرج بعفوية وبدون تنظيم وهذا حق شعبي حتى بابسط صورة يعطي رسالة لرعاة اللقاء انه لايمثل الجنوب ولايعنيه لكن لو مُنِعوا سيجعلون من المنع حجة انهم غير قادرين على تقديم اي شي في المعركة ضد الحوثي طالما وهم مُنعوا من اجتماع في العاصمة المؤقتة وهاهم اجتمعوا ولم يُمنعوا جاءوا على متن طائرة وسيغادرون على متن اخرى ومع ذلك لن يستطيعوا ان يقدموا شيئا للمعركة القادمة لان فاقد الشيء لايعطية.
وطبقاً لمحللين، فان الولايات المتحدة وان كانت الراعي الرسمي للقاء عدن فهي الدولة الوحيدة التي لا تحسب حساب الاحزاب عملياً، بل تحسب القوة ومن الجهة القادرة عليها وتتحالف معها فمهما كانت تلك الاحزاب فهي لافتات تفتقر للقوة وقد جُرِبت خلال العقد الماضي.
وهذه الاعمال تزيد من قوة وصلابة الجنوبيين وتمسكهم بقضيتهم الوطنية في ظل هذا الوضع من الفشل الإقليمي في حسم الحرب ودخول أمريكا على الخط فان أبناء الجنوب يجب ان يلتفوا حول المجلس الانتقالي الجنوبي والتمسك بخياره بقيادة في تحرير واستعادة وبناء واستقلال دولة الجنوب كاملة السيادة على حدودها المتعارف عليها دولياً قبل عام 1990م.
*المجلس الانتقالي الجنوبي يعلن موقفه من ما يسمى بتكتل الأحزاب اليمنية*
وتابع المجلس الانتقالي الجنوبي، مخرجات ما سُمي "بالتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية" (وثائقه، وبيان اشهاره) الذي أعلن عن تشكيله مؤخراً بمشاركة عدد من المكونات والشخصيات السياسية الداعمة لما يسمى بمشروع اليمن الاتحادي.
وإذ يقود المجلس الانتقالي الجنوبي من خلال "الميثاق الوطني الجنوبي" تكتلا سياسياً يسعى لتحقيق اهداف وتطلعات شعب الجنوب المتمثلة في استعادة الجنوب دولة وهوية، فإنه يؤكد استعداده للحوار ومناقشة اي جهود لمواجهة خطر ومهددات مليشيا الحوثي الإرهابية.
وإذ يجدد المجلس الانتقالي الجنوبي تأكيده بأنه غير مشارك في هذا التكتل، وتذكيره بواقع وجود حالتين سياسيتين متمايزتين لكل منهما شعب وهوية وتطلعات، تستدعيان عدم التأثير على أي منهما سياسياً، فإنه يُعلن عدم التزامه بأي مخرجات او نتائج ليس مشاركاً فيها، او غير موافق عليها.
وينتهز المجلس الانتقالي الجنوبي، المناسبة للتشديد على ضرورة احترام الجميع للالتزامات الواردة في اتفاق الرياض والبيان الختامي للمشاورات التي رعتها دول مجلس التعاون الخليجي، والحرص على تماسك الشراكة القائمة، المتمثلة في مجلس القيادة الرئاسي، والهيئات المساندة، وحكومة المناصفة بين الجنوب والشمال.
*بن بريك يدعو السياسيين الشماليين لاحترام إرادة شعب الجنوب*
من جانبه، أكد نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي السابق، هاني بن بريك، في تغريدة له، أن استمرار الاجتماعات واللقاءات السياسية على أرض الجنوب يشكل استفزازاً لمشاعر الشعب الجنوبي الذي قدم التضحيات من شهداء وجرحى في سبيل قضيته.
وأشار بن بريك إلى أن إرادة الشعب الجنوبي في نيل استقلاله هي التي ستمضي، لافتاً إلى أن ذلك سيخدم مصالح المنطقة بأسرها، بما في ذلك الشمال. كما دعا السياسيين الشماليين إلى احترام الشعب الجنوبي وتجنب التصرفات الاستفزازية، مشدداً على أن الشعب قادر على الرد بشكل مناسب إذا استمرت هذه التصرفات، واصفاً إياها بأنها "قلة أدب".