وداعاً أبا الوليد.. أيها العابر الى المجد

وداعاً أبا الوليد.. أيها العابر الى المجد

وداعاً أبا الوليد.. أيها العابر الى المجد
2019-06-14 14:51:16
صوت المقاومة
ترك رحيلك يا حبيبنا سيف غصه في الحلق وقهر والم يدمي القلوب يا أبا الشهداء وصانع النصر الجنوبي المنشود.. وفي رثائك أشعر أن الكلمات بلا معنى والكتابة تنتحب أمام مهابة وحدث الاستشهاد وجسارة وصدى الموقف والاستبسال الذي كان له اكثر من دلاله ومعنى في المعركة الوطنية التي خضتها بجدارة مدهشه ومشرفه ستحفظها لك الاجيال كرجل استثنائي وقائد من الوزن الثقيل ومصدر فخرنا الى الابد.
كان آخر لقاء لي  مع الشهيد عقب المشاركة في اعمال الدورة الثانية للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي في المكلأ بعد ان سبقتها عدد من اللقاءات المتكررة في السنوات الأخيرة والتي منحتني فرصه أفضل لمعرفة القائد الشهيد عن قرب.
لقد عُرف الشهيد بدماثة الخلق والتواضع والوفاء وكل الصفات الطيبة التي جذبت الناس اليه ووضعته في مصاف القادة الأوائل والمميزين في الأداء والسلوك وحسن التعامل مع الجميع بدون استثناء. والحقيقة ان للشهيد تجربه حياتيه غنيه بالدروس والتجارب التي انعكست في مخيلته وصقلت قدراته وخبراته وعززت من مقدراته لخدمة الوطن بنجاح على الدوام حيث شغل مختلف الوظائف العليا العسكرية والإدارية والدبلوماسية على امتداد 
عقود التحق خلالها بالكلية العسكرية ودورات القادة العسكريين على مستوى الداخل والخارج ونال بجدارة خلال فترة خدمته اعلى الترقيات والوظائف الحساسة وفي مقدمتها الملحق العسكري للجنوب لدى السفارة في موسكو نهاية السبعينات وبداية الثمانينات ومديراً لمكتب وزير الدفاع في الجنوب على امتداد ثلاث حكومات متعاقبة.. ولاشك ان مواقع هامه كهذه قد منحته فرصة الحضور والمشاركة والمتابعة والاطلاع على تطورات شتى في مرحله هامه ومفصليه من تاريخ الدولة الجنوبية ومؤسستها الوطنية العملاقة القوات المسلحة مؤسساً ومواكباً لتاريخ تطورها وتأهيلها وتسليحها وعلاقتها بالمحيطين الاقليمي والدولي, فضلاً عن قربه من الصف القيادي الاول ومركز صنع القرار على مستوى الدولة. ويتخيل لي ان هذه المكانة قد جعلت منه امين سر المؤسسة العسكرية وارشيفها بدون منازع نتمنى ان يكون الشهيد قد سجل مذكراته لهذه المرحلة ليتسنى للجنوبيين الاطلاع عليها والاستفادة منها.. 
لقد فضل الشهيد البقاء بعيداً عقب حرب94محتفظاً بتاريخه وكبريائه وما أن ظهر حراك المؤسسة العسكرية الجنوبية, كان اسم الشهيد يتصدر فريق الفاعلين فيها عبر جمعية المتقاعدين الجنوبيين مقاوماً لكل اشكال القمع والاضطهاد التي مارستها سلطة صنعاء ضد هذه الخطوة الشجاعة التي تحولت شيئاً فشيئاً الى حراك جنوبي شامل وبمطالب سياسيه معروفه سقفها فك الارتباط واستعادة دوله الجنوب كاملة السيادة. 
وعندما ان تفجرت حرب العام 2015م ضد الجنوب بادر الشهيد طوعاً للانخراط في صفوف المقاومة كجندي من جنودها وصولاً الى تحرير الضالع والجنوب من الاحتلال الحوثي وقبول المهمة التي اوكلت اليه قائداً للواء الاول مقاومه دون ان يعطي وزناً لاستحقاقات الخدمة والاقدمية والعمر والتراتبية القيادية المعمول بها.. 
لقد حرص على القيام بمهامه الجديدة بضمير حي واحساس عالي بالمسئولية ونزاهة بمعزل عن الفساد ونهب حقوق الجنود وغذائهم وملبسهم وعدتهم وعتادهم كما يفعل البعض للأسف, ولا غرابة ان يحظى هذا السلوك الاستثنائي للشهيد باحترام وتقدير الجميع حتى اصبح مضرب المثل في النزاهة ونظافة اليد على مستوى الجنوب ككل..وقد سألته يوماً ما الذي حصل وما هذا الحب الذي يكنه لك الناس ودفع بعض الشباب المتحمس لصنع تمثال لك وأنت على قيد الحياه..  لقد شكرت هؤلاء الشباب في حينه وقلت لهم من يستحق التمثال هم قادتنا الاماجد عنتر ومصلح وشايع وغيرهم.. مع انه لم يحصل شيء ولم يتغير شيء على المستوى الشخصي ربما الزمان هو المتغير ومظاهر العبث القائمة ولو بفعل فاعل أما انا وغيري الكثيرين لم ولن تغيرنا السلوكيات الشاذة الغربية على مجتمعنا واخلاقياتنا وتقاليدنا وقناعاتنا التي تربينا عليها وصقلتها رفقة القائد الشهيد علي عنتر رحمه الله ومدرسته التي اعتز بها ايما اعتزاز.
 نعم ايها القائد الشهيد فرغم وجع الفراق والرحيل كان لنبأ استشهادك وقع مختلف وصحوة وطنية حاضرة في العقول والأفئدة لدى الاحرار والمناضلين والمقاومين ليس على مستوى الضالع فحسب وإنما على مستوى الجنوب بصفه عامه ..
 لقد ايقظ استشهادك الجميع ودفعهم الى مراجعة المواقف وتحديد المسئوليات لمواجهة مليشيات الحوثي وأعوانه  وتعزيز الاصطفاف الجنوبي وزياده الحشد والاقتداء بمأثرة استشهادك لتغيير معادلة الحرب وطبيعة المواجهة وصون الجنوب وترسيخ فعل النصر دون سواه وفاءً لك ولكل الشهداء ومن أجل تحقيق اهداف وتطلعات الجنوبيين عموماً
 ايها العابر الى المجد يا ابا الشهداء وعنوان تضحياتهم ايها الرمز الاسطوري المقاوم ففي واقعة استشهادك تتداخل مشاعر وقراءات عده لما لها من معاني ودلالات عميقه جمعت بين التضحية الفردية المشرفة وملاحم التضحية الوطنية التي تختزل صور ومشاهد قيميه اعمق عنوانها الوطن والهوية والحرية واستنهاض الهمم للذود عن الارض والعرض ..انها رسالة الشهيد الى قدماء المناضلين والمقاومين الشباب وافراد القوات المسلحة وكل ابناء للقيام بواجبهم وتقاسم مسئوليات وأعباء هذا الواجب من اجل استعادة دولة الجنوب على اساس من الوحدة الوطنية الجنوبية الشاملة.
نعم كنت كما عهدناك ايها الشهيد القائد سيف في المكان الذي اخترته لنفسك دفاعاً عن القيم والمبادئ التي آمنت بها منذ وقت مبكر مع كوكبة من المناضلين الأوائل ابطال حرب التحرير الاولى والاستقلال وبناء الدولة الجنوبية فقد تصدرت اسمائكم العناوين ولكم في القلوب والعقول مكانه خاصه نستنجد بها ونتعلم منها قيم الانتماء والهوية وتعميق الغيرة الوطنية لدى الابناء والاحفاد من اجل التصدي لكل الصعاب والمعارك المصيرية وفاءً لما قدمتموه ايها الاماجد في مسار الحياة ومعارك البطولة والشرف في مختلف المراحل.. مع الفارق طبعاً ان الشهيد سيف سكره قد كان له شرف المشاركة في معركة مصيرية سبق ان خاضها قبل ستة عقود عندما لبى النداء طوعاً, وعاود الرحلة النضالية مجدداً جنباً الى جنب مع المقاومين ليخوض حرباً ثانيه للتحرير ولانتزاع استقلال ثان للجنوب مجسداً بذلك اروع صفات النضال والثبات والإقدام, وليصبح وبحق بطلاً للاستقلالين والثورتين الجنوبيتين المجيدتين اكتوبر 1963م وثورة الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي لاستعادة دولة الجنوب والمستمرة حتى اللحظة وهي نفس المعركة التي اختتم بها الشهيد سيف مشواره النضالي المقاوم والمشرف كقائد للواء الاول مقاومه ضد العدوان الحوثي الايراني الدخيل الذي لن يكون مصيره الا الهزيمة دون سواها.
وداعاً ايها الشهيد والقائد الوطني الكبير.. وعدت فأوفيت وقدمت روحك الطاهرة فداءً للجنوب وللحرية والكرامة والهوية ودفاعاً عن أمن واستقرار المنطقة والأمه العربية ككل.. لقد سجلت في استشهادك أروع معاني التضحية وأنبل قيم الايثار والغيرة الوطنية التي ستتناقلها الاجيال ويعيد سردها التاريخ والروايات في أطهر مثل للاستبسال والمقاومة حيث ستشكل زاداً لنا عند كل موعد للحشد لمواجهة مختلف التحديات والصعاب حاضراً ومستقبلاً.. وفي هذا الارث والفخر الطيب والمشرف الذي تركته لنا يا حبيبنا الشهيد يكمن عزاؤنا وعزتنا نحن الجنوبيون ككل وقبل ذلك اسرتك وولديك وليد وباسل واخوانك عبد الحافظ وعبدالرزاق ومحمد وأولاد أخيك رياض ونايف وبسام وسائر آل العفيف جميعاً وابناء منطقتك ومؤسستك العسكرية.. تغمدك الله بواسع رحمته وغفرانه وأسكنك فسيح جناته والهمنا وأسرتك وأصدقائك ومحبيك وشعب الجنوب الصبر وإنا لله وإنا اليه راجعون.
               
   بقلم/ احمد عبدالله الاحمدي
                             عضو الجمعية الوطنية
           المجلس الانتقالي الجنوبي
عدن12/6/2019م